إنّ وجوب رمی الجمرات باعتباره أحد مناسک الحجّ یُعدّ من مسلمات وضروریات الإسلام، وذلک محل اتفاق جمیع علماء الإسلام، ولکنّ المسألة المهمة فی باب رمی الجمرات هی أن نعرف ماهی الجمرة التی یتوجب رمی الحجر باتجاهها؟ هل هی الأعمدة التی یرمونها الیوم؟ أو قطعة الأرض الواقعة فی أطراف تلک الأعمدة؟ أو أو کلاهما؟ وبعبارة اُخرى هل یجزی رمی الحجر باتجاه أحد الموضعین؟
بعض الفقهاء إختار السکوت عن شرح هذا المطلب ومرّ به مرور الکرام، وبعضهم عبّر عن ذلک بوضوح مشیراً إلى أنّ الجمرة هی الأرض التی فی أطراف الأعمدة والتی یجتمع فیها الحصى عند الرمی.
وفی مراجع اللغة وروایات أهل البیت (علیهم السلام) هناک إشارات أیضاً تتضمّن هذا الأمر، بل إنّ القرائن تشیر إلى عدم وجود تلک الأعمدة فی عصر الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)والفقهاء وائمة أهل البیت (علیهم السلام) وإذا وجد ثمّة عمود أو بناء فی عصر بعضهم فلا یعدو کونه علامةً أو شاخصاً لکی لا یفقد الحاج موضع الرمی، والحجیج إنّما یرمون الأحجار فی تلک البقعة فتتراکم وتجتمع، ومن هنا قیل لها «جمرة»، أی مجتمع الحصى. ولأجل إدراک هذه الحقیقة جعلنا هذا البحث یدور على أربعة محاور:
الأوّل: کلمات أرباب اللغة فی توضیح مفهوم الجمرة.
الثانی: نقل کلمات کبار فقهاء السنة والشیعة.
الثالث: ما یستفاد من الروایات والأخبار الاسلامیة.
الرابع: الجواب عن الأسئلة المختلفة ومناقشة النقود.
تفسیر الجمرة فی کتب اللغة
