وهم الذین یذهبون إلى أنّ الجمرة هی مجتمع الحصى، ومنهم:

16 ـ جاء فی حواشی الشروانی:

«قوله: الجمرة مجتمع الحصى، حدَّه الجمّال الطبری بأنّه ما کان بینه وبین أهل الجمرة ثلاثة أذرع فقط، وهذا التحدید من تفقّهه وکأنه قرب به مجتمع الحصى غیر السائل، والمشاهدة تؤیده فإنّ مجتمعه غالباً لا ینقص عن ذلک.

تنبیه: لو فرش فی جمیع المرمى أحجاراً فأثبتت، کفى الرمی علیها،
کما هو ظاهر; لأن المرمى وإن کان هو الأرض إلاّ أنّ الأحجار المثبتة فیه صارت تعدّ منه ویعدّ الرمی علیها رمیاً على تلک الأرض»(1).

وهذا التعبیر یشیر إلى أنّ سعة الجمرة نحو ثلاثة أذرع من مرکز الدائرة، من کلّ أطرافها، أی إنّ قطرها نحو متر ونصف، ومساحة الحوض الحالی تقارب هذا المقدار.

17 ـ الشافعی، وهو واحد من الأئمة الأربعة لأهل السنة، یقول:

«إنّ الجمرة مجتمع الحصى»(2).

18 ـ ویقول الشافعی أیضاً فی موضع آخر:

«فإن رمى بحصاة فأصابت انساناً أو محملا ثمّ استَنّت حتى أصابت موضع الحصى من الجمرة، أجزأت عنه»(3).

19 ـ ویقول مالک، وهو من أئمة أهل السنة أیضاً: «وإن وقعت فی موضع حصى الجمرة، وإن لم تبلغ الرأس، أجزأ»(4).

وواضح أنه یقصد بالرأس رأس مجتمع الحصى أوقِمّة المخروط المتکوّن من کُومة الحصى، ففی موضع الجمرة یتراکم الحصى على شکل مخروط، ومالک هنا یؤکد أنّه لیس من اللازم إصابة رأس المخروط، بل إنّ إصابة أی نقطة منه تجزی.

20 ـ ویقول الشافعی أیضاً بناءً على نقل «سنن البیهقی» وهو یشیر إلى جمع الحصى:

«ومن حیث أخذ أجزأه، إلاّ أنی أکره من المسجد... ومن الجمرة، لأنّه حصى غیر متقبّل»(5).

وهذا التعبیر یتضمّن معنى أنّ الجمرة هی مجتمع الحصى.

21 ـ محیی الدین النووی، من فقهاء اهل السنة المعرفین، یقول فی کتابه «المجموع»:

«والمراد من الجمرة مجتمع الحصى فی موضعه المعروف، وهو الذی کان فی زمان رسول الله (صلى الله علیه وآله)، ولو نحّى الحصى من موضعه الشرعی ورمى إلى نفس الأرض أجزأ; لأنّه رمى فی موضع الرمی، هذا الذی ذکرته هو المشهور وهو الصواب»(6).

وفی هذا المقطع تصریح کامل وواضح باعتبار الجمرة قطعة الأرض، ویدّعی فی ذلک الشهرة، وکونه المعمول به فی زمان رسول الله (صلى الله علیه وآله) فتأمّلوا المسألة بدقّة.

22 ـ ابن حجر العسقلانی، فی کتاب «فتح الباری» یقول:

«والجمرة اسم لمجتمع الحصى، سمّیت بذلک لاجتماع الناس بها»(7).

وهذا الکلام صریح بکون الجمرة هی محل اجتماع الحصى.

23 ـ ویقول الإمام أحمد المرتضى، وهو من علماء أهل السنة:

«جمرة العقبة وهو مستدبر للکعبة من بطن الوادی ـ یشیر بذلک إلى هیئة الرامی لجمرة العقبة ـ وموضعها ما تحت البناء وحولیه، وهو موضع الحصى، ولهذا قال فی الروضة: ولا یشترط کون الرامی خارج الجمرة، فلو وقف طرفها ورمى الطرف الآخر جاز»(8).

1. حواشی الشروانی، ج4، ص134.
2. حواشی الشروانی، ج 4، ص135.
3. کتاب الامّ، ج2، ص235.
4. المدونة الکبرى، ج1، ص422.
5. السنن الکبرى، ج5، ص128.
6. المجموع، ج8، ص176.
7. فتح الباری، ج3، ص464.
8. شرح الأزهار، ج2، ص121.