الجواب الاجمالي:
یجب أن نعی أنّ کل خطوة نخطوها، وکل کلام نقوله، وکل فکرة تخطر فی أذهاننا، ولأی جهة ننظر، وعلى أی حال نکون، فإنها في علم الله سبحانه، فهو یراقبنا ونحن على هذه الأحوال والأفعال وإن حرکة فی خفایا السماء والارض لا تخفی على علمه ونظره، بل إنّها تثبت کلّها فی اللوح المحفوظ الذی لا طریق للغلط والاشتباه والاختلاف إلیه... فی صفحة علم الله اللامتناهی
الجواب التفصيلي:
یمکن الحصول على جواب هذا السؤال من خلال التمعن فی الآیة 61 من سورة «یونس». یقول الله تعالى من أجل إظهار احاطته ومعرفته بجمیع الموجودات، وکونه على علم بجمیع ذرات هذا الوجود، فی الأرض وفی السماء، وجمیع تفاصیل أعمال العباد: (وماتکون فی شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلاّ کنّا علیکم شهوداً إذ تفیضون فیه)(1).
«الشهود» جمع شاهد، وهو فی الأصل بمعنى الحضور المقترن بالمشاهدة بالعین أو القلب أو الفکر، والتعبیر بالجمع إشارة إلى أنّ الله سبحانه لیس وحده المراقب لأعمال البشر، بل إنّ الملائکة المطیعین لأمره مطّلعون أیضاً على کل هذه الأعمال وناظرون إلیها.
وکما أشرنا سابقاً، فإنّ التعبیر بصیغة الجمع فی حق الله سبحانه مع أنّ ذاته المقدّسة أوحدیة من جمیع الجهات، إشارة إلى عظمة مقامه، وأنّ له دائماً مأمورین مطیعین مستعدین لتنفیذ أمره والواقع فإن الکلام لیس عن الله وحده، بل عنه وعن کل هؤلاء المأمورین المطیعین.
ثمّ تعقب الآیة على مسألة اطلاع الله على کل شیء بتأکید أکبر، فتقول: (وما یعزب عن ربّک من مثقال ذرّة فی الأرض ولا فی السماء ولا أصغر من ذلک ولا أکبر إلاّ فی کتاب مبین).
أکّدت الآيات حین الإشارة إلى سعة علم الله على ثلاث مسائل وقالت: إنّک لا تکون فی حالة نفسیة معینة، ولا تتلو أیة آیة، ولا تقوم بأی عمل إلاّ ونحن شاهدون علیک وناظرون إلیک.
إنّ هذه التعبیرات الثلاثة إشارة إلى أفکار وأقوال وأعمال البشر، أی إنّ الله تعالى کما ینظر إلى أعمالنا، فإنّه یسمع کلامنا، وهو مطلع على أفکارنا ونیّاتنا، ولا یخرج عن إحاطة علم الله شیء منها.
ولا شک أنّ النیة والحالات الروحیة تقع فی المرحلة الاُولى، والقول یأتی بعدها، ثمّ یتبعهما العمل والتنفیذ، ولهذا قد ورد نفس الترتیب فی الآیة.
كما ان هذه الآية تعطي درساً کبیراً لکل المسلمین... درس یستطیع أن یسلک بهم طریق الحق ویصرفهم عن الإنحرافات والطرق الملتویة... درس فیه صلاح المجتمع مع التوجّه الیه، وهو: إنّنا یجب أن نعی هذه الحقیقة، وهی أنّ کل خطوة نخطوها، وکل کلام نقوله، وکل فکرة تخطر فی أذهاننا، ولأی جهة ننظر، وعلى أی حال نکون، فلیس الله سبحانه وحده یراقبنا ونحن على هذه الأحوال والأفعال، بل إنّ ملائکته تراقبنا أیضاً، وینظرون إلینا بکل دقة وانتباه.
إنّ أدنى حرکة فی خفایا السماء والارض لا تخفی على علمه ونظره، بل إنّها تثبت کلّها فی ذلک اللوح المحفوظ الذی لا طریق للغلط والاشتباه والاختلاف إلیه... فی صفحة علم الله اللامتناهی... فی فکر الملائکة المقربین وکتّاب أعمال الآدمیین... فی ملفنا وصحیفة أعمالنا کلنا.
لا يوجد تعليق