کما أنّ التفویض غیر صحیح أیضاً، أی إنّ الناس لیسوا مجبورین تماماً على أعمالهم، ولا هم متروکون وأنفسهم یعملون مایشاؤون، بل إنّهم فی الوقت الذی یکونون فیه أحراراً فی الإرادة، فإنّهم فی حاجة للمعونة الالهیّة، لأنّ الله سبحانه هو الذی یعطیهم حریة الإرادة، فالعقل والوجدان الطاهر هما من مواهبه وعطایاه، وإرشاد الأنبیاء وهدایة الکتب السماویة من جانبه أیضاً
إنّنا مختارین، واختیارنا هذا یکون ضمن الهیمنة الإلهیّة، حیث تستطیع الإرادة الإلهیّة فی أی لحظة أن تسلب منّا هذا الاختیار، وهذا ما یذهب إلیه أهل البیت(علیهم السلام).
أنّ الله قد أوجد مجموعة من الأسباب للتقدّم والنجاح فی العالم، وأنّ الاستفادة من تلک الأسباب هی نفسها مشیئة الله، فمشیئة الله هی الآثار المخلوقة فی تلک الأسباب والعوامل، فإذا قام ظَلَمة وطغاة باستغلال أسباب النجاح، وخضعت لهم شعوب ضعیفة وجبانة، وتحمّلت حکمهم الشائن، فذلک من نتائج أعمال تلک الشعوب
أنّ خالقیة الله بالنسبة لأفعالنا لا تتعارض مع حریتنا فی الاختیار، إذ إنّ أفعالنا یمکن أن تنسب إلینا وإلى الله، فنسبتها إلى الله انما لکونه قد وضع مقدمات ذلک تحت تصرفنا، فهو الذی وهبنا القوّة والقدرة والإرادة والاختیار، فما دامت جمیع المقدمات من خلقه، فیمکن أن تنسب أفعالنا إلیه، ومن حیث إتخاذ القرار النهائی فإنّنا بالاستفادة ممّا وهبه الله لنا من ملکة الإرادة والاختیار نتخذ القرار بأداء الفعل أو ترکه، فمن هنا تنسب هذه الأفعال إلینا ونکون مسؤولین عنها.
إنّ الخالقیة بالذات من
مختصّات الله تعالى. ولا یتنافی مع اختیارنا فی الأفعال، لأنّ ما نمتلکه من القدرة والعقل والشعور، وحتى الاختیار والحریة، کلّها من عند الله، وعلى
هذا فمن جهة هو الخالق ومن جهة اُخرى نحن
نفعل باختیارنا، فهما فی طول واحد ولیس فی عرض واُفق واحد، فهو الخالق لکلّ وسائل الأفعال، ونحن نستفید منها فی طریق الخیر أو الشرّ.
إن افعالنا من جهة هي افعالنا حقيقة ونحن اسبابها الطبيعية، وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى، وداخلة في سلطانه، لأنه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي، لأن لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوّض لنا خلق افعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه، بل له الخلق والحكم والأمر، وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد
رسول الله (ص)
الصوم يدق المصير، و يذيل اللحم، و يبعد من حر السعير
روزه روده را باريک مي کند، گوشت را مي ريزد، و از گرماي سوزان دوزخ دور مي گرداند