الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
حدیث الغدیر، ممّا تواترت به السنّة النبویّة و تواصلت حلقات أسانیده منذ عهد الصحابة و التابعین إلى یومنا الحاضر، رواه من الصحابة (110) صحابیاً و من التابعین (84) تابعیاً، و قد رواه العلماء و المحدّثون فی القرون المتلاحقة، و قد أغنانا المؤلّفون فی الغدیر عن إراءة مصادره و مراجعه، و کفاک فی ذلک کتب لمّة کبیرة من أعلام الطائفة، منهم: العلّامة السید هاشم البحرانی (المتوفّى 1107 ه) مؤلّف «غایة المرام»، و السید میر حامد حسین الهندی (المتوفّى 1306 ه) مؤلّف «العبقات»، و العلّامة الأمینی (المتوفّى 1390 ه) مؤلف «الغدیر»، و السید شرف الدین العاملی (المتوفّى 1381 ه) مؤلّف «المراجعات».
و مجمل الحدیث هو انّ رسول اللَّه صلى الله علیه و آله و سلم أذَّن فی الناس بالخروج إلى الحجّ فی السنة العاشرة من الهجرة، و أقلّ ما قیل انّه خرج معه تسعون ألفاً، فلمّا قضى مناسکه و انصرف راجعاً إلى المدینة و وصل إلى غدیر «خم»، و ذلک یوم الخمیس، الثامن عشر من ذی الحجّة، نزل جبرئیل الأمین عن اللَّه تعالى بقوله: « یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ»[1]
فأمر رسول اللَّه صلى الله علیه و آله و سلم أن یردّ من تقدّم، و یحبس من تأخّر حتى إذا أخذ القوم منازلهم نودی بالصلاة، صلاة الظهر، فصلّى بالناس، ثمّ قام خطیباً وسط القوم على أقتاب الإبل، وبعد الحمد و الثناء على اللَّه سبحانه و أخذ الإقرار من الحاضرین بالتوحید و النبوّة و المعاد، و الإیصاء بالثقلین، و بیان انّ الرسول صلى الله علیه و آله و سلم أولى بالمؤمنین من أنفسهم، أخذ بید علی فرفعها حتى رؤی بیاض إبطیهما و عرفه القوم أجمعون، ثمّ قال: «من کنت مولاه، فعلیّمولاه - یقولها ثلاث مرّات-».
ثمّ دعا لمن والاه، و على من عاداه، و قال: «ألا فلیبلّغ الشاهد الغائب».
ثمّ لم یتفرّقوا حتى نزل أمین وحی اللَّه بقوله: «الْیَومَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتی» [2] الآیة.
فقال رسول اللَّه صلى الله علیه و آله و سلم: «اللَّه أکبر على إکمال الدین و إتمام النعمة، و رضى الرب برسالتی و الولایة لعلیّ من بعدی».
ثمّ أخذ الناس یهنّئون علیّاً، و ممّن هنَّأه فی مقدّم الصحابة الشیخان أبوبکر و عمر کلّ یقول: «بَخٍّ بَخٍّ، لک یابن أبی طالب، أصبحت مولای و مولى کلّ مؤمن و مؤمنة».
دلالة الحدیث:
إنّ دلالة الحدیث على إمامة مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام دلالة واضحة، لم یشکّ فیها أیّ عربی صمیم عصر نزول الحدیث وبعده إلى قرون، و لم یفهموا من لفظة المولى إلّا الإمامة.
إنّ هناک قرائن حالیة و مقالیة تجعل الحدیث کالنّصّ فی أنّ المراد من المولى هو الأولى بالتصرّف فی شؤون المؤمنین على غرار ما کان للنبی صلى الله علیه و آله و سلم من الولایة.
أمّا القرینة الحالیة (المقامیة) فیکفینا فی بیانها ما ذکره التفتازانی بقوله: «المولى قد یراد به المعتِق و المعتَق و الحلیف، و الجار، و ابن العمّ، و الناصر، و الأولى بالتصرّف، و ینبغی أن یکون المراد به فی الحدیث هو هذا المعنى، لیطابق صدر الحدیث، و لأنّه لا وجه للخمسة الأُول و هو ظاهر، و لا للسادس لظهوره، و عدم احتیاجه إلى البیان و جمع الناس لأجله».
ثمّ قال: « لا خفاء فی أنّ الولایة بالناس، و التولّی و المالکیة لتدبیر أمرهم و التصرّف فیهم بمنزلة النبی، و هو معنى الإمامة»[3]
وأمّا القرائن المقالیة فمتعدّدة نشیر إلى بعضها:
القرینة الأُولى: صدر الحدیث وهو قوله صلى الله علیه و آله وسلم: «ألست أولى بکم من أنفسکم».
أو ما یؤدّی مؤدّاه من ألفاظ متقاربة، ثمّ فرَّع على ذلک قوله:
«فمن کنت مولاه فعلیّ مولاه» وقد روى هذا الصدر من حفّاظ أهل السنّة ما یربو على أربعة و ستین عالماً[4]
القرینة الثانیة: نعی النبیّ نفسه إلى الناس حیث إنّه یعرب عن أنّه سوف یرحل من بین أظهرهم فیحصل بعده فراغ هائل، وانّه یُسدّ بتنصیب علی علیه السلام فی مقام الولایة. وغیر ذلک من القرائن التی استقصاها شیخنا المتتبّع فی غدیره[5].[6]
لا يوجد تعليق