الجواب الاجمالي:
ان المشرکین کانوا یعبدون الاصنام ولم یتوقف الامر فی عبادتهم على طلب الحاجة وذکرها إیاهم وانما کانوا یعتبرونها الإله ومدبر شؤون الکون، كما یعتقد المشرکون ان تدبیر الامور خول الى الآلهة وان تدبیر امور العالم بعد خلق الکون خول الى الملائکة والاجنةفلا يجوز بكل الصور والأحوال أن تعد عبادة الأصنام ضرباً من التوسل
الجواب التفصيلي:
اولاً: ان المشرکین کانوا یعبدون الاصنام ولم یتوقف الامر فی عبادتهم على طلب الحاجة وذکرها إیاهم وانما کانوا یعتبرونها الاله ومدبر شؤون الکون وهناک بعض الآیات القرآنیة تشیر الى هذه الظاهرة: 1. (اذ قالَ لِاَبیهِ وَ قَوْمِهِ ما هذِهِ الّتماثیلُ الَّتى اَنتُمْ لَها عاکِفونَ)(1)
2. (قالُوا وَجَدنا آباءَ فالْها عابِدینَ)(2) قالَ بَلْ رَبُّکُم رَبُّ السَّموات والارضِ الَّذى فَطَرَ هُنَّ واَنا عَلى ذلِکُم مِنَ الشاهدینَ
3. (قال اَفَتَعبُدونَ مِن دُونَ اللّهِ ما لا ینَفَعُکُم شیئنا ولا یَضُرُّکُم(3)
وعند التدقیق فی الآیات المذکورة نجد ان اکثر المشرکین حسب التعبیر القرآنی کانوا یشرکون بعبادة الله تعالى سیما مشرکین مکة ویعبودن غیر الله تعالى ویسجدون للآلهة ویقدمون لها القربان ولهذا السبب یأمر الله تعالى نبیه (صلى الله علیه وآله) فی سورة الکافرون:
(قل یا ایُّها الکافِرون * لا اَعبُدُ ما تَعبدونَ * و لا انتُم عابِدونَ ما اعبُدُ * و لا انَا عابِدُ عَبَدتُم)(4)
وعلى ما تقدم فان عبادة المشرکین للآلهة المتعددة لم تکن تقتصر على طلب احتیاجاتهم وان کان طلب الاحتیاجات من ضمنها، وان الحکم على شرکهم لم یکن من باب انهم کانوا یطلبون منها الحاجات اذ ان طلب الحاجة من الانسان لیست شرک والا لکان الناس کلهم مشرکون لانهم یطلبون من بعضهم الآخر الحاجیات.
ثانیاً: یعتقد المشرکون ان تدبیر الامور خول الى الآلهة وان تدبیر امور العالم بعد خلق الکون خول الى الملائکة والاجنة وکانوا یجسدونها بالتماثیل والصور ویخضعون لها وبسبب هذا الاعتقاد کان الاعراب فی عصر الجاهلیة یصنعون تماثیل ویرسمون صوراً للملائکة أو البعض کان یعبد المجرات والاجرام السماویة معتقداً انها مسیرة الامور.
انهم کانوا یعتقدون ان الاحجار والاخشاب المصنوعة بایدیهم صوراً وتماثیلاً للارواح والملائکة أو الموجودات الاخرى التی هی تدبر وتؤثر فی نظام الکون وتسییرها.
نعم انهم یعتقدون ان اصل الخلق هو الله تعالى الا انهم یرون ان الله تعالى بعد الخلق خول کل الامور الى الآلهة متعددین وعلى هذا فیجب عبادتها ومما تقدم فان المشرکین لم یکونوا مشرکین فقط وانما کانوا یعتقدون بوجود شریک لله تعالى فی مسألة الربوبیة وتدبیر شؤون الکون.
وبما انهم کانوا یعتقدون بتعدد الآلهة کانوا یطلبون احتیاجاتهم وطلباتهم من الآلهة المخصصة لهذا الامر. فمثلاً کانوا یطلبون المسائل المتعلقة بالزواج والمسائل الزوجیة من الصنم المخصص لهذا الامر ویتقدمون له بالطلب ویعتقدون ان حل المشکلة أو تلبیة الحاجات خولت للملک أو الروح المخصصة لذلک وهو من یستطیع ان یحلها ویلبیها وبما ان الملک او الجن غیر قابل المنال یتقدمون باحتیاجاتهم وطلباتهم الى ما صنعوه بایدیهم من صور وتماثیل(5)
لا يوجد تعليق