إنّ أعظم جهاد من وجهة نظر الإسلام جهاد الأهواء الجامحة سیما فی الأوساط الملیئة بالإغراءات الدنیویة الفاسدة. حتى جهاد العدو سیکون مجدیاً فی ظل الإخلاص والوحدة والنیة الطاهرة والإبتعاد عن الأنانیة والأغراض الشخصیة ولا یتیسّر ذلک دون السمو الأخلاقی الکافی وجهاد النفس. ومن هنا بیّن(علیه السلام) أنّ أولئک الذین یجاهدون أنفسهم وینتصرون علیها ویصونون أنفسهم فی الأوساط الفاسدة ولا یقارفون الدنس لیسوا بأقل من المجاهدین الشهداء فی سبیل الله، بل ورد فی تتمة الحدیث فی نهج البلاغة أنّ هؤلاء الأفراد فی مصاف ملائکة السماء(1). وسر هذه الأهمیة الفائقة والتأکیدات الکثیرة لزعماء الدین على جهاد النفس حتى اصطلح علیه بالجهاد الأکبر أنّ منشأ أغلب الذنوب أو جمیعها الأهواء النفسیة والشیطانیة، ولما کان خطر عدو الإنسانیة هذا کبیر ونطاق عملیاته واسع ولا حدود له من حیث الزمان والمکان کانت لمقاومته قیمة خاصة وجهاده فی مصاف الشهداء وطوبى للفریقین!