لقد اختلف المفسرین فی المراد من النعم «الظاهرة» و«الباطنة»، فالبعض اعتقد أنّ النعمة الظاهرة هی الشیء الذی لا یمکن لأیّ أحد إنکاره کالخلق والحیاة وأنواع الأرزاق، والنعم الباطنة إشارة إلى الاُمور التی لا یمکن إدراکها من دون دقّة ومطالعة ککثیر من القوى الروحیة والغرائز المهمّة.
هو استخدام متبادل، وخدمة ذات طرفین، وبتعبیر آخر: فإنّ الهدف من التسخیر هو التعاون فی أمر الحیاة، ولا شیء آخر.
ولا یخفى أنّ البشر لو کانوا متساوین جمیعاً من ناحیة الذکاء والإستعداد الروحی والجسمی، فسوف لن تتهیّأ مستلزمات الحیاة الاجتماعیّة، والنظم الحیاتیّة مطلقاً
إن الكتب السماوية و البيانات النبوية المأثورة على ما بأيدينا لا توافق التفسير المادي لهذه الدنيا وظواهرها و لا تناسبه أدنى مناسبة، و إنما دعاهم إلى هذا النوع من التفسير إخلادهم إلى الأرض و ركونهم إلى مباحث المادة فاستلزموا إنكار ما وراء الطبيعة و تفسير الحقائق المتعالية عن المادة بما يسلخها عن شأنها و تعيدها إلى المادة الجامدة.
إنّ حقیقة أىّ نعمة ورحمة فی هذا العالم مصدرها الخالق، ولا یملک الإنسان شیئاً من تلقاء نفسه، فإنّ الکل یأکل من مائدة نعم الله سبحانه وتعالى، ویحتاج إلى لطفه ورحمته، فلیس منطقیاً الغرور عند النعمة، ولا الیأس عن المصیبة.
صحیح أنّ الجهاد والسعی هما مفتاح حلّ الکثیر من المشاکل، ولکن إغفال مسبب الأسباب والنظر إلى الأسباب فقط، واعتبار الکفاءة هی المؤثر الوحید یعد خطأً کبیراً حيث هناك ید قویّة اُخرى خلف عالم الاسباب تدیر الشؤون وفق .منهج محسوب وهي اليد الربانية
طریقة إیصال الرزق من الله تعالى إلى الموجودات المختلفة مذهلة ومحیرة حقّاً. من الجنین الذی یعیش فی بطن اُمّه ولا یعلم أحد من أسراره شیئاً، إلى الحشرات المختلفة التی تعیش فی طیّات الأرض، وفی الأشجار وعلى قمم الجبال أو فی أعماق البحر، وفی الأصداف... جمیع هذه الموجودات یتکفل الله برزقها ولا تخفى على علمه، وکما یقول القرآن (... على الله رزقها ویعلم مستقرّها ومستودعها).
إنه سبحانه أرحم وأرأف من أن یؤاخذنا على عدم الاستطاعة فی أداء أتمّ الشکر على نعمه. ویکفینا من لطفه تعالى بأن یحسبنا من الشاکرین فی حال اعتذرنا له واعترافنا بالعجز عن أداء حق الشکر الکامل. ولکن
هذا لا یمنع من أن نتتبع ونحصی النعم الرّبانیة بقدر المستطاع، لأنّ ذلک یزیدنا معرفة للّه، وعلماً بعالم الخلیقة، وآفاق التوحید الرحبة، کما یزید من حرارة عشقه سبحانه فی أعماق قلوبنا، وکذا یحرّک فینا الشعور المتحسس بضرورة ووجوب شکر المنعم جلّ وعلا
النعم الإلهیّة الکثیرة یمکن أن تکون سبباً لغفلة البعض وإسرافهم فیها بأنواع الطعام والشراب والزینة والملابس والمراکب وغیر ذلک، ممّا یستلزم تحذیراً إلهیّاً للإنسان، بأنّ هذه الدنیا لیست المستقرّ، فالحذر من التعلّق بها، ولابدّ من الاستفادة من هذه النعم فی طاعة الله... إنّ هذا التنبیه والتذکیر بالرحیل عن هذه الدنیا هو نعمة عظیمة