حضیت المحاسبة بتأکید شدید فی الروایات الإسلامیة والتی لا ینفک علماء السیر والسلوک عن الترکیز علیها. فما المحاسبة؟ لابدّ أن نقول فی الجواب إنّ للإنسان مصادر مهمّة طیلة عمره ینهمک فی تأمینها واستهلاکها. والمحاسبة أن یراقب ماالذی یحصل علیه من تأمین هذه المصادر المهمّة؟ هل یستغل هذه المصادر القیمة کالعمر والعقل والدین والإیمان وما شابه ذلک کما ینبغی؟ الله محاسب ورغم أنّ علمه مطلق فقد صنع سجل عمل لجمیع الأفراد وسیحاسبهم على أعمالهم وعقائدهم وسلوکیاتهم، ویا له من سجل دقیق ومنظم بحیث یحصی أصغر أعمال الإنسان.(1) ویجری جمیع نظام الوجود على أساس الحساب والدقة. إذن لماذا لا یکون الإنسان من أهل الحساب مع أنّه لا یعتبر حتى قطرة من بحر عالم الوجود؟ لابدّ أن نحاسب أنفسنا مرّة کل یوم أو کل أسبوع أو کل شهر; کم أدیّنا من عبادة خالصة؟ کم خدمنا الآخرین؟ ما مدى تجاوزنا لحقوقنا؟ هل ضیعنا حقوق الآخرین؟ ألسنا مدینین للآخرین؟ ومئات الأسئلة الأخرى; لأننا سنهزم إن لم نکن من أهل الحساب، سننّبه فجأة إلى ضیاع کل مصادرنا دون أن نظفر بشیء. ویتضح مما تقدم کیف یستفید من یخوض فی محاسبة نفسه وما مدى الخسران الذی یصیب من یغفل عن حساب نفسه.