یمکن بیان تفسیرین لهذه الروایة لا یتنافیان مع بعضهما.
1. منتظرو الظهور یأتون بأعمال نتیجتها واحدة مع الجهاد فی سبیل الله; کما قال الإمام علی(علیه السلام): «فرض الله الجهاد عزّاً للإسلام»(1).
ونتیجة انتظار المنتظرین الواقعیین هی هذه الأمور; الإنتظار الذی یتحقق فی ظلّه التهذیب وإجراء الأحکام الإسلامیة وإیصال صوت الدین بالإستعانة بالقلم والبیان وجمیع الوسائل الحدیثة إلى أقصى مناطق العالم.
سؤال: ما نوع انتظارنا؟
الجواب: یرى البعض أنّه منتظر بمجرد تکراره لهذه العبارة «سیدی عجل بظهورک»! والبعض الآخر اختصر انتظاره فی قراءة دعاء «الندبة» وزیارة آل یاسین وما شابه ذلک. وبعض بالإضافة إلى ذلک یتشرّف بزیارة مسجد جمکران المقدس ویکتفى بذلک!
وهذا النوع من التفسیر للإنتظار یجعلنا نتعجب حین تطالعنا مثل هذه الروایات ونسأل أنفسنا: کیف یکون ثواب الدعاء مساویاً لثواب من یتشحط بدمه جهاداً فی سبیل الله؟ أما إن فسرنا الإنتظار بإعداد البشریة برمتها لظهور الإمام(علیه السلام) فإنّ هذا الإنتظار یعادل الجهاد، بل أحیاناً یفوقه أبعاداً!
2. کان البعد الخارجی للإنتظار هو التفسیر الأول، أمّا البعد الباطنی للإنتظار هو جهاد النفس وعلینا أن نهذب ونعد أنفسنا. لأنّه باسط العدالة، فأنى لی انتظار ظهوره إن کنت ظالما.
هو طیب وطاهر فکیف أزعم انتظاره إن کنت ملوثاً و... وعلیه إنّما یتحقق الإنتظار الواقعی حین نجاهد أنفسنا ونتأهب بما یجعلنا مؤهلین أن نکون من جنوده. ومن الواضح أن جهاد النفس أصعب بکثیر من جهاد العدو. ومن هنا خاطب رسول الله(صلى الله علیه وآله)المسلمین الذین عادوا من معرکة عنیفة قائلا: «مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقى علیهم الجهاد الأکبر، قالوا: وما الجهاد الأکبر؟ قال الجهاد مع النفس».(2) والنتیجة لابدّ من تفسیر الإنتظار للناس فی بعدیه الخارجی والباطنی کی لا یفرغ من محتواه ولا یختصر فی الدعاء. ترى لو کنّا ننتظر ضیفاً عزیزاً ماذا نفعل؟ لا شک ننظف أنفسنا ونطهّر البیت. أفلا ینبغی أن یطهر منتظرو إمام العصر والزمان ـ عجل الله فرجه ـ أنفسهم وبیوتهم؟!