الجواب الاجمالي:
طریقة إیصال الرزق من الله تعالى إلى الموجودات المختلفة مذهلة ومحیرة حقّاً. من الجنین الذی یعیش فی بطن اُمّه ولا یعلم أحد من أسراره شیئاً، إلى الحشرات المختلفة التی تعیش فی طیّات الأرض، وفی الأشجار وعلى قمم الجبال أو فی أعماق البحر، وفی الأصداف... جمیع هذه الموجودات یتکفل الله برزقها ولا تخفى على علمه، وکما یقول القرآن (... على الله رزقها ویعلم مستقرّها ومستودعها).
الجواب التفصيلي:
مسألة تأمین الحاجات بالنسبة للموجودات الحیة ـ وبتعبیر آخر تأمین رزقها ـ من المسائل المثیرة التی تنکشف أسرارها بمرور الزمان وتَقدُّم العلم... وتظهر کل یوم میادین جدیدة تدعو للتعجب والدهشة.
کان العلماء فی الماضی یتساءلون فیما لو کان فی أعماق البحار موجودات حیّة، فمن أین یتم تأمین غذائها؟! إذْ أنّ أصل الغذاء یعود إلى النباتات والحشائش، وهی تحتاج إلى نور الشمس، ولکن على عمق 700 متر فصاعداً لا وجود لنور الشمس أبداً، بل لیل أبدی مظلم یلقی ظلاله ویبسط أسداله هناک.
ولکن اتّضح بتقدم العلم أنّ نور الشمس یُغذّی النباتات المجهریة فی سطح الماء وبین الأمواج، وحین تبلغ مرحلة النضج تهبط إلى أعماق البحر کالفاکهة الناضجة، وتنضم إلى الأرزاق الإلهیّة للاحیاء فی تلک الاعماق، مائدة نعمة الله للموجودات الحیة تحت الماء !
ومن جهة اُخرى فهناک طیور کثیرة تتغذى من أسماک البحر، منها طیور تطیر فی اللیل وتهبط إلى البحر کالغواص الماهر وعن طریق أمواج راداریة خاصّة تخرج من آنافها تعرف صیدها وتصطاده بمنقارها.
ورزق بعض أنواع الطیور یکون مُدّخراً بین ثنایا أسنان حیوانات بحریة کبیرة هذا النوع من الحیوانات بعد أن یتغذى من حیوانات البحر، تحتاج أسنانه إلى «منظف طبیعی» فیأتی إلى ساحل البحر ویفتح فمه الواسع فتدخل هذه الطیور التی اُدّخر رزقها فی فم هذا الحیوان الضخم ـ دون وحشة ولا اضطراب ـ وتبحث عن رزقها بین ثنایا أسنان هذا الحیوان الکبیر، فتملأ بطونها من جهة، وتریح الحیوان الذی تزدحم بین أسنانه «هذه الفضلات» من جهة اُخرى... وحین تخرج الطیور وتطیر فی الفضاء یطبق هذا الحیوان البحری فمه بکل هدوء ویعود إلى أعماق البحر.
طریقة إیصال الرزق من الله تعالى إلى الموجودات المختلفة مذهلة ومحیرة حقّاً. من الجنین الذی یعیش فی بطن اُمّه ولا یعلم أحد من أسراره شیئاً، إلى الحشرات المختلفة التی تعیش فی طیّات الأرض، وفی الأشجار وعلى قمم الجبال أو فی أعماق البحر، وفی الأصداف... جمیع هذه الموجودات یتکفل الله برزقها ولا تخفى على علمه، وکما یقول القرآن (... على الله رزقها ویعلم مستقرّها ومستودعها).
الطریف فی الآیات آنفة الذکر أنّها تعِّبُر عن الموجودات التی تطلب الرزق بـ «الدّابّة» وفیها إشارة لطیفة إلى العلاقة بین موضوع «الطاقة» و«الحرکة». ونعلم أنّه حیثما تکن حرکة فلابدّ لها من طاقة، أی ما یکون منشأً للحرکة، والقرآن الکریم یبیّن ـ فی الآیات محل البحث ـ أنّ الله یرزق جمیع الموجودات المتحرکة، وإذا ما توسعنا فی معنى الحرکة فإنّ النباتات تندرج فی هذا الأمر أیضاً، لأنّ للنباتات حرکة دقیقة وظریفة فی نموها، ولهذا عدّوا فی الفلسفة الاسلامیة موضوع «النمو» واحداً من أقسام الحرکة...(1)
لا يوجد تعليق