الجواب الاجمالي:
حسب التعالیم الإسلامیة فی القرآن إنّ التوبة والإنابة یمکن أن تکون أداة قاطعة وحازمة للإنفصال عن الماضی وبدء حیاة جدیدة، أو حتى یمکن أن تکون بمثابة (ولادة جدیدة) للتائب إذا تحققت بشرطها وشروطها وبهذا الشکل فإنّ القرآن الکریم یبقی أبواب اللطف الإلهی مفتّحة أمام کلّ الناس مهما کانت ظروفهم
الجواب التفصيلي:
من المشاکل التی تقف عائقاً فی طریق بعض المسائل التربوبة، هو إحساس الإنسان بعقدة الذنب من جرّاء الأعمال القبیحة السابقة التی إرتکبها، خاصة إذا کانت هذه الذنوب کبیرة، إذ إنّ الندم یستحوذ على ذهن الإنسان إن أراد التوجّه نحو الطهارة والتقوى والعودة إلى الله، فکیف یتخلص من أعباء الذنوب الکبیرة السابقة؟
هذا التفکیر یبقى کابوساً مخفیاً یرافقه کالظل، فکلّما خطا خطوة نحو تغییر منهاج حیاته وسعى نحو الطهارة والتقوى، تحدّثه نفسه: ما الفائدة من التوبة؟ فسلاسل أعمالک السابقة تطوّق یدیک ورجلیک، لقد اصطبغت ذاتک بلون الذنب، وهو لون ثابت ولا یمکن إزالته.
والمطلعون على مسائل التربیة ومعطیات توبة المذنبین یدرکون جیّداً ما ذکرناه، یعلمون حجم هذه المشکلة الکبیرة.
التعالیم الإسلامیة فی القرآن المجید حلّت هذه المشکلة عندما أفصحت عن أنّ التوبة والإنابة یمکن أن تکون أداة قاطعة وحازمة للإنفصال عن الماضی وبدء حیاة جدیدة، أو حتى یمکن أن تکون بمثابة (ولادة جدیدة) للتائب إذا تحققت بشرطها وشروطها، إذ تکرر الحدیث فی الروایات الإسلامیة بشأن بعض المذنبین التائبین، حیث ورد أن التائب یکون (کمن ولدته اُمه)(1)
وبهذا الشکل فإنّ القرآن الکریم یبقی أبواب اللطف الإلهی مفتّحة أمام کلّ الناس مهما کانت ظروفهم، والمثال على ذلک الآیات (قُلْ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ) التی تدعو المجرمین والمذنبین بلطف للعودة إلى الله، وتعدهم بإمکانیة محو الماضی.
ونقرأ فی روایة وردت عن رسول الله (صلى الله علیه وآله): «التائب من الذنب کمن لا ذنب له»(2).
کما ورد حدیث آخر عن الإمام الباقر(علیه السلام)جاء فیه: «التائب من الذنب کمن لا ذنب له، والمقیم على الذنب وهو مستغفر منه کالمستهزىء»(3).
ومن البدیهی أنّ هذه العودة لا یمکن أن تتمّ بدون قید أو شرط، لأنّ الباریء عزّوجلّ حکیم ولا یفعل شیئاً عبثاً، فإذا کانت أبواب رحمته مفتحة أمام عباده، ودعوته إیّاهم للتوبة مستمرة، فإنّ وجود الاستعداد عند العباد أمر لابدّ منه.
ومن جهة اُخرى یجب أن تکون عودة الإنسان صادقة، وأن تحدث انقلاباً وتغیراً فی داخله وأعماق ذاته.
ومن ناحیة ثانیة یجب أن یبدأ الإنسان بعد توبته باعمار وبناء اُسس الإیمان والعقیدة التی کانت قد دمّرت بعواصف الذنوب.
ومن ناحیة ثالثة، یجب أن یصلح الإنسان بالأعمال الصالحة عجزه الروحی وسوء خلقه، فکلّما کانت الذنوب السابقة کبیرة، علیه أن یقوم بأعمال صالحة أکثر وأکبر(4)
لا يوجد تعليق