إنّ هذه الرذیلة الأخلاقیة تنشأ من دوافع ونقاط ضعف مختلفة منها:
1 ـ إنّ الشخص الحسود یسعى لإفشاء أسرار الطرف الآخر لتوجیه ضربة إلى نقاط قوّته وشخصیته بین الناس، ویسعى لذلک لإراقة ماء وجهه أو تهدید مصالحه الدنیویة والمادیة.
2 ـ إنّ الأشخاص الذین یعیشون الحقد والعقدة تجاه الآخرین فإنّهم یسعون أیضاً ولغرض الانتقام من الطرف الآخر وارضاء دافع الحقد فی نفوسهم إلى إفشاء أسرار الآخرین.
3 ـ ومن الدوافع الاُخرى لهذه الرذیلة هو عنصر الجهل وضیق الاُفق، فالأشخاص الذین یعیشون هذه الحالات الوضیعة لیست لدیهم اللیاقة لحفظ أسرار الآخرین.
ونقرأ فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «ثَلاثٌ لا یُسْتَوْدَعْنَ سِرّاً: المَرأَةُ وَالَّنمـامُ وَالأَْحْمَقُ».
وفی حدیث آخر عن الإمام(علیه السلام) نفسه أنّه قال: «لا تُسِرَّ إِلَى الجـاهِلِ شَیْئاً لا یُطِیقُ کِتْمـانَهُ».
4 ـ وأساساً فإنّ إفشاء السِّر وبشکل عام نشر الأخبار الخفیّة والجدیدة وأحیاناً العجیبة والغریبة تجد فی قلوب الناس جاذبیة خاصة تقودهم إلى الرغبة الشدیدة فی الإستماع والإصغاء لهذه الأخبار، .هذا المعنى قد یتسبب إلى أن یرغب بعض الناس لإفشاء أسرار الآخرین لیلفتوا إلیهم نظر المستمعین.
5 ـ ومن العوامل المهمّة الاُخرى لإفشاء الأسرار هو الأخطاء والاشتباهات وعدم الالتفات إلى کون هذا الأمر من الأسرار، ولهذا السبب فقد یصدر من بعض الناس المنضبطین فی مسألة حفظ السر بعض الاشتباهات والزلل فی هذا الأمر حتى قیل: «کُلُّ سِرٍّ جـاوزَ الإثنِینَ شـاعَ».
ونقرأ فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال لأحد أصحابه ویدعى عمّار حیث سأله الإمام الصادق(علیه السلام): «هَل أَخبَرتَ بِمـا أَخبِرتُکَ بِهِ أَحَداً؟ قَلتُ: لا إلاّ سُلَیمـانِ بنِ خـالِدَ، قـالَ: أَحسَنتَ أَمـا سَمِعتَ قَولَ الشَّاعِر:
فَلا یَعدُوَنْ سِرِّی وَسِرِّکَ ثـالثاً *** أَلا کُلُّ سِرٍّ جـاوَزَ الإِثنِینِ شـایعُ
والسبب فی ذلک واضح لأنّه إذا کان البناء على أن یقوم کل شخص بأخبار أحد أصدقائه الموثوقین بأسرارهم، ویقوم الشخص الثانی بمثل العمل، وهکذا الثالث والرابع فلا تطول المدّة حتّى ینتشر السِّر فی المجتمع کلّه.
1. غرر الحکم.
2. غر الحکم.
