1 ـ المعطیات الفردیة والاجتماعیة للوفاء بالعهد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
الوفاء بالعهد فی الروایات الإسلامیة2 ـ دوافع الوفاء بالعهد ونقضه

رأینا فیما تقدّم أنّ جمیع أشکال التطور العلمی والثقافی والاقتصادی الذی ناله الإنسان إنّما هو ولید الحیاة الاجتماعیة للبشر، حیث تلتقی تجارب الأفراد وتنظم أفکارهم بعضها إلى بعض وتتلاقح عقولهم وبذلک تتولّد المنتوجات الصناعیة المتنوعة وأشکال التمدن والحضارة البشریة فی حرکة الاُمم الحضاریة.

فلو أنّ أفراد البشر عاشوا متفرّقین کل على إنفراد فعلى فرض أن یکسبوا تجارب فی حرکة حیاتهم الفردیة، إلاّ أنّهم سوف یذهبون بها معهم إلى القبر، فلا حرکة ولا علامة على وجود تحوّل حضاری وتطور علمی فی البشریة، ولهذا السبب بالذات فإنّ الإسلام أعطى أهمیّة فائقة لتحکیم وتقویة دعائم الحیاة الاجتماعیة بین الأفراد وتعمیق أواصر العلاقات بینهم، ومن المعلوم أنّ کل شیء یؤدّی إلى تقویة هذه العلاقات الاجتماعیة، فإنّه مطلوب وممدوح فی نظر الإسلام، وکلّ شیء یتسبب فی أضعاف هذه العلاقات فإنّه منفور ومذموم.

وبدیهی أنّ أول عنصر یتسبب فی تقویة هذه الروابط والعلاقات بین أفراد البشر وبالتالی یترتّب علیه زیادة التعاون والتکاتف فی المجتمع هو مسألة الوفاء بالعهود والمواثیق، فلو أنّ هذه المسألة قد ترکت لیوم واحد بین الأفراد وبین الشعوب العالمیّة فإنّ مفاصل الحضارة البشریة سوف تتعرّض للأهتزاز والارتباک وتتوقف بذلک مسیرة الحضارة الإنسانیة والتکامل البشری، ولهذا ورد فی الحدیث الشریف عن الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام)أنّه قال: «لا تَعتَمِد عَلى مَودَّة مَنْ لا یَفِی بِعَهدِهِ»(1).

وأساساً یمکن القول بأنّ میزان موفقیّة الأشخاص فی حیاتهم الدنیویة یرتبط بمدى التزامهم بعهودهم، فما کان منهم أکثر وفاءً بعهده فهو أعزّ وأشرف فی نظر الناس، وفی ذلک یقول أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی حدیث آخر: «الوَفـاءُ حِصْنُ السُّؤدَدِ»(2).

وفی النقطة المقابلة نجد أنّ نقض العهد إذا ساد فی أجواء المجتمع البشری، فإنّه یفضی

إلى سلب الثقة بین أفراد المجتمع ویتلاشى عنصر الإتّحاد والتکاتف فیما بینهم وبالتالی فإنّهم لا یستطیعون التصدی للعدو، ولهذا نقرأ فی الحدیث الشریف عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)أنّه قال: «إِذا نَقَضُوا العَهدَ سَلَّطَ اللهُ عَلَیهِم عَدُوَّهُم»(3).

إنّ الوفاء بالعهد یتسبب فی أن یعتمد الناس على هذا الشخص وبذلک یضعوا عنده رؤوس أموالهم من موقع الثقة به للإتّجار بها فینتفع هو وکذلک الآخرون من نشاطه الاقتصادی، فینال بذلک الرفاه والسعة فی معیشته، ولهذا نجد أنّ جمیع الدول فی العالم تسعى إلى تحقیق هذا المعنى أی الالتزام بالعهود والمواثیق من أجل ترشید وضعهم الاقتصادی والاجتماعی وإلاّ یکون نصیبهم الانزواء والعزلة والتلف عن الحرکة الصناعیة والتجاریة فی العالم، وحتى بالنسبة إلى الدول التی عاشت حالة الثورة على النظام السابق، فإنّ قادة الثورة عندما یستلمون زمام الاُمور یعلنون التزامهم بجمیع العهود والمواثیق التی کانت من النظام السابق حتّى لو کانت تلک العهود على خلاف ذوقهم ومسیرتهم، لأنّه لیس لهم طریق سوى کسب الثقة العالمیة من خلال هذا الالتزام الإنسانی والأخلاقی، وهذه المسألة تصدق أیضاً على الأفراد والأشخاص، ومضافاً إلى ذلک فانّ أصل العدالة الذی هو من بدیهیات الأصول الأخلاقیة والاجتماعیة لا یتحقق بدون الوفاء بالعهد فی دائرة المجتمعات البشریة، وبذلک فانّ ناقضی العهد یعدون من زمرة الظالمین وکل إنسان یتعامل معهم من موقع الذم والتحقیر واللوم وذلک بدافع من الفطرة الإلهیة فی وجوده، وهذا یدل على أنّ لزوم الوفاء بالعهد هو أمر فطری.

 


1. غرر الحکم.
2. المصدر السابق.
3. بحار الانوار، ج97، ص46، ح3.

 

الوفاء بالعهد فی الروایات الإسلامیة2 ـ دوافع الوفاء بالعهد ونقضه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma