هل یجب على الشخص المستمع للغیبة أن یدافع عن أخیه المؤمن الذی تعرّض للغیبه ویرد على المستغیب أم لا؟ مثلاً یقول فی دفاعه: أنّ الإنسان غیر معصوم وکل شخص یتعرّض لارتکاب الخطأ أو یقول: أنّ من الممکن أن یکون قد صدر هذا الفعل منه سهواً أو نسیاناً أو کان فی نظره حلالاً وهکذا یحمل فعل أخیه المسلم على الصحة، وعلیه فلو کان الفعل قابلاً للتبریر فإنّه یتحرّک فی تبریره وتوجیهه، وإن لم یکن کذلک قال: من الأفضل أن نستغفر له بدل أن نقع فی غیبته لأننا جمیعاً معرّضین لمثل هذه الأخطاء.
بعض الفقهاء الکبار یرون وجوب الدفاع ومنهم شیخنا الأعظم العلاّمة الأنصاری(قدس سره)فی بحث الغیبة فی المکاسب المحرّمة.
وهناک روایات کثیرة أیضاً تتحدّث عن لزوم ردّ الغیبة وقد ذکرها المرحوم صاحب کتاب وسائل الشیعة فی الباب 156 من أبواب أحکام العشرة فی الحج ومنها:
فی الحدیث الشریف عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «یـا عَلی مَنْ اُغتِیبَ عِندَه أخوهُ المُسلِمُ فاستَطاعَ نَصرَهُ وَلَم یَنصُرهُ خَذَلَهُ اللهُ فِی الدُّنیا والأَخِرَةِ»(1).
ونفس هذا المضمون أو ما یشبهه ورد فی روایات متعددة عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)والإمام الصادق(علیه السلام).
وفی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال فی خطبة له أمام الناس: «مَنْ ردّ عَنْ أَخِیهِ فِی غَیبَة سَمِعَها فِیهِ فِی مَجلِس رَدَّ اللهُ عَنهُ أَلَفَ بـاب مِنَ الشَّرِّ فِی الدُّنیـا وَالآخِرَةِ فإنْ لَم یَرُدَّ عَنهُ وأَعجَبَهُ کـانَ عَلَیهِ کَوِزرِ مَنْ إِغتـابَهُ»(2).
وفی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أیضاً أنّه قال: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرضِ أَخِیهِ کـانَ لَهُ حِجـاباً مِن النّارِ»(3).
ولکنّ الصحیح أنّه لا یستفاد وجوب الدفاع من هذه الروایات، بل غایة ما یستفاد منها هو الاستحباب المؤکّد، لأنّ التعبیر لکلمة (خذله الله) الوارد فی عدّة روایات من هذا الباب لا یقرّر أکثر من أنّ الله تعالى لا یعین هذا الشخص ویترکه لحاله (لأنّ معنى الخذلان هو ترک النصرة والمساعدة) وکذلک ما ورد فی الثواب والجنّة أو النجاة من النار فی بعض الروایات فانّه فی قوله: «کـانَ عَلَیهِ کَوِزرِ مَنْ إِغتـابَهُ» قد تدل على وجوب الدفاع ولکنّ الوارد فی هذه الروایة هو أنّ الإثم لا یقتصر على الاستماع وعدم الدفاع فقط بل ینشرح ویفرح من سماعه لهذه الغیبة،وعلى أیة حال فسواء کان الدفاع عن المسلم فی مقابل الغیبة واجباً أو مستحباً مؤکّداً فانّه یعدّ وظیفة مهمّة فی دائرة المفاهیم الإسلامیة، وإذا کان الدفاع نهیاً عن المنکر فهو واجب قطعاً.