إنّ علم الغیب بالذات، وبصورته المستقلة والمطلقة غیر المحدودة، خاصّ بالله سبحانه، وکل علوم الآخرین مُسترفدة من علمه تعالى، ولکن مسألة تاریخ وقوع القیامة مستثناة من هذا الأمر أیضاً، ولا یعلم بها أحد «إلاّ الله»
إنّنا عند الولادة نکون فی غفلة عن کلّ شیء حتى عن أنفسنا التی بین جنبینا،
إلاّ أنّ مسألة إدراک الحقائق تکمن فینا بصورة القوّة لا الفعل، وبالتدریج
تحصل لأعیننا وآذاننا وعقولنا القدرة على الإدراک والتجزئة والتحلیل، وبواسطتها نستطیع أن ندرک التصورات ونودعها فی العقل لننشیء مفاهیم
کلیّة، ثمّ نصل إلى الحقائق العقلیة بطریق (التعمیم) و(التجرید) وتصل
قدرتنا الفکریة إلى إدراک أنفسنا (باعتبارها علماً حضوریاً) ثمّ تتحرر
العلوم التی اُودعت فینا قوّةً لتصبح علوماً بالفعل
إذا أخذنا بعين الاعتبار كل من: الف: البکاء من وجهة نظر العقل و العلم، حيث یمثل البکاء حاجة من حاجات الانسان ذات القیمة المهمة فی مجال البناء و الاعداد. ب- البکاء من وجهة نظر الشرع، والتي يمكن فهمها من خلال: 1. البکاء فی القرآن الکریم ـ كبكاء يعقوب على فراق يوسف 2. سیرة النبی الاکرم (ص) و أهل بیته الطاهرین (ع) و سائر المسلمین، فلا ریب أنهم کانوا یبکون على فراق الاعزة من الاهل و الشهداء فلا جرم أن النتيجة ستكون جواز البكاء على الميت حسب العقل والنقل
إن الله سبحانه یجد المصلحة أن یطلع عباده وأولیاءه على قسم من أسرار الغیب، ولکن هذا العلم لا هو علم ذاتی ولا غیر محدود، بل هو من تعلیم الله وهو محدود بمقدار ما یریده الله. ولیس الإطلاع على علم الغیب من قبل الله خاصاً بالأنبیاء أو الأئمّة فقد یطلع الله غیر النّبی والأئمّة على غیبه أیضاً... كما في قصة أم موسى عليه السلام
إنّ العلوم البدیهیة والضروریة والفطریة لم تکن فی الإنسان بصورة فعلیة حین ولادته، وإنّما على شکل استعداد ووجود بالقوّة، وبالتدریج تحصل لأعیننا قوّة النظر ولآذاننا قوة السمع ولعقولنا القدرة على الإدراک والتجزئة والتحلیل، فننعم بهذه العطایا الإلهیّة الثلاث التی بواسطتها نستطیع أن ندرک کثیراً من التصورات ونودعها فی العقل لکی ننشیء منها مفاهیم کلیّة
إنّ العلم من وجهة نظر الإسلام لا یعرف حدّاً، وزیادة الطلب فی کثیر من الاُمور مذمومة إلاّ فی طلب العلم فانّها ممدوحة، والإفراط قبیح فی کلّ شیء
إلاّ فی طلب العلم. فالعلم لیس له حدّ مکانی، فیجب الإجتهاد لتحصیله ولو کان فی الصین أو الثریا، ولیس له حدّ زمانی فهو یستمرّ من المهد إلى اللحد. فإنّ الحکمة ضالّة المؤمن أینما وجدها أخذها
اخطأ من فهم أو استنتج من الحديث المنقول عن النبي (إن الميت يعذب ببكاء أهله) النهي عن البكاء على الموتى، ولم يفهم مغزى هذا الحديث من المناسب البحث و التحقیق حول المصادر الروائیة، ففی الوقت الذی نرى فیه الوهابیة تحرم ذلک، نرى فی المقابل أن العقل لا یمنع ذلک، كما أن الاحادیث الواردة فی مصادر الفریقین تؤکد على البکاء على المیت وقد حدثتنا عن البکاء على الشهداء ومنهم حمزة عم النبی (ص) و کذلک بکاء النبی على أمة، و غیر ذلک من الشواهد الکثیرة التی تدل على بکاء النبی (ص) و أهل بیته و أصحابه المیامین.