أشار أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی هذه الروایة القصیرة الرائعة والعمیقة المعنى إلى مسألة فی غایة الأهمیة وهی: أنّ العمل لیس مجرد مسألة اقتصادیة، بل مسألة أخلاقیة مهمّة; ومن هنا بیّن(علیه السلام) أنّ البطالة أحد عوامل الفساد والعمل یحول دونه. قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أی مفسدة(1)
وتؤید الإحصاءات ما ورد فی هذه الروایة. جدیر ذکره أنّ المراد من العمل والشغل فی هذه الروایة لیس الشغل والکسب العالق فی أذهاننا، بل المراد کل عمل مفید ومشروع یشغل الإنسان. وما ورد فی الخبر أنّ الشیطان یحشد جنوده بین صلاتی المغرب والعشاء(2)حیث إنّ الناس بلا عمل فی هذه الساعة عادة. ولذلک تسمى هذه اللحظات «ساعة الغفلة».(3) وصلاة الغفیلة بین صلاة المغرب والعشاء سمیت بهذا الإسم لأنها تحد من آثار الغفلة المدمرة. أضف الى ذلک من الواضح أنّ أحداً لا یبلغ شیئاً دون عمل وشغل أینما کان فی هذه الدنیا. ومن هنا کان الأعلام أنشط أفراد عصرهم ولا یفرق لدیهم التعطیل من عدمه والسفر والحضر، بل العطلة والسفر یغیر نوع عملهم ونشاطهم، بینما لا یعطلون قط مطالعاتهم وأنشطتهم العلمیة وهذه نقطة مهمّة فی أن یستفید جمیع الطلاب الجامعیین والمراکز العلمیة والطلبة والحوزات العلمیة بنحو أحسن من تعطیلاتهم وأوقات فراغهم.