طریقة إیصال الرزق من الله تعالى إلى الموجودات المختلفة مذهلة ومحیرة حقّاً. من الجنین الذی یعیش فی بطن اُمّه ولا یعلم أحد من أسراره شیئاً، إلى الحشرات المختلفة التی تعیش فی طیّات الأرض، وفی الأشجار وعلى قمم الجبال أو فی أعماق البحر، وفی الأصداف... جمیع هذه الموجودات یتکفل الله برزقها ولا تخفى على علمه، وکما یقول القرآن (... على الله رزقها ویعلم مستقرّها ومستودعها).
صحیح أنّ الجهاد والسعی هما مفتاح حلّ الکثیر من المشاکل، ولکن إغفال مسبب الأسباب والنظر إلى الأسباب فقط، واعتبار الکفاءة هی المؤثر الوحید یعد خطأً کبیراً حيث هناك ید قویّة اُخرى خلف عالم الاسباب تدیر الشؤون وفق .منهج محسوب وهي اليد الربانية
قد تکون قلّة الرزق بسبب کسل الإنسان وتهاونه أحیاناً، فهذا النقص والحرمان لیس ما یریده الله حتماً، بل بسبب أعماله، والإسلام یدعو الجمیع إلى الجهد والجهاد والمثابرة ولکن عندما یبذل الإنسان جهده، وتغلق الأبواب فی وجهه، فإنها تكون لمصلحة معیّنة، فعليه أن لا یجزع، ولا ییأس، ولا ینطق بالکفر، ویستمر فی محاولاته ویستسلم لرضا الخالق
إن الله سبحانه وتعالى إنّما یمتحن البعض بالفقر کما یمتحن البعض الآخر بالغنى
والثروة، وربّما یضع الله الإنسان وفی وقتین مختلفین فی بوتقة الامتحان: الغنى والفقر، وینظر هل یؤدّی الأمانة حال فقره ویتمتّع بمناعة الطبع ویلج مراتب الشکر اللائقة، أم أنّه یطأ کلّ ذلک بقدمه ویمرّ؟ وفی حال الغنى هل ینفق ممّا تفضّل الله به علیه، أم لا؟
التفاوت بین دخل الأفراد ینبع من التفاوت بالإستعدادات، وهو من المواهب والنعم الإلهیّة، وإنْ أمکن أنْ یکون بعض ذلک اکتسابیاً، فالبعض الآخر غیر اکتسابی قطعاً. وحکمة وجود التفاوت فی الاستعدادات المستتبعة لهذا التفاوت قد ألزمتها ضرورة
حفظ النظام الاجتماعی، ولیکون التفاوت فی الإستعدادات دافعاً لتربیة وإنماء الإستعدادات المختلفة للأفراد.
إنّ رزق کل أحد مقدّر وثابت، إلاّ أنّه مشروط بالسعی والجد، وإذا لم یتوفر الشرط لم یحصل المشروط. وأنّ أقل معرفة بالقرآن والأحادیث الإسلامیة تکفی فی بیان أنّ الإسلام یعدّ أساس أی استفادة مادیة ومعنویة للإنسان هو السعی والجد والمثابرة، حتى أنّنا نجد فی القرآن جملة بمثابة الشعار لهذا الموضوع، وهی الآیة الکریمة (لیس للإنسان إلاّ ماسعى)