الآثار السلبیّة لسوء الظّن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
تعریف سوء الظن وحسن الظنالآثار السلبیة لسوء الظن بالله

إنّ إتّساع دائرة سوء الظن فی المجتمعات البشریة یترتب علیها آثار سلبیة وخیمة ومضرّات کثیرة قد لا تکون مستورة على أحد من الناس، ولکن لغرض توضیح هذا المطلب ینبغی الالتفات إلى ما یلی:

أ) إنّ من أسوأ الآثار السلبیّة لهذه الرذیلة الأخلاقیة على المستوى الاجتماعی هو (زوال الثقة والاعتماد المتقابل) بین أفراد المجتمع والذی یعدّ محور المجتمعات البشریة والعنصر المهم فی عملیة شد مفاصل المجتمع وتقویة الوشائج والعلاقات التی تربط بین أفراده، وقد تقدّمت الإشارة إلیها إجمالاً فی الروایات الشریفة المتقدّمة، ومن ذلک قوله(علیه السلام): «شَرُّ النّاسِ مَنْ لا یَثِقُ بِأَحَد لِسُوءِ ظَنَّهِ وَلا یَثِقُ بِهِ أَحَذٌ لِسُوءِ فِعلِهِ»(1).

فنجد أنّ المجتمع البشری الذی یسوده عدم الثقة وعدم الاعتماد بین أفراده فمثل هذا المجتمع تتبخّر فیه أجواء التعاون والتکاتف وتزول منه البرکات الکثیرة للحیاة المشترکة فی حیاة الإنسان، ونقرأ فی الحدیث الشریف عن الإمام علی(علیه السلام)قوله: «مَنْ سـا ئَتْ ظُنُونُهُ إِعتَقَدَ الخِیـانَةَ بِمَنْ لا یَخُونُهُ»(2).

ب) إنّ سوء الظن یؤدّی إلى تدمیر وتخریب الهدوء النفسی والروحی، لذلک المجتمع کما یمیت الهدوء النفسی لأصحاب هذه الرذیلة الأخلاقیة، فمن یعیش سوء الظن فإنّه لا یجد الراحة والاطمئنان فی علاقته مع الآخرین ویخاف من الجمیع وأحیاناً یتصوّر أنّ جمیع الأفراد یتحرّکون للوقیعة به ویسعون ضدّه، فیعیش فی حالة دفاعیة دائماً وبذلک یستنزف طاقاته وقابلیاته بهذه الصورة الموهومة.

ج) ومضافاً إلى ذلک فإنّ فی الکثیر من الموارد نجد الإنسان یتحرّک وراء سوء ظنه ویترجم سوء الظن هذا إلى عمل وممارسة وبالتالی یوقعه فی مشاکل کثیرة، وأحیاناً یؤدّی به إلى إرتکاب جریمة وسفک الدماء البریئة، وخاصة إذا کان سوء الظن یتعلق بالعرض والناموس أو یتصوّر أنّ الآخرین یتآمرون علیه ویهدفون إلى الوقیعة به فی ماله أو عرضه، بحیث یمکن القول أنّ العامل الأصلی للکثیر من الحالات الجنائیة هو سوء الظن الذی لا یقف على أساس متین والذی یدفع الإنسان إلى إرتکاب حالات العدوان والجریمة بحق الأبریاء.

ولهذا السبب ورد فی الروایات السابقة عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) قوله: «سُوءُ الظَّنِّ یُفْسِدُ الاُمُورَ وَیَبْعَثُ عَلَى الشُّروُرِ».

والأهم من ذلک أنّ فی الکثیر من موارد سوء الظن الّتی یترتّب علیها إرتکاب جریمة بحق الطرف الآخر فانّ هذا الإنسان الذی قاده سوء ظّنة لإرتکاب هذه الجریمة سوف یثوب إلى رشده ووعیه بعد ذلک ویشعر فی قرارة نفسه بتأنیب الضمیر ویتسلّط علیه الاحساس بالإثم الذی قد یؤدی به إلى الجنون أحیاناً.

وعلى سبیل المثال نشیر إلى حادثة واحدة منها، فعند ما دخل الطبیب النفسانی یوماً لیعود مرضاه فی مستشفى المجانین والمتخلفین عقلیاً رأى رجلا قد جىء به حدیثاً إلى هذا المکان وهو یرّدد کلمة (مندیل) مرّات عدیدة، وعند ما بحث هذا الطبیب النفسانی عن حاله واستقصى مرضه العقلی رأى أنّ السبب فی جنون هذا الشخص هو أنّه رأى یوماً فی حقیبة زوجته مندیلا یحتوى على قنینة عطر وبعض الهدایا المناسبة للرجال، فأساء الظن بزوجته فوراً وتصور أنّها على إرتباط برجل أجنبی، فکان أن قتلها بدافع من الغضب الشدید وبدون تحقیق وفحص، وبعد أن فتح المندیل رأى فی طیّاته ورقة کتب علیها، هذه هدیة منّی إلى زوجی العزیز بذکرى یوم ولادته.

وفجأة أصابته وخزة شدیدة وشعر بضربة عنیفة فی أعماق روحه أدّت إلى جنونه فکان یتذکّر هذا المندیل ویکرّره على لسانه.

د) إنّ سوء الظن هو فی الحقیقة ظلم فاضح للغیر، لأنّه یجعل الطرف الآخر فی قفص الأتّهام فی فکر هذا الشخص وذهنه فیکیل له أنواع السهام ویطعنه فی شخصیّته وحیثیته، فلو أضفنا إلى ذلک بعض الممارسات العملیة المستوحاة من سوء الظن لکان الظلم أکثر وأوضح، ومن هذه الجهة قرأنا فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) قوله: «سُوءُ الظَّنِّ مَنْ أقَبَحَ الظُلُم».

هـ) إنّ سوء الظن یتسبّب فی أن یفقد الإنسان أصدقاءه ورفاقه بسرعة، وبالتالی یعیش الوحدة والإنفراد والعزلة وهذه الحالة هی أصعب الحالات النفسیة الّتی یواجهها الفرد فی حرکة الحیاة الاجتماعیة، لأن کل إنسان متشخص ویحترم مکانته وشخصیته نجده غیر مستعد لئن یعیش ویعاشر الشخص الذی یسیء الظن بأعماله الخیرة وسلوکیاته الصالحة ویتّهمه بأنواع التهم الباطلة، وقد قرأنا فی الأحادیث السابقة عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أیضاً أنّه قال: «مَنْ غَلَبَ عَلَیهِ سُوءُ الظَّنِّ لَم یَترُکْ بَینَهُ وَبَینَ خَلِیل صُلحَاً».

و) وقد رأینا فی الروایات السابقة أنّ سوء الظن یفسد عبادة الإنسان ویحبط أعماله ویثقل من کاهله یوم القیامة، فإذا کان المراد بسوء الظن فی هذه الروایة هو سوء الظن بالله تعالى قد یتّضح حینئذ السبب فی فساد العبادة وحبط الأعمال، وإذا کان المراد هو سوء الظن بالناس (کما نستوحی ذلک من ذیل هذه الروایة) فإنّ ذلک بسبب أنّ الإنسان الذی یعیش سوء الظن بالناس یرتکب فی الکثیر من الموارد التجسّس على الناس، وبالتالی یترتب على ذلک أن ینطلق فی ممارساته الاجتماعیة من موقع الغیبة للطرف الآخر والتهمة أحیاناً، ومن المعلوم أنّ الغیبة والتهمة هی أحد الأسباب فی عدم قبول الطاعات والعبادات.

ز) إنّ سوء الظن باعتباره انحرافاً فکریّاً، فإنّه سیؤثر بالتدریج على أفکار الإنسان الاُخرى وسیقود تصوراته وأفکاره فی طریق الانحراف أیضاً، فتکون تحلیلاته بعیدة عن الواقع ومجانبة للصواب، فیمنعه ذلک من التقدّم ونیل الموفقیة فی حرکة الحیاة، وقد ورد فی الحدیث الشریف عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) قوله: «مَنْ سـاءَ ظَنُّهُ سـاءَ وَهمُهُ».

 

 

 


1. المصدر السابق.
2. غرر الحکم.

 

تعریف سوء الظن وحسن الظنالآثار السلبیة لسوء الظن بالله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma