التوسل يعنى الإستعانة بمن له الوجاهة عند الله من أجل نیل المطلوب، وهو الذی یکون شفیعاً عند الله وبواسطته یصل الانسان الى مناه کما یوسط عند الملک اصدقائه واقربائه واصحاب القدرة والخواص فی اغلب الحالات
ان مالک بن انس صریح فی حدیثه حیث قال: ان طلب الشفاعة من النبی (صلى الله علیه وآله) فی عالم البرزخ وبعد الوفاة امر مطلوب وعلى عکس ما یذهب الیه الوهابیین من ان الاستشفاع شرک فان مالک یقول: انه وسیلتک وواسطتک واستشفع به
للّه سبحانه في هذا العالم أسباب و علل لم يصل إليها البشر مع ما بذل من الجهود، ثمّ إنّ الاَسباب تنقسم إلى طبيعية ومادية وإلى غيبية وإلهية، أمّا الاَوّل فالنظام الكائن مبني على العلل والاَسباب الطبيعية وتأثير كلّ سبب طبيعي ومادي بإذن اللّه سبحانه، غير انّ المادي ينظر إلى هذه الاَسباب بنظرة استقلالية ولكن الاِلهي ينظر إليها نظرة تبعية قائمة باللّه سبحانه، موَثرة بإذنه، فذو القرنين يتمسك بالاَسباب الطبيعية في إيجاد السد أمام يأجوج ومأجوج ويستعين بالاَسباب ولا يراها مخالفاً للتوحيد: (آتُوني زُبَرَ الْحَديد حَتّى إِذا سَاوى بَيْنَ الصَّدَفَيْن قالَ انْفُخُوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُوني أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً* فَما اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً* قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبّي حَقّاً)، وهذا موسى الكليم استغاثه بعض شيعته فأجابه دون أن يخطر ببال أحد انّ الاستغاثة لا تجوز إلاّ باللّه: (... فَاستَغاثَهُ الَّذي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقضى عَلَيْهِ)) وما هذا إلاّ لاَنّ موسى وشيعته تعتقد بأنّ المغيث إنّما يغيث بقوة وإذن منه سبحانه، فلا مانع من طلب النجدة والاستغاثة والاستعانة من الاَحياء شريطة القيد المذكور
التبرّك في مفهومه الاصطلاحي يراد به طلب البركة عن طريق أشياء أو معان ميّزها الله تعالى بمنازل ومقامات خاصة، وآثرها بعنايته على سواها. كما في مسّ يد النبي(ص) تيمّناً ببركتها، أو المسح على بعض آثاره الشريفة بعد وفاته.. وهذا هو المراد بالتبرّك، مدار البحث، وأيّاً كان فإن مصدره إنمّا هو البركة التي خصّ الله تعالى بها أشياء أو أشخاصاً دون آخرين. ان الفیض الالهی ینال العباد فی بعض الحالات عن طرق غیر عادیة، وذلک فی الوقت الذی تتعلق الارادة الالهیة بقضاء حاجة الانسان المؤمن عن طریق التبرک بالنبی أو بآثاره المتبقیة عنه. وتؤکد هذه الحقیقة آیات القرآن الکریم والروایات الکثیرة. وبالاضافة الى الآیات والروایات فلیس هناک من مانع عقلی یمنع من تأثیر آثار الانبیاء والصالحین فی قضاء حاجات الناس
ان جوهر دعوى من یدعی ان طلب الدعاء من المیت شرک هو ان هؤلاء یعتقدون ان موت الانبیاء والاولیاء (علیهم السلام) نهایة حیاتهم ولا یتصورون لهم حیاة برزخیة فی ان الشهداء والانبیاء والاولیاء وحتى المجرمین احیاء بعد الممات فلا ضير في جواز التوسل بهم وطلب الشفاعة منهم
ان المشرکین کانوا یعبدون الاصنام ولم یتوقف الامر فی عبادتهم على طلب الحاجة وذکرها إیاهم وانما کانوا یعتبرونها الإله ومدبر شؤون الکون، كما یعتقد المشرکون ان تدبیر الامور خول الى الآلهة وان تدبیر امور العالم بعد خلق الکون خول الى الملائکة والاجنةفلا يجوز بكل الصور والأحوال أن تعد عبادة الأصنام ضرباً من التوسل