واستدلّ له باُمور

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
الصورة الثّانی: الاکراهبقی هنا فروع

1 ـ قوله تعالى: (لاَ یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکَافِرِینَ أَوْلِیَاءَ ـ إلى قوله ـ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)(1).

لکنّها ظاهرة فی الولایة بمعنى المحبّة والصداقة، لا تولّی الاُمور السیاسیة وغیرها من قبلهم، اللهمّ إلاّ أن یقال بالأولویة، أو الغاء الخصوصیة، هذا مضافاً إلى أنّه بالنسبة إلى الکافرین، والکلام هنا فی الظالمین!.

کما إستدلّ بقوله تعالى: (إِلاَّ مَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْیمَانِ)(2) وخروجه عن محلّ البحث أیضاً ظاهر.

2 ـ وإستدلّ له بحدیث الرفع أیض(3) فانّ المقام مصداق قوله(صلى الله علیه وآله وسلم): «وما أُکرهوا علیه ـ أو ـ وما اضطرّوا إلیه».

3 ـ وبأحادیث التقیّة الواردة فی الباب 25 من أبواب الأمر بالمعروف مثل:

الأوّل: ما رواه زرارة عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: «التقیّة فى کلّ ضرورة وصاحبها أعلم بها حین تنزل به»(4).

الثّانی: وما رواه محمّد بن مسلم وزرارة قالا: سمعنا أبا جعفر(علیه السلام) یقول: «التقیّة فى کلّ شىء یضطرّ إلیه ابن آدم فقد أحلّه الله له»(5).

وما رواه یحیى بن سالم عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: «التقیّة فى کلّ ضرورة»(6).

إلى غیر ذلک، ولکن فی شمول عنوان التقیّة لجمیع موارد البحث إشکال ظاهر، فانّها عبارة عن إخفاء العقیدة عند الضرورة، نعم مثل إکراه علی بن یقطین وأمثاله کان داخلا فی محلّ البحث، اللهمّ إلاّ أن یقال إنّ معنى التقیّة بحسب اللغة عامّ، فانّها مصدر من مادّة الوقایة، فیشمل کلّ إکراه، بل وبعض تعریفاتهم ینطبق علیه أیضاً مثل ما عن شیخنا الشهید(قدس سره) فی القواعد:

«التقیّة مجاملة الناس بما یعرفون وترک ما ینفرون حذراً من غوائلهم»(7). فتأمّل.

هذا والعمدة هی أدلّة الإکراه، وبالنسبة إلى موارد الإضطرار أدلّة الإضطرار، وقوله: «ما من شىء حرّمه الله إلى وقد أحلّه لمن إضطرّ إلیه»، إنّما الکلام فی تفاصیلها، ونذکرها طی اُمور (ومنه سبحانه نستمدّ التوفیق) ونقول:

الأمر الأوّل: لا إشکال أنّ الإکراه یرفع الحرمة الذاتیة للولایة على القول بها، کما أنّه یرفع سائر المحرّمات ما عدى الدم، کما سیأتی إن شاء الله، ولکن الکلام فی أنّ الحرام إذا کان الإضرار بالغیر فهل یجوز مطلقاً، أو یلاحظ الأهمّ منهما، فبعض المحرّمات جائز قطعاً فی هذا الحال، وبعضها حرام کإراقة الدماء، وبعضها محلّ الکلام؟

فیه قولان:

الأوّل: عدم ملاحظة الموازنة أصلا، بل یباح بالإکراه الإضرار الکثیر فی مقابل التهدید بالضرر الیسیر، وهو ظاهر کلام الجواهر(8) فلو قال اضربه مائة سوط، وإلاّ ضربتک سوطاً واحداً جاز!

وصرّح بالإطلاق شیخنا الأعظم(قدس سره) فی مکاسبه، وتبعه غیر واحد ممّن تأخّر عنه.

الثّانی: ما ذکر کاشف الغطاء فیما حکی عنه: إنّ الأحوط مراعاة التعادل إن کان الأقوى عدم وجوبه.

وظاهر کلام المحقّق(رحمه الله) فی الشرائع أیضاً الجواز مطلقاً حیث قال: «إذا أکرهه الجائر على الولایة جاز له الدخول والعمل بما یأمره مع عدم القدرة على التفصّی، إلاّ فی الدماء المحرّمة فانّه لا تقیّة فیها»(9). کما أنّ ظاهر العلاّمة(رحمه الله) فی القواعد وغیره من الأصحاب أیضاً ذلک، ولکن قال فی المفتاح ما هذا لفظه: «ویجب علیه على إحتمال قوی تقدیم الأهون فالأهون، وقد تلحظ المماثلة والمخالفة فیما یتعلّق به أو ببعض المؤمنین من التفاوت فی المراتب الجلیلة وفی ما دلیله قطعی أو ظنّی ... لکن الأصحاب أطلقوا»(10).

وعلى کلّ حال یستدلّ للقول الأوّل باُمور:

1 ـ إطلاق رفع الإکراه.

2 ـ أخبار التقیّة وإنّها فی کلّ ما یضطرّ إلیه الإنسان مثل (1/25 و2/25 و8/25 من أبواب الأمر بالمعروف) التی مرّت علیک.

3 ـ النصوص الخاصّة فی المقام التی قد یدعى تواترها وقد نقل جملة منها فی الوسائل فی الباب 48 وغیره.

4 ـ إطلاق أدلّة الإضطرار وأدلّة نفی الحرج.

ولکن هنا إشکال قوی قد تصدّى شیخنا الأعظم(قدس سره) فی مکاسبه لحلّه، وحاصله إنّ أدلّة الإکراه والإضطرار وما أشبههما واردة مورد الإمتنان، فکیف یجوز المنّة على شخص بإدخال ضرر کثیر على غیره لدفع ضرر یسیر عن نفسه، فانّ هذا خلاف الإمتنان على الاُمّة، فهی منصرفة عن محلّ الکلام وساکتة عنه.

وأجاب(قدس سره) عنه بکلام طویل حاصله: «إنّ المدار على توجّه الضرر إلى نفسه أوّلا وبالذات، فلو توجّه الضرر إلى غیره لا یجب تحمّل الضرر ودفعه عنه، ولکن لا یجوز إضراره لدفع الضرر عن نفسه، والمسألة من صغریات مسألة عدم وجوب تحمّل الضرر لدفعه عن الغیر، فانّ الضرر بحسب إرادة المکره (بالکسر) توجّه إلى الغیر، نعم لو تحمّله أمکن دفعه عنه، ولکن هذا غیر واجب وغیر مناف للإمتنان على الاُمّة».

أقول: وهذا ممنوع جدّاً، لأنّ الضرر لم یتوجّه إلى الغیر إلاّ بوساطة المکره (بالفتح) فانّ المفروض أنّه مکره لا مضطرّ، فالفعل فعله وان کان بالإکراه، وکأنّه(قدس سره)حسب أنّ المکره کالآلة (وقد صرّح بهذا التعبیر صاحب الجواهر)(11) ولکنّه لیس کذلک قطعاً، بل هو خلاف المفروض، فانّ المفروض بقاء القصد مع الإکراه.

إن قلت: إنّ الفعل لا یستند إلى المکره (بالفتح) وإن کان مباشراً لضعفه وقوّة السبب وهو المکره بالکسر (ذکره فی بعض کلماته).

قلنا: کلاّ، بل ینسب الفعل إلیه، ولذا لا یجوز ذلک فی الدماء، ویبطل الصوم به، وإنّما لا ینسب إذا کان مضطرّاً، ومن أشنع ما یلزم هذا القول جواز القاء الأبریاء فی السجون طول عمرهم وتعذیبهم بأنواع التعذیب للإکراه فی شیء یسیر!

هذا وإستدلّ هو(قدس سره) لما ذکره بدلیل نفی الحرج أیضاً، فانّ تحمّل الضرر لدفع الضرر عن الغیر حرجی قطعاً ینفی بأدلّته.

وإطلاق کلام القوم لعلّه ناظر إلى ما إذا کان الضرر المتوعّد به ضرراً کثیراً، وإلاّ یبعد إلتزامهم بما ذکر، وأمّا إطلاق أدلّة التقیّة وأنّه یباح بها کلّ شیء ما عدى الدم، فالظاهر أنّه فی مقام یخاف منه على النفس، کما کان کذلک غالباً أو فی کثیر من الأوقات فی تلک الأزمنة، لا ما إذا خاف من ذکر کلام غلیظ مثلا، أو أخذ مال قلیل کما هو ظاهر لمن راجعها.

وما أبعد بین هذا القول الذی یرخّص کلّ شیء فی مقام الإکراه إلاّ الدم، وبین من یقول بعکس هذا القول، وأنّه إذا کان الضرر المتوعّد به دفع مال، یجب على المکره (بالفتح) دفع أمواله وترک الإضرار بغیره، لأنّ إعطاء ماله أمر مباح، وأمّا الإضرار بغیره حرام، وظاهره إطلاق هذا الحکم، یعنی یجب علیه تحمّل الضرر الکثیر لدفع الیسیر عن غیره، فانّ الأوّل حلال، والثانی حرام(12).

والظاهر أنّه أیضاً غیر خال عن الإشکال، وهو صحیح مع قطع أدلّة نفی الضرر، ولکن مع حکومتها وکونها حکماً إمتنانیاً لا یبعد الحکم بجواز إرتکاب أقلّ الضررین تکلیفاً، وأمّا الحکم الوضعی منه فسیأتی أن شاء الله.

فقد تلخّص ممّا ذکرنا أنّ شیئاً من الأدلّة الثلاثة، أعنی أدلّة شیخنا الأعظم (دلیل نفی الإکراه ودلیل نفی الحرج وإطلاق أدلّة التقیّة) لا تفی بإثبات مراده، فالأقوى رجوع المقام إلى مسألة تعارض الضررین، اللهمّ إلاّ أن یقال إنّ أحکام التعارض ـ أی تعارض الضررین ـ من الترجیح والتخییر إنّما هو ثابت فیما إذا کان التعارض بحسب أسباب طبیعیة، مثل ما إذا أدخل حیوان رأسه فی قدر لا یخرج منه إلاّ بکسر أحدهما، وأمّا فیما نحن فیه لیس کذلک، بل المکره (بالفتح) هو الذی یوجب الضرر على غیره بإختیاره فلا یترک الإحتیاط بتحمّل ما توعّد به وعدم الإضرار بالغیر إلاّ أن یکون کثیراً جدّاً فی مقابل شیء یسیر یرد على المظلوم لا سیّما فی الاُمور المالیة، فتدبّر جیّداً.

فتلخّص ممّا ذکرنا أنّه یجوز التولّی من قبل الظالم عند الإکراه وترتفع حرمته الذاتیة لو قلنا بها، کما یباح غیره من المحرّمات ما عدا إراقة الدماء، بل کلّ ضرر على مسلم، سواء کان أکثر ممّا توعّد به أو أقل أو مساو على الأحوط لولا الأقوى، نعم إذا کان ضرر الغیر یسیراً جدّاً بالنسبة إلى ما توعّد به لم یبعد عدم جوازه.

بقی شیء وهو حکم الضمان، والظاهر أنّه ثابت على المبنی المختار، ولکن یظهر من بعض کلمات شیخنا الأعظم عدم الضمان، حیث قال فی بعض کلماته الآتیة تعلیلا للضمان فی بعض المقامات ما نصّه: «لعدم الإکراه المانع عن الضمان».

هذا والمسألة مبنیة على کون المکره کالآلة أو کونه ذا قصد فی أعماله وان کان کارهاً لها، وحیث قد عرفت أنّه لیس کالآلة قطعاً وانّ الفعل یسند إلیه ولذا لا تجوز له إراقة الدماء، فالأقوى الضمان، وان کان الضمان لا یستقرّ علیه.

الأمر الثانی: ملاک الإکراه المجوّز لإرتکاب بعض المحرّمات کما عرفت هو التوعید بالضرر لما یتعلّق بالإنسان فی نفسه، أو ماله، أو عرضه، أو ما یتعلّق به، أمّا بالنسبة إلى الأجانب فلا یتحقّق إکراه، إلاّ أن یکون الإنسان بمثابة من قداسة النفس بحیث یتأثّر من تضرّر الغیر کما یتأثّر من ضرر نفسه أو أهله وولده، وحینئذ لا یبعد دخوله فی حکمه.

أمّا إذا لم یکن کذلک، ولم یدخل فی أدلّه الإکراه، فهل یجوز التولّی هناک بملاک آخر مثل حفظ المؤمنین وأموالهم و... .

والکلام فیه تارةً من حیث القواعد، واُخرى من حیث الأدلّة الخاصّة ..

أمّا الأوّل: فیدور مدار مسألة تزاحم الملاکات وکون ملاک حفظ أعراض المؤمنین وأموالهم أهمّ عند الشارع المقدّس من الولایة المحرّمة وما یلازمها، والمقامات مختلفة جدّاً لا تندرج تحت ضابطة خاصّة، کما هو ظاهر، وان کان الجواز فی کثیر منها بهذا الملاک ظاهراً.

وأمّا الثّانی: فالمصرّح به فی روایة الإحتجاج جواز التقیّة ازاء حفظ النفس والمال والجاه والعرض والمذهب بالنسبة إلى نفسه أو غیره، وإلیک روایة الإحتجاج:

روى الطبرسی فی الإحتجاج عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) قال: «وإنّ إظهارک براءتک منّا عند تقیّتک لا یقدح فینا ولا ینقصنا ولئن تبرّأت منّا ساعة بلسانک وأنت موال لنا بجنانک لتبقى على نفسک روحها التى بها قوامها، وما لها الذى به قیامها، وجاهها الذى به تمسّکها، وتصون من عرف بذلک من أولیائنا واخواننا، فانّ ذلک أفضل من أن تتعرّض للهلاک، وتنقطع به عن عمل فى الدین وصلاح اخوانک المؤمنین وإیّاک ثمّ إیّاک أن تترک التقیّة التى أمرتک بها فانّک شائط بدمک ودماء اخوانک، معرّض لنعمتک ونعمتهم للزوال مذلّ لهم فى أیدى أعداء دین الله وقد أمرک الله باعزازهم فانّک إن خالفت وصیّتى کان ضررک على اخوانک ونفسک أشدّ من ضرر الناصب لنا الکافر بنا»(13).

هذا وفی الباب 28 أیضاً روایات اُخر فی هذا المعنى وهی:

1 ـ ما رواه عن العسکری(علیه السلام) فی تفسیره قال: قال أمیر المؤمنین(علیه السلام): «التقیّة من أفضل أعمال المؤمن یصون بها نفسه واخوانه عن الفاجرین وقضاء حقوق الاخوان أشرف أعمال المتّقین ...»(14).

2 ـ ما رواه العسکری(علیه السلام) أیضاً فی تفسیره قال: وقال الحسن بن علی(علیه السلام): «إنّ التقیة یصلح الله بها اُمّة لصاحبها مثل ثواب أعمالهم فان ترکها أهلک اُمّة تارکها شریک من أهلکه ...»(15).

3 ـ ما رواه عن العسکری(علیه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم): «... ألا فأعظم فرائض الله علیکم بعد فرض موالاتنا ومعاداة أعدائکم إستعمال التقیّة على أنفسکم وأموالکم ومعارفکم وقضاء حقوق اخوانکم ...»(16).

بل عطف حقوق الاخوان فی روایات هذا الباب على التقیّة کثیراً دلیل بنفسه، أو مشعر بما نحن بصدده.

والحاصل، إنّ مقتضى هذه الروایات أیضاً لا یتجاوز عمّا تقتضیه الاُصول والقواعد.

هذا إذا لم یکن المحرّم الإضرار بمسلم أو هتکه لدفاع عن آخر، فانّه لا یجوز قطعاً، اللهمّ إلاّ فی الدماء أو بعض مراتب الأعراض أو فیما إذا کان التفاوت کثیراً جدّاً بحیث یعلم برضى الشارع المقدّس بارتکاب الیسیر حذراً من الکثیر.

وممّا هو جدیر بالذکر إطلاق کلمات غیر واحد من الأصحاب الضرر بالنفس أو المال وشبهه، وهو مؤیّد قوی لما سبق فی أصل المسألة، وأنّه لا یجوز الإضرار بالغیر فی مقام الإکراه إلاّ عند الخوف على النفس، وهذا دلیل على عدم الفرق بین المسألتین، وعدم کون إطلاق کلمات الفقهاء هناک ناظراً إلى ذلک.

الأمر الثّالث: هل یعتبر عدم إمکان التفصّی فی الإکراه من قبل الجائر بنحو من الأنحاء، أم لا؟ قیل أنّ فیه أقوالا ثلاثة: أحدها الإعتبار، وثانیها نفیه مطلقاً، وثالثها التفصیل بین الإکراه على قبول نفس الولایة المحرّمة، فلا یعتبر فیها التفصّی ویجوز قبولها ولو کان له طریق إلى المخلص، والإکراه على سائر المحرّمات، فیعتبر العجز عن الخلاص منه.

والأولى أن یتکلّم فی إعتبار العجز عن التفصّی فی مفهوم الإکراه لغةً وعرفاً على سبیل عامّ، أعنی أعمّ من الولایة وغیرها، ثمّ نتکلّم فی الولایة، وانّ لها حرمة ذاتیة أو عرضیة کی یتّضح حالها.

أمّا الأوّل: فالظاهر أنّ إعتبار العجز عن التفصّی مأخوذ فیه عرفاً ولغة، فلو اُکره شخص على شرب الخمر أو ترک واجب مثل إفطار الصوم الواجب، وکان هناک مایع شبهه وعلى لونه یقدر على شربه عوضه، أو کان یمکنه صبّه فی جیبه وإظهار أنّه شربه، أو کان هناک طریق إلى الفرار من هذا المجلس، أو غیر ذلک، فلا شکّ أنّه لا یعدّ مکرهاً على شرب الخمر وغیره، بل وکذلک إذا أمکنه التکلّم مع المکره وإرشاده أو بذل مال له والنجاة من یده فانّه من قبیل المقدور بالواسطة.

نعم إذا کان بذل المال مجحفاً بحاله، أمکن نفیه بأدلّة نفی الضرر، وإلاّ فلا، وکذلک إذا کان حرجیاً، وهذا کلّه ظاهر.

أمّا الثّانی: أعنی الولایة، فلو کان قبول نفسها حراماً لحرمتها الذاتیة فاعتبار العجز عن التفصّی فیه ظاهر، أمّا لو قلنا بعدم حرمتها ذاتاً، فیجوز قبولها حتّى بغیر الإکراه فضلا عن إمکان التفصّی وعدمه.

وأمّا المحرّمات الاُخر الملازمة لها، فالکلام فیها هو الکلام فی مثل الإکراه على شرب الخمر، أو على إفطار الصوم الواجب، ومنه یظهر حال ما نقل عن علی بن یقطین وأنّه کان یأخذ أموال الشیعة جهراً ویردّها علیهم سرّاً، فانّ التفصّی لم یمکن له ابتداءاً، ولکن کان یمکنه بقاءاً، فکان واجباً لعدم صدق الإکراه علیه.

ولعلّ ما یتراءاى بینهم من الخلاف فی ذلک نزاع فی اللفظ، وفی التعبیر عن المطلب لا فی نفسه.

بقی هنا شیء، وهو أنّه لا فرق فی إمکان التفصّی، من إعداد المقدّمات من قبل، أو ترک الحضور فی مجلس المعصیة، أو مجلس الجائر، فانّه واجب لوجوب التخلّص عن الحرام، فیجب مقدّمته، أو بقاءاً وإدامة کما فی فعل علی بن یقطین، وهو ظاهر أیضاً، فالواجب ترک الخلطة مع الظلمة إذا لا یأمن إکراههم على قبولها.

الأمر الرّابع: إنّ قبول الولایة مع الضرر المالی غیر المجحف بحاله هل هو رخصة، أو عزیمة؟ فیجوز تحمّل الضرر والفرار منه (هکذا عنونه شیخنا الأعظم(قدس سره)فی مکاسبه).

والوجه فیه أنّ الضرر الیسیر تحملّه لازم على کلّ حال، من باب وجوب المقدّمة، کشراء ماء الوضوء وشبهه، ومثله فی التکالیف کثیر، والضرر المجحف یجوز تحمّله فراراً عن الولایة المحرّمة ذاتاً أو بالعرض، کما یجوز عدم تحمّله، ویستقیم الإستدلال له بأنّ الناس مسلّطون على أموالهم، فیجوز لهم صرفها فی طریق النجاة عن الحرام.

نعم، قد یقال: أنّ بذل المال الکثیر للجائر قد یوجب تقویة شوکته، فیحرم من ناحیة اُخرى، أو من جهة إعانته على الإثم، وهو صحیح فی محلّه.

لکن قد أجاب عنه فی مصباح الفقاهة، أوّلا: بمنع الصغرى، لأنّها من قبیل المکوس والضرائب فی مسیر الحاج الذی لا إشکال فی جوازه (ولعلّه لعدم قصد الإعانة) وثانیاً: بمنع الکبرى وهو حرمة الإعانة(17).

قلتُ: أمّا الکبرى فقد عرفت ثبوتها، وفاقاً لما یظهر من المشهور، وأمّا الصغرى فعدم کونه فی بعض الموارد إعانة وإن کان ثابتاً، إلاّ أنّ قصد الإعانة فی بعض الموارد قهری إذا کان شیئاً کثیراً (کما عرفت نظیره فی مسألة بیع العنب ممّن یعمله خمراً) فحنیئذ یکون من قبیل تزاحم المقتضیین، وحکمه ظاهر والله العالم.

الأمر الخامس: قد عرفت إستثناء إراقة الدماء ممّا یشرّعه الإکراه، فحتّى لو هدّده بالقتل لو لم یقتل مؤمناً، فانّه لا یجوز ذلک، بلا خلاف فیه بینهم، بل ادّعى فی الجواهر الإجماع علیه بقسمیه(18).

وقد دلّ علیه غیر واحد من الأحادیث الواردة فی الباب 31 من أبواب الأمر بالمعروف وإلیک بعضها:

1 ـ ما رواه محمّد بن مسلم عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: «إنّما جعلت التقیّة لیحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فلیس تقیّة»(19).

2 ـ ما رواه أبو حمزة الثمالی قال: قال أبو عبدالله(علیه السلام): «... إنّما جعلت التقیّة لیحقن بها الدم فإذا بلغت التقیّة الدم فلا تقیّة ...»(20).

ووصف الأوّل بالصحّة، والثانی بالوثاقة.

والعمدة فیها الإجماع مع الروایتین.

هذا وقد حکی عن بعض الأکابر(21) أنّه منع دلالة الروایتین على المقصود، نظراً إلى أنّ مفادها رفع التقیّة عن الإنسان إذا وقعت نفسه فی الخطر ولم تنفع التقیّة فی نجاته، وحینئذ یجب علیها إظهار ما یجب إظهاره، لأنّ غایتها وهی حفظ الدم قد إنتفت، وهذا أمر وجدانی عقلی.

وقد أقرّه على ذلک فی الجملة بعض الأساتذة(22) بالنسبة إلى الروایة الاُولى وأنکره بالنسبة إلى الثانیة.

والإنصاف أنّه من عجیب الکلام، فانّ الفاعل فی قوله «بلغ» فی الروایة الاُولى أیضا العمل بالتقیّة کما فی بلغت فی الثانیة (ولا یضرّه التذکیر کما هو واضح) وبلوغ التقیّة الدم إنّما هو بکونها سبباً لذلک، لا بلوغ الإنسان دمه بسبب آخر.

هذا مضافاً إلى أنّ الحکم فی المسألة عقلی فی الجملة، وکیف یمنّ الشارع على إنسان بإراقة دم إنسان آخر لحفظ نفسه، أو لحفظ بعض منافعه الاُخرى، وقد عرفت فساد القول بأنّ المکره لا إرادة له وانّ الفعل غیر منسوب إلیه.


1. سورة آل عمران، الآیة 28.
2. سورة النحل، الآیة 106.
3. وسائل الشیعة، ج 11، ص 295، الباب 56، من أبواب جهاد النفس.
4. المصدر السابق، ص 468، الباب 25، من أبواب الأمر والنهی وما یناسبهما، ح 1.
5. المصدر السابق، ح 2.
6. المصدر السابق، ص 469، ح 8.
7. القواعد والفوائد، ج 2، قاعدة 208، ص 155.
8. جواهر الکلام، ج 22، ص 167 و168.
9. جواهر الکلام، ص 165.
10. مفتاح الکرامة، ج 4، ص 115.
11. جواهر الکلام، ج 22، ص 167.
12. مصباح الفقاهة، ج 1، ص 445.
13. وسائل الشیعة، ج 11، ص 478، الباب 29، من أبواب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، ح 11.
14. وسائل الشیعة، ج 11، ص 473، الباب 28، من أبواب الأمر والنهی وما یناسبهما، ح 3.
15. المصدر السابق، ح 4.
16. المصدر السابق، ص 475، ح 13.
17. مصباح الفقاهة، ج 1، ص 179.
18. جواهر الکلام، ج 22، ص 167.
19. وسائل الشیعة، ج 11، الباب 31، ص 483، ح 1.
20. المصدر السابق، ح 2.
21. وهو المحقّق الأیروانی(قدس سره) فی حاشیته على المکاسب، ص 48.
22. مصباح الفقاهة، ج 1، ص 454.

 

الصورة الثّانی: الاکراهبقی هنا فروع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma