الجواب الاجمالي:
إنّنا نتصوّر الصور الذهنیة للأشیاء بنفس أحجامها وسعتها فی موضوعاتها الخارجیة، وهذا التصوّر العظیم لا یمکن أنّ ینعکس فی الخلایا الدماغیة، لذلک فهی تحتاج إلى مکان ومحل خاص، وهکذا ندرک أنّ فینا وجوداً حقیقیاً أکبر مِن هذه الخلایا وفوقها جمیعاً
الجواب التفصيلي:
افترضوا أنّنا جلسنا على ساحل البحر، وشاهدنا أمامنا عدداً مِن الزَوارق معَ باخرة کبیرة، ثمّ نظرنا إلى جانب الشمس فرأیناها تمیل للغروب، بینما القمر بدأ یبزغ مِن الجانب الآخر. وعلى الشاطىء هُناک صفوف مِن طیور الماء الجمیلة وقد اقترب بعضها نحو الماء. ونشاهد على الطرف الآخر جبلا عظیماً تناطح قمّتهُ السماء علواً. والآن، إزاء هذا المنظر، لِنغمض عیوننا بُرهة مِن الزمَن ونتخیّل ما شاهدناه: جبل عظیم، بحرٌ واسع، سفینة کبیرة، کلّ هذه الاُمور ترتسم فی مخیلتنا کاللوحة الکبیرة للغایة فی مقابل روحنا، أو فی داخل روحنا.
والسؤال هُنا: أین مکان هذا المخطط فی وجودنا... هل تستطیع الخلایا الدماغیة الصغیرة والمحدودة للغایة أن تستوعب حجم اللوحة الکبیرة والمخطط الکبیر؟ الإجابة ـ طبعاً ـ هی النفی، ولذلک لا بدّ أنّنا نمتلک قسماً آخر فی وجودنا یکون فوق المادة الجسمیة، وهو مِن السعة بمقدار بحیث یستوعب کلّ هذه المناظر والمخططات واللوحات.
وإلاَّ فهل نستطیع تنفیذ مخطط لبنایة ذات مساحة 500 متر على قطعة أرض ذات مساحة بضعة ملیمترات؟
الالجواب: طبعاً ـ سیکون بالنفی، لأنَّ موجوداً أکبر لا یمکنهُ الإنطباق على موجود أصغر مع احتفاظه بکبره وسعته، إذ مِن ضرورات الإنطباق أن یکونا مُتساویین، أو أن یکون أحدهما أصغر مِن الثّانی، فیمکن حینذاک تنفیذ الصغیر على الکبیر.
مع هذا الوضع کیف یُمکن لخلایا دماغنا الصغیرة استیعاب الصور الذهنیة الکبیرة؟
وخلاصة القول: إنّنا نتصوّر الصور الذهنیة للأشیاء بنفس أحجامها وسعتها فی موضوعاتها الخارجیة، وهذا التصوّر العظیم لا یمکن أنّ ینعکس فی الخلایا الدماغیة، لذلک فهی تحتاج إلى مکان ومحل خاص، وهکذا ندرک أنّ فینا وجوداً حقیقیاً أکبر مِن هذه الخلایا وفوقها جمیعاً(1)
لا يوجد تعليق