اذا کان منظور الوهابیین من الاجماع ان جمیع العلماء أفتوا فی کتبهم الفقهیة والروائیة هکذا فتوا فإن هذا مجرد إدعاء حیث نرى بعض علماء أبناء العامة أفتوا على خلاف ما تدعیه الوهابیة، لکن إذا کان المقصود من الاجماع على حرمة البناء على القبور لدى الوهابیین سیرة المسلمین فنقول: إن سیرة المسلمین إلى حین ظهور عبد الوهاب وإقدام الحرکة الوهابیة على هدم القبور وغزو البلدان الاسلامیة لم یکن للاجماع الذی یدعونه موطئ قدم بین المسلمین
إنّ الأحاديث الواردة في النهي عن البناء على القبور ناظر إلى عمل اليهود والنصارى، وأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وينهى المسلمين عن متابعتهم في ذلك . وبما أنّ أهل الكتاب معروفون بالشرك وعبادة غير اللّه طيلة الأجيال والقرون، فاليهود هم الذين طلبوا من نبيهم أن يجعل إلهاً كما أنّ لغيرهم آلهة، وهم الذين عبدوا العجل، بل عبدوا بعد رحلة الكليم أرباباً وآلهة، فهم كأنهم مفطورون على الوثنية وعبادة البشر، فينصرف الحديث إلى عمل يلحق المسلم بهم، ولا يمكن أن يدّعى أنّ الحديث يعم ما إذا كان عمل اتخاذ القبور مساجد مجرّداً عن أىّ شرك، أو إذا كانت إقامة الصلاة عند قبورهم من باب التبرك بهم.
إن البناء على القبور کانت سیرة سائدة بین المسلمین من عصر الصحابة إلى یومنا هذا ، وهذه هی کتب الرحلات تذکر لنا وصف القبور الموجودة فی المدینة التی کانت علیها قباب وعلى قبورهم صخرة فیها أسماؤهم، فالاتفاق والإجماع من قبل علماء الإسلام طیلة قرون أقوى شاهد على جواز البناء على قبور الشخصیات الإسلامیة الذین لهم منزلة ومکانة فی القلوب
على فرض تجاهل کل البراهین التی تدلل على عدم صحة الروایة سنداً ودلالة فلا یمکن الاستفادة من الروایة بأی شکل من الاشکال لجواز تسویة القبور وهدمها والسؤال الذی یطرح نفسه بقوة هنا هو: ما هی العلاقة بین تسویة القبور وتهدیمها؟ فهذه الروایة لا تدلل على حرمة البناء على القبور ولا على وجوب تهدیم البناء المشید علیها
وجود كل من أبي الزبير وابن جريح فی سند الروایة موجب لضعفها ولا یمکن الاعتماد على هکذا روایة
ولا یصح الافتاء على اساسها کما ان ابناء السنة طرحوا هذه الروایة ولم یفتوا على طبقها
مسئلة تعمير القبور وبناء القبب والجدران والمظلات على قبور الانبياء والاولياء (ع) من المسائل التي ترفضها الوهابية بشدة، وكان إبن تيمية أول من أفتى بحرمة البناء على القبور، سواء أكان صاحب القبر صالحاً أم طالحاً
إن الروايات التي استند عليها القائلون بالنهي عن بناء المساجد على القبور كلها ناظرة إلى سيرة اليهود في هذا المجال، لكن سيتضح لمن يمعن النظر ويدقق في تاريخ اليهود أن سيرتهم على عكس ما جاء في هذه الروايات كان قائماً على قتل الأنبياء وتشريدهم وإيذائهم، فكيف تحولت هذه الأمة إلى أمة تشید المساجد على قبور أنبیائها تکریما وتبجیلا لهم
قال ابي عبدالله (عليه السلام)
لا يَزَالُ الدِّينُ قَائِماً مَا قَامَتِ الْکَعْبَةُ.
تا زمانى که کعبه استوار و پابرجاست، دين نيز پايدار خواهد بود.