إنّ منشأ أغلب المشاکل الأخلاقیة التی تصیب الإنسان، مشکلة المعرفة، وحین تحل هذه المشکلة وتتکامل معرفة الإنسان تحل مشاکله الخلقیة. لِمَ أصبح البعض عبدة للدنیا؟ لأنّهم لم یعرفوا هذه الدنیا الغرارة المزخرفة. طبعاً من الواضح أننا لا نرى الأخلاق مساویة للعلم والمعرفة بحیث لیس هنالک من تدخل للغرائز فیها، ولکن یقیناً أنّ أحد مصادر الأخلاق العلم والمعرفة. وعلیه لو صدّق عبدة الدنیا أنّها سریعة الزوال وتافهة ومتقلبة ومشوبة بأنواع المحن لما عبدوها قط. دخل شخص على ملک وقال: أحبّ أن أجلس على عرشک لیوم واحد ویکون الأمر لی فی کل شیء! وافق الملک وجلس ذلک الشخص على العرش. فأمر الملک أن یلفّ خنجر بشعرة ویعلّق فوق رأس ذلک الشخص. فلمّا رأى الخنجر اضطرب وقلِق. سأل: ما هذا الخنجر؟ قیل: هذه مصائب ومصاعب الحکومة ولابدّ أن تتحمل. فانتظر غروب الشمس فلمّا غربت نزل من العرش وتنفس الصعداء وقال: الحمد لله لم أصبح ملکاً. وکان المرحوم آیة الله العظمى البروجردی(رحمه الله) أحد مراجع التقلید الأفذاذ فی عصره یقول: «لو درس طالب العلوم الدینیة وأجهد نفسه لینال هذا المقام (المرجعیة) فما من شک فی حماقته».
والخلاصة لابدّ أن نبتعد أکثر عن الدنیا. طبعاً الزهد لا یعنی ترک الدنیا، بل عدم التعلق بها وإن انتفع بها من خلال الطریق الصحیح.