الجواب الاجمالي:
لا يوجد ولا شيعي واحد يعبد القبور, وانما هو زيارة وتبرّك وعبادة لله سبحانه وتعالى في اماكن يستجاب فيها الدعاء, لانها اماكن تضم قبور الانبياء والائمة والصالحين, وان كان المراد ان مطلق التبرك هو عبادة للقبر فإنه لم نجد قولاً بالحرمة لأحد من أعلام المذاهب الاربعة ممّن لهم ولآرائهم قيمة في المجتمع, وإنما القائل بالنهي عنه من اولئك يراه تنزيها لا تحريما, ويقول بالكراهة مستنداً الى زعم أنّ الدنوّ من القبر الشريف يخالف حسن الأدب, ويحسب أنّ البعد منه أليق به
الجواب التفصيلي:
هذه المسألة لا تختص فقط بالشیعة، بل إنّ مسلمی العالم عموماً فی حرم النبی (صلى الله علیه وآله) بقصد الشفاء أو التبرک یضعون أیدیهم على الضریح أو یُدهنون أیدیهم بالغبار ویمررونه على أعینهم أو یقبلون الضریح ویظهرون المحبة والعلاقة.
إنّ هذا التقبیل أو تمریر الید أسلوب من أسالیب إظهار المحبة، بعض من هذه الأعمال یقام بها بقصد التبرک أو الإستشفاء وفی الواقع الزائر إذا کان عنده عنایة خاصة لغبار الضریح وبهذا القصد یضع یده ویمسح بها عینیه، فی هذا القسم الثانی ممکن أن یکون الجواز فیه تأمل، ولکن مع قلیل من الدقة یعلم أنه لا یوجد مسلم یفکر هکذا وهو أنّ التراب أو الحدید تشفیه! بل إن قصده انّ الله ببرکة حضرة الرسول (صلى الله علیه وآله) یعطیه الشفاء بوسیلة تراب القبر.
الله تعالى جعل أسباباً للحوادث والأعمال: مثلاً جعل علاج داء معین بدواء مخصوص إذا استعمل الدواء بشرائطه سوف یعطی أثراً، لکن لا شفاء دائماً بالأدویة، بل یمکن أن یکون الشفاء فی ماء زمزم وإذا شرب من ذلک الماء على إحتمال أنه یشفى، جاء هذا المطلب کذلک فی الروایات.
فی مورد الذی ینزل الماء من میزاب الکعبة وقت المطر المسلمون یعتقدون على حسب الروایات یغترفون من هذا الماء ویشربونه وبسببِ حرمة بیت الکعبة یأملون حصولهم على الشفاء ولا یستبعد أن یکون قد جعل الشفاء فی هکذا ماء، قطعاً الشافی الله والماء لیس إلا وسیلة وسبب لا أقل ولا أکثر وهو کالدواء.
لا یقصد الذی یطلب التبرک بالماء أو ضریح الأنبیاء والأئمة (علیهم السلام) انّ الماء والحدیدة تعطیه الشفاء بل یعتقد بالسبب الذی هو: معنویة وکرامة الأنبیاء والأولیاء (علیهم السلام) وکل ماله علاقة بهم ممکن أن یکون وسیلة لشفائه، لأن علل وأسباب الحوادث لا تکون دائماً مادیة، دائماً لا یکون الشفاء عن طریق الطبیب والدواء بل بعض الأحیان الشفاء یکون عن طریق الأسباب والعلل التی فی الظاهر لیس لها علاقة برفع المرض والسلامة لکن یوجد فیها أثر خفی، الإستفادة من کل من هاتین السلسلتین من العلل والأسباب جائز ولا یمکن أن تکون موجبة للشرک، الإعتقاد بوجود البرکة فی شیء لا یستلزم الشرک فی الربوبیة أو الشرک فی الخالقیة، قطعاً إذا حرّم الإستفادة من بعض الطرق والأسباب لابد عندئذٍ من اجتنابها(1).
لا يوجد تعليق