الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
لقد جرت سنّة السلف الصالح على التبرّک بآثار النبی و آله، سنّة قطعیة لایشک فیها کل من له إلمام بتاریخ المسلمین[1] لکنّ الوهابیین أنکروا ذلک أشدّ الإنکار وعَدّوه شرکاً، وإن کان بدافع محبة النبی وآله، و مودّتهم.
غیر أنّ المتبرّک إذا اعتمد فی عمله على عمل یعقوب حیث وضع قمیص یوسف على عینیه، فارتدّ بصیراً، هل یصح لنا رمیه بالشرک، إذ أیّ فرق بین التبرّک بآثار النبی و آثار سائر الأولیاء وتبرّک یعقوب بقمیص یوسف؟
قال سبحانه: «فَلمّا أنْ جاءَ البَشیرُ ألقاهُ على وَجْهِهِ فَارتَدَّ بَصیراً» (یوسف- 96).
فنحن نرى أنّ یعقوب علیه السلام یتبرّک بقمیص یوسف، و قد ذکر القرآن ذلک، کما ذکر أنّه ارتدّ بصیراً بهذا التبرّک.
فلو کان هذا العمل مستلزماً للشرک، و لما ارتکبه ذلک النبی العظیم، و لما ذکره القرآن الکریم و لما کان مؤثراً.
فأیّ فرق بین القمیص المنسوج من القطن، والضریح المصنوع من الحدید؟!
و کیف یکون العمل الأوّل غیر مزاحم للتوحید و یکون مؤثراً فی ردِّ البصر، و یکون تقبیل الضریح النبوی الطاهر شرکاً و خروجاً عن جادة التوحید؟!. فلماذا هذا التفریق الذی یقوم به الوهابیون؟!
هذا و فی السنّة والتاریخ شواهد کثیرة على وقوع هذا التبرّک، إذ کان الصحابة و التابعون یتبرّکون بآثار النبی (ص) و بعض الأولیاء.
و لقد وردت فی الصحاح و غیرها من کتب الحدیث والسیر أخبار و روایات تکشف عن تبرّک الصحابة و التابعین بآثار النبی (ص) نذکر بعضها هنا على سبیل المثال لا الحصر:
ففی صحیح البخاری باب غزوة الطائف عن أبی موسى قال: کنت عند النبی (ص) و هو نازل بالجعرانة بین مکة والمدینة ومعه بلال، فأتى النبیَّ (ص) أعرابیٌّ فقال: ألا تنجز لی ما وعدتنی؟ فقال له: «أبشر»، فقال: قد أکثرتَ علیَّ من أبشر، فأقبل على أبی موسى و بلال کهیئة الغضبان فقال: «ردَّ البشرى، فاقبلا أنتما»، قالا: قبلنا، ثم دعا بقدح فیه ماء فغسل یدیه و وجهه فیه و مجَّ فیه ثم قال: «اشربا منه و أفرغا على وجوهکما و نحورکما و أبشرا»، فأخذا القدح ففعلا، فنادت أُم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأُمکما، فأفضلا لها منه طائفة ....[2]
و فی صحیح البخاری فی کتاب اللباس باب القبة الحمراء من أدم، عن ابن أبی جحیفة عن أبیه قال: أتیت النبی (ص) وهو فی قبة حمراء من أدم و رأیت بلالًا أخذ وضوء النبی (ص) و الناس یبتدرون الوضوء فمن أصاب منه شیئاً تمسَّح به، و من لم یُصِب منه شیئاً أخذ من بلل ید صاحبه[3]
ففی صحیح مسلم فی کتاب الفضائل باب قرب النبی (ص) من الناس وتبرّکهم به؛ عن أنس بن مالک قال: کان رسول اللَّه (ص) إذا صلّى الغداة جاء خدم المدینة بآنیتهم فیها الماء فما یؤتى بإناء إلّا غمس یده فیها فربّما جاءه فی الغداة الباردة فیغمس یده فیها[4]
و فی صحیح البخاری فی کتاب الأدب، باب حسن الخلق و السخاء، عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى النبی (ص) ببُردة فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هی شملة، فقال سهل: هی شملة منسوجة فیها حاشیتها فقالت: یارسول اللَّه أکسوک هذه؟ فأخذها النبی (ص) محتاجاً إلیها فرآها علیه رجل من الصحابة فقال: یارسول اللَّه ما أحسن هذه فاکسنیها، فقال: «نعم»، فلمّا قام النبی (ص) لامه أصحابه، قالوا: ما أحسنت حین رأیت النبی (ص) أخذها محتاجاً إلیها ثم سألته إیّاها و قد عرفت أنّه لایُسأل شیئاً فیمنعه، فقال: رجوت برکتها حین لبسها النبی (ص) لعلّی أُکفنُ فیها[5].[6]
لا يوجد تعليق