الجواب الاجمالي:
قال ابن تيمية: (والفقهاء متنازعون في وجوب الصلاة على النبي (ص) في الصلاة، وجمهورهم لا يوجبها، ومن أوجبها يوجب الصلاة عليه دون آله، ولو أوجب الصلاة ثم قال: بل منهم من لا يوجب إلاّ الصلاة عليه دون آله كما هو معروف في مذهب الشافعي وأحمد، فعلى هذا لا تجب الصلاة على آله)، وهذا غير صحيح بشهادة أنّه ذكر في ذيل كلامه أنّ الوجوب معروف في مذهب الشافعي وأحمد. فمعنى هذا أنّ الاثنين من الأربعة قالا بالوجوب
الجواب التفصيلي:
يقول ابن تيمية: والفقهاء متنازعون في وجوب الصلاة على النبي (ص) في الصلاة، وجمهورهم لا يوجبها، ومن أوجبها يوجب الصلاة عليه دون آله، ولو أوجب الصلاة(1) ثم قال: بل منهم من لا يوجب إلاّ الصلاة عليه دون آله كما هو معروف في مذهب الشافعي وأحمد، فعلى هذا لا تجب الصلاة على آله(2)
نقول: إنّ قوله: بأنّ جمهور الفقهاء لا يوجبون الصلاة على النبي(ص) غير صحيح إذا أراد بالجمهور الأئمة الأربعة، بشهادة أنّه ذكر في ذيل كلامه أنّ الوجوب معروف في مذهب الشافعي وأحمد. فمعنى هذا أنّ الاثنين من الأربعة قالا بالوجوب دون مالك وأبي حنيفة. ثمّ إنّ الظاهر ممّا نقله ابن رشد في كتابه أنّ مالكاً وأبا حنيفة غير قائلين بوجوب التشهّد أصلاً، بل يوجبان الجلوس بمقدار التشهّد، قال ابن رشد: اختلفوا في وجوب التشهّد، وفي المختار منه، فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة إلى أنّ التشهد ليس بواجب(3) وعلى هذا فعدم إيجاب الصلاة على النبي لأجل عدم وجوب التشهّد من رأس.
و يقولون الفقهاء في المقام:
1. الشيخ الطوسي في «الخلاف»: الصلاة على النبي(ص) فرض في التشهّدين و ركن من أركان الصلاة(عند الإمامية)، وبه قال الشافعي في التشهّد الأخير، وبه قال ابن مسعود، وأبو مسعود البدري الأنصاري واسمه عقبة بن عمر، وابن عمر، وجابر، وأحمد، وإسحاق. وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه أنّه غير واجب.
ثمّ استدلّ الشيخ بما روى كعب بن عُجْرة، قال: كان رسول الله (ص) يقول في صلاته: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد. وقد قال النبي(ص): صلّوا كما رأيتموني أُصلّي. وروت عائشة قالت: سمعت رسول الله(ص) يقول: لا يقبل الله صلاة إلاّ بطهور، وبالصلاة عليّ(4)
2. ابن قدامة المقدسي الحنبلي(المتوفّى 620هـ): مسألة: ويتشهّد بالتشهّد و يصلّي على النبي(ص) فيقول: اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.
وجملته: أنّه إذا جلس في آخر صلاته فإنّه يتشهّد بالتشهد الذي ذكرناه، ثم يصلّي على النبي (ص) كما ذكر الخرقي. وهي واجبة في صحيح المذهب، وهو قول الشافعي وإسحاق، وعن أحمد أنّها غير واجبة ـ إلى أن قال: ـ وظاهر مذهب أحمد وجوبه، فإنّ أبا زرعة الدمشقي نقل عن أحمد أنّه قال: كنت أتهيب ذلك ثم تبيّنت فإذا الصلاة واجبة، فظاهر هذا أنّه رجع عن قوله الأوّل إلى هذا(5)
3. ابن كثير في تفسيره (وهو شافعي المذهب): فإنّا قد روينا وجوب ذلك والأمر بالصلاة على رسول الله(ص) في الصلاة كما هو ظاهر الآية، ومفسَّر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة منهم: ابن مسعود وأبو مسعود البدري وجابر بن عبد الله، ومن التابعين: الشعبي وأبو جعفر الباقر ومقاتل بن حيان، وإليه ذهب الشافعي لا خلاف عنه في ذلك ولا بين أصحابه أيضاً، وإليه ذهب الإمام أحمد أخيراً فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي به، وبه قال إسحاق بن راهويه والفقيه الإمام محمد بن إبراهيم المعروف بابن المواز المالكي رحمهم الله تعالى، حتى إنّ بعض الأئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلم كما علمهم أن يقولوا لمّا سألوا وحتى إنّ بعض أصحابنا أوجب الصلاة على آله، وممّن حكاه البندنيجي وسليم الرازي وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي(6)
هذا كلّه حول الصلاة على النبي (ص) بقي الكلام في الصلاة على آله.
الظاهر أنّه لم يقل بوجوب الصلاة على آله في الصلاة، إلا الشافعي وأحمد، في إحدى الروايتين عنه.
قال العلاّمة الحلي: وتجب الصلاة على آله (عليهم السلام) عند علمائنا أجمع، وأحمد في إحدى الروايتين، وبعض الشافعية ـ و للشافعية وجهان، وقيل: قولان ـ لأنّ كعب بن عُجْرة قال: كان رسول الله (ص) يقول في صلاته: «اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد»، فتجب متابعته لقوله(ع): «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي». وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله: «من صلّى صلاة ولم يصل فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تُقبل منه»، وقال الشافعي بالاستحباب للأصل، وهو ممنوع لثبوت المخرج منه(7)
نقول: الصلاة على النبي(ص) دون عطف «الآل» عليه صلاة مبتورة وقد نهى عنها النبي (ص)، فعلى ما سيوافيك من الروايات من كيفية الصلاة على النبي يلزم لزوم عطف الآل عليه في عامة الأوقات من غير فرق بين حال التشهد وغيره أخذاً بإطلاق الروايات.
قال سبحانه: «إنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»(الأحزاب:56).
ظاهر الآية هو تخصيص الصلاة على النبي(ص)، لكنّ تضافرت الروايات على ضمّ الآل إلى النبي(ص) عند التسليم والصلاة عليه، وقد جاء ذلك في الصحاح والمسانيد، نقتصر منها على ما يلي:
1. أخرج البخاري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عُجْرة، قال: ألا أُهدي لك هدية سمعتها من النبي(ص)، فقلت: بلى، فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الله(ص)، فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإنّ الله قد علّمنا كيف نسلم؟ قال: «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد; اللّهمّ بارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد»(8)
2. أخرج البخاري أيضاً، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله، هذا التسليم، فكيف نصلّي عليك؟ قال: «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد عبدك ورسولك، كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم»(9)
3. أخرج البخاري، عن ابن أبي حازم، عن يزيد، قال: «كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمّد وآل محمّد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم»(10)
4. أخرج مسلم، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: أتانا رسول الله(ص) ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعيد: أمرنا الله تعالى أن نصلّي عليك، يا رسول الله، فكيف نصلّي عليك؟ قال: فسكت رسول الله(ص) حتى تمنّينا أنّه لم يسأله. ثمّ قال رسول الله(ص): «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم»(11)
وأمّا حكم الصلاة على آل البيت في التشهد، فقال أكثر أصحاب الشافعي: إنّه سنّة.
وقال التربجي من أصحابه: هي واجبة، ولكن الشعر المنقول عنه يدلّ على وجوبه عنده، وتؤيده رواية جابر الجعفي (الذي كان من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، وفي طبقة الفقهاء)، عن أبي جعفر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله(ص): «من صلّى صلاة لم يصل فيها عليّ ولا أهل بيتي لم تقبل منه»(12)
وجابر الجعفي ممّن ترجمه ابن حجر في تهذيبه، ونقل عن سفيان في حقّه: ما رأيت أورع في الحديث منه، وقال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكّوا في أنّ جابراً ثقة. وقال سفيان أيضاً لشعبة: لأن تكلَّمت في جابر الجعفي لأتكلمنَّ فيك. إلى غير ذلك(13)
قال ابن حجر: أخرج الدارقطني والبيهقي حديث من صلّى صلاة ولم يصل فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه، وكأنّ هذا الحديث هو مستند قول الشافعي: إنّ الصلاة على الآل من واجبات الصلاة، كالصلاة عليه(ص)، لكنّه ضعيف، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه، قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، والأمر للوجوب حقيقة على الأصحّ(14)
وقال الفخر الرازي: إنّ الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهّد في الصلاة، وقوله: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، وارحم محمّداً وآل محمّد. وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل، فكلّ ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمّد واجب(15)
وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى: «قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُربى»(شوري:23) كفى شرفاً لآل رسول الله(ص) وفخراً ختم التشهّد بذكرهم والصلاة عليهم في كلّ صلاة(16)
وروى محب الدين الطبري في الذخائر عن جابر بن عبد الله الأنصاري(رضي الله عنه)أنّه كان يقول: لو صلّيت صلاة لم أُصلِّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنّها تقبل(17)
وفي الختام ننقل هنا ما ذكره الرازي، قال: أهل بيته ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهّد، وفي السلام، والطهارة، وفي تحريم الصدقة، وفي المحبّة(18).(19)
نقول: إنّ قوله: بأنّ جمهور الفقهاء لا يوجبون الصلاة على النبي(ص) غير صحيح إذا أراد بالجمهور الأئمة الأربعة، بشهادة أنّه ذكر في ذيل كلامه أنّ الوجوب معروف في مذهب الشافعي وأحمد. فمعنى هذا أنّ الاثنين من الأربعة قالا بالوجوب دون مالك وأبي حنيفة. ثمّ إنّ الظاهر ممّا نقله ابن رشد في كتابه أنّ مالكاً وأبا حنيفة غير قائلين بوجوب التشهّد أصلاً، بل يوجبان الجلوس بمقدار التشهّد، قال ابن رشد: اختلفوا في وجوب التشهّد، وفي المختار منه، فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة إلى أنّ التشهد ليس بواجب(3) وعلى هذا فعدم إيجاب الصلاة على النبي لأجل عدم وجوب التشهّد من رأس.
و يقولون الفقهاء في المقام:
1. الشيخ الطوسي في «الخلاف»: الصلاة على النبي(ص) فرض في التشهّدين و ركن من أركان الصلاة(عند الإمامية)، وبه قال الشافعي في التشهّد الأخير، وبه قال ابن مسعود، وأبو مسعود البدري الأنصاري واسمه عقبة بن عمر، وابن عمر، وجابر، وأحمد، وإسحاق. وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه أنّه غير واجب.
ثمّ استدلّ الشيخ بما روى كعب بن عُجْرة، قال: كان رسول الله (ص) يقول في صلاته: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد. وقد قال النبي(ص): صلّوا كما رأيتموني أُصلّي. وروت عائشة قالت: سمعت رسول الله(ص) يقول: لا يقبل الله صلاة إلاّ بطهور، وبالصلاة عليّ(4)
2. ابن قدامة المقدسي الحنبلي(المتوفّى 620هـ): مسألة: ويتشهّد بالتشهّد و يصلّي على النبي(ص) فيقول: اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.
وجملته: أنّه إذا جلس في آخر صلاته فإنّه يتشهّد بالتشهد الذي ذكرناه، ثم يصلّي على النبي (ص) كما ذكر الخرقي. وهي واجبة في صحيح المذهب، وهو قول الشافعي وإسحاق، وعن أحمد أنّها غير واجبة ـ إلى أن قال: ـ وظاهر مذهب أحمد وجوبه، فإنّ أبا زرعة الدمشقي نقل عن أحمد أنّه قال: كنت أتهيب ذلك ثم تبيّنت فإذا الصلاة واجبة، فظاهر هذا أنّه رجع عن قوله الأوّل إلى هذا(5)
3. ابن كثير في تفسيره (وهو شافعي المذهب): فإنّا قد روينا وجوب ذلك والأمر بالصلاة على رسول الله(ص) في الصلاة كما هو ظاهر الآية، ومفسَّر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة منهم: ابن مسعود وأبو مسعود البدري وجابر بن عبد الله، ومن التابعين: الشعبي وأبو جعفر الباقر ومقاتل بن حيان، وإليه ذهب الشافعي لا خلاف عنه في ذلك ولا بين أصحابه أيضاً، وإليه ذهب الإمام أحمد أخيراً فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي به، وبه قال إسحاق بن راهويه والفقيه الإمام محمد بن إبراهيم المعروف بابن المواز المالكي رحمهم الله تعالى، حتى إنّ بعض الأئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلم كما علمهم أن يقولوا لمّا سألوا وحتى إنّ بعض أصحابنا أوجب الصلاة على آله، وممّن حكاه البندنيجي وسليم الرازي وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي(6)
هذا كلّه حول الصلاة على النبي (ص) بقي الكلام في الصلاة على آله.
الظاهر أنّه لم يقل بوجوب الصلاة على آله في الصلاة، إلا الشافعي وأحمد، في إحدى الروايتين عنه.
قال العلاّمة الحلي: وتجب الصلاة على آله (عليهم السلام) عند علمائنا أجمع، وأحمد في إحدى الروايتين، وبعض الشافعية ـ و للشافعية وجهان، وقيل: قولان ـ لأنّ كعب بن عُجْرة قال: كان رسول الله (ص) يقول في صلاته: «اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد»، فتجب متابعته لقوله(ع): «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي». وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله: «من صلّى صلاة ولم يصل فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تُقبل منه»، وقال الشافعي بالاستحباب للأصل، وهو ممنوع لثبوت المخرج منه(7)
نقول: الصلاة على النبي(ص) دون عطف «الآل» عليه صلاة مبتورة وقد نهى عنها النبي (ص)، فعلى ما سيوافيك من الروايات من كيفية الصلاة على النبي يلزم لزوم عطف الآل عليه في عامة الأوقات من غير فرق بين حال التشهد وغيره أخذاً بإطلاق الروايات.
قال سبحانه: «إنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»(الأحزاب:56).
ظاهر الآية هو تخصيص الصلاة على النبي(ص)، لكنّ تضافرت الروايات على ضمّ الآل إلى النبي(ص) عند التسليم والصلاة عليه، وقد جاء ذلك في الصحاح والمسانيد، نقتصر منها على ما يلي:
1. أخرج البخاري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عُجْرة، قال: ألا أُهدي لك هدية سمعتها من النبي(ص)، فقلت: بلى، فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الله(ص)، فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإنّ الله قد علّمنا كيف نسلم؟ قال: «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد; اللّهمّ بارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد»(8)
2. أخرج البخاري أيضاً، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله، هذا التسليم، فكيف نصلّي عليك؟ قال: «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد عبدك ورسولك، كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم»(9)
3. أخرج البخاري، عن ابن أبي حازم، عن يزيد، قال: «كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمّد وآل محمّد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم»(10)
4. أخرج مسلم، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: أتانا رسول الله(ص) ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعيد: أمرنا الله تعالى أن نصلّي عليك، يا رسول الله، فكيف نصلّي عليك؟ قال: فسكت رسول الله(ص) حتى تمنّينا أنّه لم يسأله. ثمّ قال رسول الله(ص): «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم»(11)
وأمّا حكم الصلاة على آل البيت في التشهد، فقال أكثر أصحاب الشافعي: إنّه سنّة.
وقال التربجي من أصحابه: هي واجبة، ولكن الشعر المنقول عنه يدلّ على وجوبه عنده، وتؤيده رواية جابر الجعفي (الذي كان من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، وفي طبقة الفقهاء)، عن أبي جعفر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله(ص): «من صلّى صلاة لم يصل فيها عليّ ولا أهل بيتي لم تقبل منه»(12)
وجابر الجعفي ممّن ترجمه ابن حجر في تهذيبه، ونقل عن سفيان في حقّه: ما رأيت أورع في الحديث منه، وقال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكّوا في أنّ جابراً ثقة. وقال سفيان أيضاً لشعبة: لأن تكلَّمت في جابر الجعفي لأتكلمنَّ فيك. إلى غير ذلك(13)
قال ابن حجر: أخرج الدارقطني والبيهقي حديث من صلّى صلاة ولم يصل فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه، وكأنّ هذا الحديث هو مستند قول الشافعي: إنّ الصلاة على الآل من واجبات الصلاة، كالصلاة عليه(ص)، لكنّه ضعيف، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه، قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، والأمر للوجوب حقيقة على الأصحّ(14)
وقال الفخر الرازي: إنّ الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهّد في الصلاة، وقوله: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، وارحم محمّداً وآل محمّد. وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل، فكلّ ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمّد واجب(15)
وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى: «قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُربى»(شوري:23) كفى شرفاً لآل رسول الله(ص) وفخراً ختم التشهّد بذكرهم والصلاة عليهم في كلّ صلاة(16)
وروى محب الدين الطبري في الذخائر عن جابر بن عبد الله الأنصاري(رضي الله عنه)أنّه كان يقول: لو صلّيت صلاة لم أُصلِّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنّها تقبل(17)
وفي الختام ننقل هنا ما ذكره الرازي، قال: أهل بيته ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهّد، وفي السلام، والطهارة، وفي تحريم الصدقة، وفي المحبّة(18).(19)
لا يوجد تعليق