الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
إن الإسلام وضع قانوناً یتطابق مع فطرة البشر، لیلبّی جمیع الحاجات الواقعیة له، ولا یمکن أن لا تدرج مسألة الزواج المؤقت فی أحکامه، و واضح أنّ الزواج المؤقت جاء فی القرآن الکریم (سورة النساء: 24) والأخبار النبویة، وانکاره اجتهاد فی مقابل النص.
الملفت للنظر أنّ أکثر المنکرین للزواج المؤقت من أهل السنّة، اضطرّوا تدریجیاً و بسبب وقوع بعض الضغوطات على الشبّان وغیرهم من الأشخاص المحرومین، إلى القبول بنوع یشبه الزواج المؤقت یسمى «زواج المسیار» ومع أنّهم لم یطلقوا علیه الزواج المؤقت، إلّا أنّه لا یوجد أی اختلاف معه، وبالتالی فهو یجیز للشخص المضطر، الزواج من امرأة بشکل دائم حتى وإن نوى الطلاق بعد فترة قصیرة، و اشترط سقوط النفقة وحق المبیت والإرث، و هو فی الواقع یشبه الزواج المؤقت بشکل کبیر، باستثناء الانفصال، فإنّه هنا یتحقق بالطلاق، و فی الزواج المؤقت یتحقق إمّا بهبة المدّة المتبقیة أو انتهاء المدّة المقررة، ولکلا النوعین من الزواج زمان محدد قد أخذ بعین الاعتبار منذ البدایة.
والجمیل فی الأمر أنّ بعض الشبّان من أهل السنّة قاموا أخیراً وبسبب المشاکل والضغوط التی تواجههم فی طریق الزواج الدائم، وجهوا هذا السؤال بالاتصال من خلال الشبکة العنکبوتیة (الانترنیت): هل هناک مانع فی مسألة الزواج المؤقت من الأخذ بفتوى الشیعة؟
وقلنا: إنّه لا مانع أبداً بدلیل: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَةً)[1].
و عمل به مجموعة من الأصحاب، وقال الإمام علی (علیه السلام): «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شقی»[2].
إلّا أنّ مجموعة أخرى تدّعی أنّ هذا الحکم الإسلامی قد نسخ، و لا یملکون أی دلیل مقنع على هذا النسخ.
فهؤلاء الذین ینکرون الزواج المؤقت، یقبلون بزواج المسیار، فهم وإن لم یقبلوا بعنوانه، ولکنهم فی الواقع قد قبلوا به.
نعم الضرورات التی تواجه الإنسان قد تجبره على قبول الأمور الواقعیة، حتى وإن اختلفت العناوین.
و بناءً على هذه النتیجة ومع إصرارهم ومخالفتهم للزواج المؤقت فهم یقومون- من حیث یعلمون أو لا یعلمون- بتمهید الطریق للفحشاء، إلا إذا اقترحوا نوعاً آخر مشابهاً کما هو الحال فی زواج المسیار، و لأجل هذا جاءت روایات أهل البیت (علیهم السلام) «لولا مخالفتهم للزواج المؤقت الإسلامی لما ابتلیَ أحد بالزنا»[3]
ومع هذا قاموا بتشویه موضوع الزواج المؤقت الذی شرّع للضرورات وتلبیة حاجة المحرومین، وأظهروه بصورة قبیحة، وبهذا مهدوا لانتشار الفساد بالزنا فی المجتمع الإسلامی، فهم فی الواقع شرکاء المذنبین فی ارتکاب المعصیة؛ لأنّهم منعوا الناس من الاستفادة الصحیحة من الزواج المؤقت[4]
قام بعض المنکرین وبدون علم، بتعریف الزواج المؤقت تعریفاً غیر مناسب، و مازالوا، حیث جعلوه مرادفاً «للاعتراف الرسمی بالفحشاء والإباحیة والحریة الجنسیة » فقد احتمل بعضهم أنّه إذا کان العقد المؤقت جائزاً فیصعب التفریق بین النکاح والزنا، لأنّ أی رجل بإمکانه أن یدعی عندما یضبط مع امرأة أنّه متزوج منها زواجاً مؤقتاً، وهذا یؤدّی إلى انتشار الزنا.
وهذا التصور ضعیف جدا، لأنّه على العکس تماماً، لأنّ منع عقد المتعة هو الذی یساعد على انتشار الزنا وعدم العفاف؛ فالکثیر من الشبّان لا یملکون القدرة على الزواج الدائم، أو أنّ أزواجهم بعیدات عنهم، فهم على مفترق طریقین، إمّا الزواج المؤقت أو الزنا، فصدهم عن الزواج المؤقت- المنظم والمخطط له بشکل صحیح- سیؤدّی إلى سقوطهم فی دائرة المعصیة والانغماس فی الزنا وعدم العفاف.
ولو کان هؤلاء الجاهلون من العوام لکان الأمر سهلًا، ولکن للأسف هناک بعض علماء الدین من أهل السنّة من یؤیّد هذه التهمة الخطیرة. وأنا على یقین من أنّهم لم یکلفوا أنفسهم بقراءة کتب الموافقین للزواج المؤقت، و لعلهم لم یقرأوا حتى سطراً واحداً، و هذا ممّا یؤسف له کثیراً[5]
و نحن مضطرون فی هذا المختصر لبیان الزواج المؤقت و شروطه، و بیان الفرق بینه وبین الزواج الدائم بشکل واضح، حتى تتم الحجة الإلهیّة على الجمیع:
إنّ أغلب الشروط والأحکام الموجودة فی الزواج المؤقت هی نفسها موجودة فی الزواج الدائم:
1. یجب حصول الرضا من قبل الرجل والمرأة بالزواج مع کامل الحریة، وبدون إجبار أحد الطرفین للآخر.
2. یجب أن تکون الصیغة فی العقد بلفظ" أنکحت" أو" زوجت" أو بلفظ «متعت» ولا یصح بألفاظ أخرى.
3. یشترط إذن الولی إذا کانت الزوجة باکراً، ولا یشترط ذلک إذا لم تکن باکراً، أی ثیباً.
4. لابدّ من تعیین المدّة والمهر بشکل دقیق، و إذا لم تذکر المدّة لنسیان سیتحول العقد إلى عقد دائم، بناءً على فتوى الکثیر من الفقهاء الشیعه، و هذا دلیل على أنّ ماهیة کلا النوعین من النکاح واحدة باستثناء الفرق الوحید، و هو ذکر المدة أو عدم ذکرها. فتأمّلوا.
5. انتهاء المدّة بمنزلة الطلاق، ویجب على المرأة أن تعتد بعدها مباشرة، هذا إذا دخل بها.
6. عدّة العقد الدائم ثلاثة قروء، وبرؤیة القرء الثالث تکتمل العدّة، ولکن عدة العقد المؤقت قرءان لا أکثر.
7. الأولاد المولودون من العقد المؤقت هم أولاد شرعیون، ولهم جمیع أحکام الأولاد المولودین من العقد الدائم- بلا استثناء- ویرثون من الأب و الأم و الأخوة وجمیع الأقرباء، ولا یوجد أی فرق بین أولاد هذین النوعین من ناحیة الحقوق.
8. أولاد العقد المؤقت یجب أن یکونوا تحت کفالة الأب والأم، ویجب دفع النفقة وجمیع مصاریفهم- کما هی الحال مع أولاد العقد الدائم[6]
ولعلّ بعضهم عندما یسمع هذا الکلام یستغرب کثیراً، إنّهم على حق؛ لأنّ أذهانهم غیر سلیمة و عامیة فیما یتعلق بالعقد المؤقت، و لعلهم یعتقدون بأنّه زواج غیر رسمی و غیر کامل، وهو خارج عن حدود القوانین. و فی الواقع هو لیس کذلک مطلقاً بل هو عقد شرعی موافق للکتاب والسنة[7]
لا يوجد تعليق