الصدق فی الروایات الإسلامیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
تفسیر واستنتاج2 ـ دوافع الصدق

إنّ أهمیّة هذه الفضیلة الأخلاقیة فی الروایات الإسلامیة أکثر من أن یقال أو یذکر فی هذا المختصر، فالأحادیث الشریفة الواردة عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والأئمّة المعصومین(علیهم السلام)فی هذا المجال تجاوزت حد الحصر، ولکننا نکتفی فی هذا الفصل بذکر نماذج منها لبیان أهمیّة هذه الصفة من بین الصفات الأخلاقیة للإنسان حیث یستفاد جیداً من الروایات أنّ جمیع الفضائل الإنسانیة تنبع من حالة الصدق.

1 ـ ورد فی الحدیث الشریف عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی بیان أهمیّة الصدق والذی تقدّم ذکره فی الفصل السابق ولکننا نذکره مرة اُخرى لأهمیته: «لا تَنظُروا إلى کَثْرَةِ صَلاتِهِم وَصَومِهِم وَکَثْرَةِ الحَجِّ وَالمَعرُوفِ وَطَنطَنَتِهِم بِالَّلیلِ وَلَکِنْ اُنظُرُوا إِلى صِدقِ الحَدِیثِوَأَداءِ الأَمانةِ»(1).

2 ـ ونقرأ فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق(علیه السلام): «إِن اللهَ لَم یَبعَثْ نَبیّاً إلاّ بِصدقِ الحَدِیثِ وَأَداءِ الأمـانةِ إِلَى البِرِّ والفـاجِرِ»(2).

3 ـ وفی حدیث آخر عن هذا الإمام یقول حول تأثیر الصدق فی جمیع أعمال الإنسان وسلوکیاته «وَمَن صَدَقَ لِسانُهُ زکَى عَمَلُهُ»(3)، لأنّ الصدق یمثل الجذر والأساس لجمیع الأعمال الصالحة، وسوف یأتی لاحقاً بیان هذا المطلب بالتفصیل.

4 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الصادق أیضاً فی کتابه إلى أحد أصحابه ویُدعى عبدالله بن أبی یعفور حیث قال له: «اُنظُر مـا بَلَغَ عَلَیٌّ بِهِ عِندَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله)فَأَلزَمَهُ، فَإنَّ عَلِیّاً(علیه السلام) إِنّما بَلَغَ مـا بَلَغَ عِندَ رَسُولِ الله(صلى الله علیه وآله) بِصدقِ الحَدِیثِ وَأَداءِ الأمـانَةِ»(4).

هذا التعبیر یدلّ على أنّ الإنسان حتّى لو کان شخصیة کبیرة وعظیمة مثل علی بن أبی طالب(علیه السلام) إنّما وصل إلى هذا المقام السامی عند رسول الله(صلى الله علیه وآله) ببرکة هاتین الصفتین: صدق الحدیث، وأداء الأمانة.

5 ـ وقد ورد فی الحدیث الشریف أنّه سُئل أمیرالمؤمنین(علیه السلام): «أی النّاسِ أَکرمُ؟ فَقَالَ: مَنْ صَدَقَ فِی المَواطِن»(5).

ونظراً إلى أنّ القرآن الکریم یقول:(إنّ أَکرَمَکُم عِندَ اللهِ أَتقاکُم)(6) یتضّح أنّ روح التقوى هی الصدق فی الحدیث.

6 ـ وفی حدیث آخر عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) یتحدّث فیه عن تأثیر الصدق فی نجاة الإنسان من الأخطار والمشکلات حیث یقول: «ألزموا الصدق فإنّه منجاة».

وفی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) ورد تشبیهاً جمیلاً عن الصدق حیث یقول: «الصِّدقُ نُورٌ غَیرَ مُتَشَعشِع إِلاّ فِی عـالَمِهِ کَالشَّمْسِ یَستَضیءُ بِهـا کُلُّ شَیٍّ یَغْشَاهُ مِنْ غَیرِ نُقصـان یَقَعُ عَلى مَعنـاها».

ویقول الإمام(علیه السلام) فی ذیل هذا الحدیث: «الصِّدقُ سَیفُ اللهِ فِی أَرضِهِ وَسَمـائِهِ أَینمـا هَوى بِهِ یُقَّدُّ» (7).

7 ـ وعن أهمیّة الصدق یکفی أن نذکر الحدیث الشریف الوارد عن أمیر المؤمنین(علیه السلام)حیث یقول: «الصِّدقُ رأسُ الدِّینِ».

ویقول فی حدیث آخر: «الصِّدقُ صَلاحُ کُلِّ شَیء».

ویقول فی حدیث آخر أیضاً: «الصِّدقُ أَقوى دَعـائِمُ الإِیمـانِ».

وفی روایة اُخرى یقول: «الصِّدقُ جَمـالُ الإنسـانِ وِدَعـامَةُ الإیمـانِ».

وأخیراً یضیف إلى ذلک تعبیراً مهمّاً آخر عن الصدق ویقول: «الصِّدقُ أَشرَفُ خَلائِقِ المُؤمِنِ»(8).

8 ـ ونختم هذا البحث الطویل بحدیث شریف عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) یتحدّث فیه عن مفتاح الجنّة والنار ویقول: «إِنّ رَجُلاً جـاءَ إِلى النَّبِیِّ فَقـالَ یـا رَسُولَ اللهِ مـا عَمَلُ الجَنَّةِ؟ قَـالَ: الصِّدقُ، إِذا صَدَقَ العَبدُ بِرَّ وإذا بَرَّ آمَنَ، وإذا آمَنَ دَخَلَ الجَنَّةَ قَـالَ: یـا رَسُولَ اللهِ وَمـا عَمَلُ النَّارِ؟ قَالَ: الکِذبُ، إِذا کَذِبَ العَبدُ فَجَرَ، وَإِذا فَجَرَ کَفَرَ، وإِذا کَفَرَ دَخَلَ النَّارَ»(9).

والملفت للنظر أنّ هذا الحدیث الشریف یعدّ الصدق منبع الخیر والصلاح وبالتالی فهو منبع الإیمان أیضاً، وما ذلک إلاّ لأنّ الفاسق یتحرّک فی تبریر أعماله الدنیئة من موقع الکذب والدجل والخداع، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّ روح الإنسان ستضعف بسبب الکذب وتدریجیاً یضعف الإیمان أیضاً وبالتالی یفضی ذلک إلى الکفر والسقوط من درجة الإنسانیة کما قال القرآن الکریم: (ثُمَّ کَانَ عَاقِبَةَ الَّذِینَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ کَذَّبُوا بِآیَاتِ اللهِ وَکَانُوا بِهَا یَسْتَهْزِئُون)(10).

9 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) قوله «إذا أَحَبَّ اللهُ عَبدَاً أَلهَمَهُ الصِّدقَ»(11).

10 ـ ونختم هذا البحث بحدیث آخر عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «أَربَعٌ مَنْ اُعطِیَهُنَّ اُعطِی خَیرَ الدُّنیـا وَالآخِرَةِ صِدقُ حَدِیث وَأَداءُ أَمـانَة وَعِفَةُ بَطن وَحُسنُ الخُلق»(12).

ومن مجموع هذه الأحادیث الشریفة یمکننا أن نستوحی نکات مهمّة فی دائرة هذه الصفة الأخلاقیة:

إنّ الصدق هو أحد الطرق التی تتجلّى فیها شخصیة الإنسان وإیمانه وبذلک یمکن اختباره من هذا السبیل.

إنّ الدعوة إلى الصدق هی أحدى البنود الأساسیة لدعوة الإنبیاء والمرسلین فی خط

التکامل المعنوی والإلهی.

إنّ الصدق یتسبب فی طهارة الأعمال وقبول الأفعال.

إنّ المقام المعنوی للإنسان عند الله تعالى یدور مدار الصدق.

إنّ أکرم الناس هم الصادقون.

إنّ الصدق یتسبب فی النجاة فی الآخرة.

إنّ الصدق أقوى دعائم الدین.

إنّ الصدق مفتاح الجنّة.

الصدق علامة محبوبیة الإنسان لدى الله تعالى.

إنّ الإنسان الصادق سینال خیر الدنیا والآخرة.

ونظراً إلى هذه النتائج والمعطیات العشرة للصدق یتّضح جیداً أنّ هذه الصفة الأخلاقیة المهمّة لا تلحقها صفة اُخرى بهذه المعطیات الکثیرة.

بقی هنا فی هذا الموضوع المهم أن نذکر عدّة اُمور (رغم أنّه قد أشرنا إلیها فی ضمن الأبحاث السابقة).

1 ـ تأثیر الصدق فی حیاة الإنسان

بالرغم من أنّ تأثیر الصدق فی حیاة الإنسان یعدّ بدیهیّاً وتوضیح هذا الأمر یعدّ من توضیح الواضحات، ولکن عندما ندخل تفاصیل المسألة نواجه المعطیات الإعجازیة الکبیرة للصدق فی جمیع مفاصل الحیاة البشریة، والالتفات إلى هذه المعطیات المهمّة بإمکانه أن یکون دافعاً قویاً للتحلّی بهذه الصفة الأخلاقیة الکبیرة.

وأول تأثیر للصدق فی حیاة الإنسان هو مسألة الثقة وجلب الاطمئنان والاعتماد المتقابل بین أفراد المجتمع فی حرکة التفاعل الاجتماعی.

ونعلم أنّ أساس الحیاة الاجتماعیة للإنسان هو العمل على المستوى الجماعی ولا یتسنى ذلک إلاّ بأن یتعامل أفراد المجتمع فیما بینهم من موقع الثقة المتبادلة واعتماد البعض على البعض الآخر، وهذا المعنى لا یتحصّل إلاّ بتوفر عنصر الصدق والأمانة بینهم، أجل فإنّ أهم وسیلة مؤثّرة فی جذب إعتماد الناس هو الصدق، وأخطر وسیلة وأداة لهدم العلاقات الاجتماعیة وتخریب أواصر المودّة بین الأفراد هو الکذب، ولا فرق فی هذا الأمر بین المجالات العلمیة والثقافیة والاقتصادیة والسیاسیة.

فالرجل السیاسی المحنّک والذی یعتمد علیه الناس إذا تورط فی مورد أو عدّة موارد من الکذب وسمع منه الناس ذلک، فإنّهم سیتباعدون عنه وبهذا یخسر نفوذه وشخصیته بین الناس.

والعالم أو المکتشف إذا تلّوث بالکذب فی تحقیقاته العلمیة فقد إعتماد المحافل العلمیة باختراعاته وتحقیقاته وبالتالی تذهب أتعابه أدراج الریاح وتکون تحقیقاته المدوّنة حبراً على ورق.

المؤسسات الاقتصادیة أیضاً إذا تعاملت فی الأعلان عن منتوجاتها وبضائعها من موضع الکذب والدجل فإنّ الناس سوف لا یثقون بمنتوجاتها بعد ذلک وسوف تخسر هذه المؤسسات زبائنها سریعاً.

وفی دائرة الإدارة إذا لم یصدق المدیر مع مرؤوسیه وموظفیه فإنّ نظم هذه الدوائر أو المؤسسة سوف یتلاشى بالتأکید، وعلى هذا نصل إلى هذه النتیجة وهی أنّ أساس جمیع أشکال التقدّم المعنوی والمادی فی المجتمع یتمثّل بالاعتماد المتقابل بین الأفراد والذی یعتمد بدوره على الصدق.

ولذلک ورد فی الروایة الشریفة عن أمیر المؤمنین أنّه قال: «الصِّدقُ صلاح کُلِّ شیء والکِذبُ فَسـادُ کُلِّ شَیء»(13).

وقال أیضاً فی حدیث آخر: «الکَذِّابُ والمَیِّتُ سَواءٌ فإنَّ فَضِیلَةَ الحَیِّ عَلَى المَیِّتِ الثِّقَةُ بِهِ، فَإذا لَمْ یُوثَقُ بَکلامِهِ فَقَد بَطَلَتْ حَیـاتُهُ»(14).

والأمر الآخر هو أنّ الصدق یهب لصاحبه شخصیة اجتماعیة مرموقة فی حین أنّ الکذب یتسبب فی فضیحته وذهاب ماء وجهه وسمعته، والإنسان الصادق یعیش حیاة العزّة والکرامة دائماً أمّا الکاذب فیعیش حالة الدناءة والحقارة والانتهازیة.

ولهذا ورد عن أمیرالمؤمنین أنّه قال: «عَلَیکَ بِالصِّدقِ فَمَنْ صَدَقَ فِی أَقوالِهِ جَلَّ قَدرُهُ»(15).

ومن جهة ثالثة نجد أنّ الصدق والأمانة یهبان للإنسان الشجاعة والشهامة فی حین أنّ الکذب والخیانة یجرّان الإنسان إلى السقوط فی هوة الخوف والفزع من إنکشاف أمره وافتضاح حاله وبالتالی خسران جمیع ما أعدّه سلفاً لحیاة کریمة وسعیدة من خلال الکذب والخداع والخیانة.

ومن جهة رابعة فإنّ الصدق بإمکانه أن ینقذ الإنسان من کثیر من الذنوب والآثام، لأنّه فی حال ما لو ارتکب ذنباً معیناً ثمّ سأل عنه فإنّه لا یستطیع الإقرار بهذا الذنب والاعتراف به، فمن الأفضل له أن لا یرتکبه سلفاً.

وقد ورد فی الحدیث الشریف المعروف عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه جاء رجل إلیه(صلى الله علیه وآله)وقال: أنا یا رسول الله استسر بخلال أربع، الزنا، وشرب الخمر، والسرقة، والکذب، فأیّتهنّ شئت ترکتها لک، قال(صلى الله علیه وآله): «دع الکذب».

فلما ولى هم بالزنا فقال: یسألنی فان جحدت نقضت ما جعلت له وإن أقررت حددت، ثم هم بالسرقة ثم بشرب الخمر ففکر فی مثل ذلک فرجع إلیه فقال: قد أخذت علیَّ السبیل کلّه فقد ترکتهنّ أجمع(16).

ومن جهة خامسة نجد أنّ الصدق یعمل على حلّ الکثیر من المشاکل والأزمات فی المجتمع ویسهّل للإنسان الوصول إلى مقصده ویقلّل من نفقات المسیر ویهب الناس هدوءاً وطمأنینة ویزیل الاضطراب والقلق والتوتر الذی ینشأ من حالات احتمالات الکذب فی أقوال الطرف الآخر ویوطد أرکان المحبّة ویعمّق وشائج المودّة بین أفراد المجتمع وبذلک یفضی على شخصیة هؤلاء الأفراد نوراً وبهاءاً أکثر، وقد أشارت الروایات الکریمة إلى هذا المعنى أیضاً وأنّ شخصیة الإنسان الذاتیة هی التی تدعو لئن یکون الإنسان صادقاً کما ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) قوله: «أَحسَنُ مِنَ الصِّدقِ قـائِلُهُ وَخَیرٌ مِنَ الخَیرِ فـاعِلُهُ»(17).

ونختم هذا الکلام بحدیث شریف عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) کشاهد صدق على هذا المطلب حیث یقول: «یَکتَسِبُ الصَّادِقُ بِصِدقِهِ ثَلاثاً، حُسنُ الثِّقَةِ والمَحَبَّةِ لَهُ وَالمَهـابَةُ مِنهُ»(18).

 


1. بحار الانوار، ج68، ص9، ح13.
2. اصول الکافی، ج2، ص104، ح1.
3. المصدر السابق، ح3.
4. اصول الکافی، ج2، ص104، ح5.
5. بحار الانوار، ج67، ص9، ح12.
6. سورة الحجرات، الآیة 13.
7. بحار الانوار، ج68، ص10، ح18.
8. غرر الحکم.
9. میزان الحکمة، ج3، ص2674.
10. سور الروم، الآیة 10.
11. غرر الحکم.
12. المصدر السابق.
13. غرر الحکم.
14. المصدر السابق.
15. غرر الحکم.
16. شرح نهج البلاغة، لابن أبی اللحدید، ج6، ص357.
17. بحار الانوار، ج68، ص9.
18. غرر الحکم.

 

تفسیر واستنتاج2 ـ دوافع الصدق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma