الجواب الاجمالي:
على فرض تجاهل کل البراهین التی تدلل على عدم صحة الروایة سنداً ودلالة فلا یمکن الاستفادة من الروایة بأی شکل من الاشکال لجواز تسویة القبور وهدمها والسؤال الذی یطرح نفسه بقوة هنا هو: ما هی العلاقة بین تسویة القبور وتهدیمها؟ فهذه الروایة لا تدلل على حرمة البناء على القبور ولا على وجوب تهدیم البناء المشید علیها
الجواب التفصيلي:
بغض النظر عن سند الحدیث واصل صدوره نناقش نص الروایة ومعانیها ومدالیلها. جاء فی قسم من الروایة: «..و لا قبراً مُشرفاً إلا سَوَّیْتَهُ»; علینا ان نعرف قبل کل شیء ما هو المقصود من مفردتی "المشرف" و "التسویة" فی نص الروایة. المشرف فی اللغة بمعنى: «الشَّرَفُ مُحَرَّکَةً العُلُوّ و المکانُ العالى... وَ (الشَّرفُ) مِنَ البَعیرِ سنامُه»(1) وعلى ذلک فان مفردة "المشرف" إما ان تعنی مطلق العلو وإما المکان العالی کسنام البعیر وبالرجوع الى المعنى اللغوی للمفردة یمکن القول ان المنظور من القبر المشرف، قبر عال شید کسنام البعیر. لذا فالقبر المشرف لا یصدق على کل قبر ارتفع عن سطح الارض وانما یصدق على کل قبر شید على نحو علو سنام البعیر.
المفردة الاخرى التی هی محل النقاش مفردة "سویته" من مادة "التسویة". جاء فی کتاب مصباح المنیر ذیل مادة "سوّى" ما یلی: استوى المکان أی تعادل وسویته یعنی ساویت وعدلت ذلک المکان"(2).
النقطة المهمة الاخرى فی المقام ان مفردة "التسویة" لها معنیان واستعمالان على أقل التقدیرات: الاول: استعمالها فی مقارنة شیئین کما لو قالوا: ساویت هذا الشیء بذالک الشیء وفی هذه الصورة تستعمل حروف الجر "الباء" کما جاء فی الآیة الکریمة: (إذاً نُسَوّیکُمْ برَبِّ العلَمینَ).
الاستعمال الثانی: تستعمل فی خصوص شیء واحد ولیست هناک مقارنة بین شیئین کـ: «سوّیتُ الشى، فاستوى أىْ عدّلته فاعتدل».
ومع ما تقدم نشرع بمناقشة مدالیل الروایة. المقصود والمراد من التسویة فی هذه الروایة لیس هو مقارنة شیئین ومساواة شیء بشیء آخر لکن من تمسک بهذه الروایة یدعی ان الروایة تقول: ان مدلول الروایة هو تسویة القبر بالارض على شکل لا یکون القبر شاخصاً فی حین لو کان المقصود من هذه الروایة ما یدعیه الوهابیون فکان المطلوب ان یکون سیاق الروایة کالتالی: «..إلا سَوَّیَتُه بالأرض». ومن هذا المنطلق فان المراد من التسویة هو تعدیل القبر واخراجه من صورة التسنیم حیث یکون علو القبر متساویاً من کافة نواحیه وجوانبه عن سطح الارض.
اذن المقصود من مفردة "المشرف" لیس کل علو عن الارض وانما العلو المذموم فی الروایة هو العلو الذی یشبه علو تسنیم البعیر والذی یجب تسویته وعلى ذلک فلا یجوز تهدیم کل انواع القبر وتسویتها مع سطح الارض. کل ما تقدم هو على فرض صحة نقل الروایة وصحة نسبتها الى النبی الاکرم (صلى الله علیه وآله) والامام علی (علیه السلام) وغض النظر عن الاشکالات السندیة.
وعلى فرض تجاهل کل البراهین التی تدلل على عدم صحة الروایة سنداً ودلالة فلا یمکن الاستفادة من الروایة بأی شکل من الاشکال لجواز تسویة القبور وهدمها والسؤال الذی یطرح نفسه بقوة هنا هو: ما هی العلاقة بین تسویة القبور وتهدیمها؟ فهذه الروایة لا تدلل على حرمة البناء على القبور ولا على وجوب تهدیم البناء المشید علیها.
لا يوجد تعليق