الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
کان القدماء یعرفون القدر الیسیر عن حیاة النحل، أمّا الیوم ونتیجة لدراسات العلماء الواسعة فقد تبیّن أنّ للنحل حیاة منظّمة جدّاً ویتخللها: تقسیم أعمال، توزیع مسؤولیات، وبرنامج عمل دقیق جدّاً.
ومدینة النحل: أکثر المدن نظافة، وأکثرها نظاماً، کلّها عمل... إنّها مدینة على خلاف کل مدن البشر، فلیس فیها بطالة ولا فقر، والکلّ یعیش حیاة تمدن جمیل... وکلّ أفراد المدینة یخضعون لقوانینها ولا ترى مخالفاً للضوابط القانونیة ولا مقصّراً فی عمله إلاّ ما ندر، وإذا ما حدث ذلک کأن تذهب إحدى النحلات إلى وردة کریهة الرائحة وتمتص رحیقها، فإنّها ستخضع للتفتیش عند أعتاب المدینة ثمّ تحاکم فی محکمة صحراویة، ویحکم علیها بالموت کما هو المعروف فی عقوبة إرتکاب مثل هذه الأخطاء!
یقول (مترلینک) عالم البیئة البلجیکی الذی أجرى العدید من الدراسات حول حیاة النحل والنظام العجیب الذی یحکم مدنها: إنّ ملکة النحل (أو على الأصح اُمُّ الخلیّة) لا تعیش فی مدینتها، کما نتصور من سلطتها وإصدارها الأوامر، بل هی کسائر أفراد هذه المدینة فی إطاعتها للقواعد والأنظمة الکلّیة السائدة، إنّنا لا نعلم کیف وضعت هذه القوانین والأنظمة، وننتظر أن نفهم هذا الأمر یوماً ما، ونعرف واضع هذه المقررات، إلاّ أنّنا نسمیه مؤقتاً (روح الخلیة)!!
إنّ الملکة تطیع روح الخلیة شأنها شأن بقیة الأفراد.
إنّنا لا نعلم أین توجد روح هذه الخلیة؟ وفی أىّ فرد من سکنة مدینة النحل قد حلّت؟
إلاّ أنّنا نعلم أنّ روح الخلیة لیست شبیهة بغریزة الطیور، ونعلم أیضاً أنّ روح الخلیّة لیست عادة وإرادة عمیاء تحکم عنصر ونوع النحل، إنّ روح الخلیة تقوم بتحدید وظیفة کلّ فرد من أفراد الخلیة وفق استعداده، وتوجّه کل واحد منها نحو عمل معیّن.
إنّ روح الخلیة تأمر النحل المهندس والبنّاء والعامل ببناء البیوت، وهی التی تأمر سکنة المدینة جمیعاً بالهجرة منها فی یوم معیّن وساعة معینة، وتتجه نحو حوادث ومشاق غیر معلومة من أجل تحصیل مسکن ومأوى جدید!
إنّنا لا نستطیع أن نفهم فی أىّ مجمع شورى قد طرحت قوانین مدینة النحل التی وضعتها روح الخلیّة واتخذ قرارها بتنفیذها؟ مَنْ یصدر الأمر بالحرکة فی الیوم المعیّن؟
نعم، إنّ فی الخلیة مقدمات هجرة من أجل إطاعة الإلـه الذی بیده مصیر النحل(1)
إنّ العالم المذکور قد واجه الإبهام فی فهم هذه المسألة، لما علقت فی ذهنه من ترسبات الفکر المادی!
ولکننا نفهم بیسر من أین جاءت تلک القوانین والبرامج؟ ومَنْ الآمر بها؟ وذلک من خلال الإستهداء بنور القرآن.
ما أجمل ما عبّر عنه القرآن حین قوله: (وأوحى ربّک إلى النحل)!(2)
لا يوجد تعليق