فی هذا المحور المهم ننقل أقوال أکثر من جم غفیر من علماء الإسلام المعروفین عن أکثر من خمسین مصدراً معتبراً، وهی تشیر إلى أنّ الجمرات هی بقعة الأرض التی یجتمع فیها الحصى، ولیست هی الأعمدة المنصوبة التی یرمیها الحجیج الیوم. یعنی یجب رمی الجمار إلى تلک البقعة التی جعلوها الیوم على شکل حوض، لا ألى غیرها.

وبعبارة اُخرى وکما سبقت الاشارة إلیه: أنّ علماء الإسلام أجمعوا على أنّ رمی الجمرات هو من واجبات الحج، ولکن الکلام فی موضع الجمرات، یعنی المحل الذی یُرمى بالحجر(1).

ولا بدّ أن نوضّح فی هذا المقام أنّ تعبیرات علماء الإسلام بخصوص هذه المسألة مختلفة، ویمکن تقسیمهم وفقاً لأقوالهم إلى خمس مجامیع:

المجموعة الاولى: وهم الذین صرحوا بأنّ الجمرات هی بقعة الأرض التی یجب رمی الحصى إلیها.

المجموعة الثانیة: هؤلاء ذهبوا إلى أبعد من ذلک حیث صرّحوا بأنّ الأعمدة هی مجرّد شاخص أو علامة، وأنّ الرمی إلیها لیس کافیاً ولا مجزیاً، بل یجب أن یکون الرمی إلى موضع اجتماع الحصى، کما تعرّض بعضهم إلى تعیین مساحة ذلک الموضع بالذراع.

المجموعة الثالثة: وهم الذین قالوا إنّ الجمرات هی مجتمع الحصى.

المجموعة الرابعة: الذین لم یقولوا بهذا الأمر صراحة، ولکن عبراتهم تشیر بالدلالة الالتزامیة إلى کون الجمرات هی محلّ اجتماع الحصى، کقولهم: یستطیع الحاج أن یقف على طرف الجمرات ویرمی إلى الطرف الآخر، فاذا کانت الجمرة هی نفس الأرض فإنّه من الممکن الوقوف فی طرف ورمی الطرف الآخر، أمّا إذا کان المراد الأعمدة فإن العاقل لا یصدّق أنّ أحداً یصعد على العمود کی یقف على طرف منه ویرمی الطرف الآخر.

وکاستخدام بعضهم لتعبیر (فی الجمرة) أی رمی الحجر فی داخل الجمرة أو (على الجمرة) أی رمیه فوقها، وأمثال هذه الأقوال التی تشیر بوضوح إلى بقعة الأرض.

المجموعة الخامسة: وهم قلّة معدودة قالوا بالتحییر، أی بجواز رمی الحجر إلى أطراف الأعمدة، أو إلى نفس الأعمدة.

بعد هذه المقدمة نورد أقوال هذه المجامیع الخمس آملین من الله تعالى التوفیق والهدایة.