مراتب سوء الظن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
أسباب ودوافع سوء الظنموارد الاستثناء

وأحد الأسئلة المهمّة التی تثار على بساط البحث فی هذا المورد هو أنّه أساساً هل أنّ سوء الظن أمراً اختیاریاً أو غیر اختیاری؟ فلو رأى الإنسان ظاهرة معیّنة وأساء الظن بشخص أو أشخاص بدون اختیار، فهل هذا المعنى یوجب له الذم والتوبیخ؟ وهل تقع هذه الحالة مورداً للتکلیف مع أنّ مقدّماتها غیر اختیاریة؟ وکیف یمکن تعلّق الذم والعقاب بأمر غیر اختیاری؟

ویمکن الإجابة عن هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام من طریقین:

الطریق الأول: أنّ سوء الظن هذا الذی یقفز إلى ذهن الإنسان بدون اختیار منه لا یکون مورد الذم والعقاب لوحده، فلو أنّه لم یتجسّد فی مرحلة العمل ولم یرتب الإنسان علیه أثراًعلى مستوى الممارسة والکلام، ولا یصدر منه سلوک یشیر إلى سوء الظن هذا فإنّه لا یقع مورد الذم ولا العقاب، ولذلک ذکر بعض علماء الأخلاق فی هذا المجال: «وَأَمّا الخَواطرُ وَحَدِیثُ النَّفسِ فَهُو مَعفُوٌ عَنهُ... وَلَکنَّ المَنهِیَّ عَنهُ أَنْ تَظُنَّ، والظَّنُّ عِبـارَةٌ عَمّا تِرکَنُ إِلِیهِ النَّفسُ وَیَمیلُ إِلَیهِ القَلبُ»(1).

وخلاصة الکلام أنّ سوء الظن له ثلاثة مراحل:

أحدها: سوء الظن القلبی.

الثانیة: سوء الظن اللّسانی.

الثالثة: سوء الظن العملی.

فأمّا ما کان فی القلب فلا یقع مشمولاً للتکلیف لأنّه خارج عن دائرة الاختیار، ولکنّ ما یصدر من الإنسان بلسانه أو بعمله فهو الممنوع والحرام.

ولهذا ورد فی بعض الروایات قوله(علیه السلام): «وإِذا ظَنننتَ فلا تَحَقِّقْ»(2).

الطریق الثانی: إنّ الکثیر من أشکال سوء الظن غیر الاختیاریة تتضمّن مقدّمات اختیاریة فی البدایة أو فی إدامتها واستمرارها، فالأشخاص الذین یجالسون رفاق السوء فیحصل لهم سوء الظن بالأخیار ینبغی علیهم اجتناب مثل هذه المعاشرة ولمثل هؤلاء الرفاق من الفسّاق والأشرار حتى لا تحصل لدیهم حالة سوء الظن تجاه الآخرین، وهذا أمر اختیاری، ولکن لو حصل له سوء الظن بدون مقدّمات اختیاریة، فیجب على الإنسان أن یتفکّر فی حالته هذه ویضع فی تصوّره احتمالات صحیحة إلى جانب الاحتمالات السیئة التی أورثته سوء الظن، مثلاً یقول: إنّ هذه المرأة الأجنبیة التی رآها مع الشخص الفلانی، إمّا أن تکون أخته أو ابنة أخیه أو ابنة اُخته أو زوجته وأمثال ذلک من أقرباء الشخص الذین لا یعرفهم هو، فلا شک أنّ مثل هذا التفکیر السلیم واحتمال هذه الاحتمالات الصحیحة یتسبب فی إضعاف سوء الظن عنده أو یزیله تماماً من ذهنه، ولهذا ورد فی الحدیث الشریف عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «اُطلُبْ لأخِیکَ عُذراً فَانْ لَم تَجِدْ لَهُ عُذراً فَالتَمِسْ لَهُ عُذراً»(3).

وقد مرّ علینا الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) هو أنّه قال: «لا تَظُنَنَّ بِکَلِمَة خَرَجَتْ مِنْ أَحَد سُوءً وَأَنتَ تَجِدُ لَهـا فِی الخَیرِ مُحتَمَلاً (مَحمَلاً»(4).

وعلى هذا الأساس یمکننا تقسیم سوء الظن إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ سوء الظن الذی یتجسّد فی أفعال الشخص وکلماته وأقواله، وهذا القسم من سوء الظن الحرام.

2 ـ سوء الظن الذی لا یظهر أثره خارجاً، ولکنّه یمکن للشخص إزالته من خلال التفکیر السلیم وبواسطة إزالة مقدّماته الخارجیة، فهذا النوع من سوء الظن یحتمل أن یکون مشمولاً لأدلّة الحرمة.

3 ـ سوء الظن الذی لا یترتب علیه أثر خارجی، وهو خارج تماماً عن دائرة اختیار الإنسان وإرادته ولا یمکن إزالته بشتى الوسائل، فمثل هذا الظن السیء لا یکون مشمولاً للتکالیف الشرعیة مادام الإنسان لم یرتّب علیه أثراً معیّناً.

والقرآن الکریم یشیر إلى هذا المعنى فی الآیة 36 من سورة الأسراء: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ کُلُّ أُوْلَئِکَ کَانَ عَنْهُ مَسْئُولا).

وفی هذه المرحلة یجب التوجّه إلى الاُصول والمبادیء الحاکمة فی دائرة علاج الأمراض الأخلاقیة والرذائل النفسیة، وأهمّها التفکّر فی الآثار السلبیة والعواقب الوخیمة لسوء الظن، لأنّه عندما یتفکّر الإنسان فی عواقب سوء الظن وکیف أنّه یتلف رأس المال الاجتماعی بین أفراد البشر ویسلب منهم الثقة والاعتماد المتقابل ویربک الهدوء والاستقرار فی مفاصل المجتمع، ویتسبب فی خسارة الإنسان لأصدقائه وفقده لأحبائه ویورثه الغفلة عن واقعیّات الاُمور والحقائق الاجتماعیة، ویقوده إلى إرتکاب الظلم والعدوان فی حق الآخرین (کما تقدّم تفصیله سابقاً) فحینئذ سوف یبتعد عن هذه الرذیلة الأخلاقیة بدون صعوبة، کما أنّ إطّلاع الإنسان على کون الغذاء مسموماً سیخلق فی نفسه مناعة شدیدة عن تناوله، هذا من جهة.

ومن جهة اُخرى فإنّه کلّما تحرّک الإنسان لقطع جذور هذه الرذیلة وقلع أسبابها من مواقع النفس، أی مجالسة رفاق السوء والتی تسبب سوء الظن بالأخیار أو یبتعد مهما أمکنه عن الأجواء الملّوثة والمحیط السیء والفاسد، ویطهّر قلبه من أدران الحسد والحقد والتکبّر والغرور التی هی من العوامل المهمّة لسوء الظن وأمثال ذلک من الأسباب والعوامل الاُخرى، فسوف تنتهی وتزول منه هذه الرذیلة الأخلاقیة.

ومضافاً إلى ذلک فإنّ بعض الاُمور یمکنها أن تساعد الإنسان على إنقاذه من شر هذه الحالة السلبیة، وهی:

الف: البحث عن الاحتمالات السلیمة فی تبریر سلوکیات الآخرین المبهمة التی قد تورثه سوء الظن، کما قرأنا فی الروایات السابقة عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)قوله: «لا تَظُنَنَّ بِکَلِمَة خَرَجَتْ مِنْ أَحَد سُوءً وَأَنتَ تَجِدُ لَهـا فِی الخَیرِ مُحتَمَلاً (مَحمَلاً»(5).

ومن الواضح أنّ الکثیر من الأعمال والسلوکیات الصادرة من الأشخاص تقبل التبریر السلیم والحمل على الصحّة.

ب: أن یبتعد الإنسان عن التجسّس فی أعمال الآخرین والذی قد یکون معلولاً لسوء الظن أولاً، ویتسبب کذلک فی سوء الظن أیضاً، فلو أنّ الإنسان تجنّب التجسّس فی حیاة الآخرین الخصوصیة فانّه یکون قد تخلّص من أحد الأسباب المهمّة لسوء الظن.

ج: أن لا یرتب أثراً عملیاً على سوء ظنّه وبذلک یحقّق له أحد طرق العلاج لهذه الرذیلة، لأنّ الإنسان إذا أساء الظن بشخص من الأشخاص وأفعاله ثم جسّد سوء الظن هذا على سلوکیاته وأفعاله کأن یبتعد عنه ویظهر عدم الثقة به أو یستشمّ من أفعاله وعلاقته بذلک الشخص أنّه یسیء الظن به، فهذه الحالة تسبب فی تقویة سوء الظن وزیادته واشتداده، ولکن إذا لم یهتمّ لذلک ولم یرتّب علیه أثراً، فإنّه سیضعف تدریجیاً وبالتالی سینتهی ولذلک ورد فی الروایات الإسلامیة: «إِذا ظَنَنَّتُم فَلا تَحَقَّقُوا»(6).

ولا شک أنّ الالتفات إلى العقوبات الإلهیة الاُخرویة والآثار المعنویة السلبیة لهذه الرذیلة الأخلاقیة والتی سبقت الإشارة إلیها فی الروایات الشریفة لها أثر قوی أیضاً فی الوقایة من الابتلاء بهذا المرض المعنوی، وتمنح الإنسان القدرة على التحرّک بعیداً عن ممارسة تداعیات هذه الصفة الأخلاقیة الذمیمة.

 


1. المحجة البیضاء، ج5، ص268.
2. فرائد الاصول للشیخ مرتضى الأنصاری(قدس سره)، فی حدیث الرفع; بحار الانوار، ج55، ص320، ذیل الحدیث 6
3. بحار الانوار، ج72، ص196، ح15.
4. نهج البلاغة، الکلمات القصار، ح360; بحار الانوار، ج71، ص187.
5. نهج البلاغة، الکلمات القصار، ح360.
6. کنز العمال، ج3، ص479، ح7585.

 

 

أسباب ودوافع سوء الظنموارد الاستثناء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma