شريعة الرحمة - المعارف الإسلامية والاجابة عن الشبهات الكلامية

إن الخدش الذي أورده ابن تيمية على هذا الحديث هو وجود ابو مريم في سنده ليس إلا، في حين أن بعض علماء السنة وثقوا سند الحديث ويرى البعض أنه من المسلمات التاريخية، كما أن الخدش في صحة سند الروایات بسبب، وجود اشخاص ینتسبون عقائدیاً الى الشیعة لا يعتد به ولا اعتبار له في علم الجرح والتعديل، وبناءً على ذلك ان ما ذهب إلیه ابن تیمیة باطل

ان ابن تیمیة قد ناقش سند حدیث یوم الدار المذکور فی کتاب تاریخ الطبری وقال: ان فی سند الحدیث ابو مریم الکوفی والإجماع یدعوا للاعراض عنه. ویرى احمد انه غیر ثقة وابن المدینی قد اتهمه بانه یجعل الحدیث.
وکذلک ناقش فی سند الحدیث ابن ابی حاتم متذرعاً بوجود «عبدالله بن عبد القدوس» فی سلسلة السند وقال: ان دار القطنی قد ضعفه والنسائی یعتقد بانه غیر ثقة ویرى ابن معین انه: لا یعتد به، ورافضی خبیث(1)
ونقول فی الجواب ان ما ذهب إلیه ابن تیمیة باطل لأنه:
1 ـ لقد أشرنا فیما سبق الى ان بعض علماء اهل السنة وثقوا سند حدیث یوم الدار ویرى البعض الآخر انه من المسلمات التاریخیة.
2 ـ لقد خدش في صحة سند هذه الروایات بسبب وجود اشخاص ینتسبون عقائدیاً الى الشیعة وان صرحوا القادحین بصدقهم وکما نعلم فان التجریح والقدح على أسس مذهبیة لا یعتد به ولا اعتبار فیه.
3 ـ فی خصوص ابو مریم فان بعض علماء رجال اهل السنة قد مدحوه، ومن جملة هؤلاء ابن العقدة حیث ثنى علیه وتجاوز الحد فی مدحه وإطرائه(2) کما ان شعبة کذلک مدحه(3)
وقال الذهبی فی حقه: « کان من الهتمین بالعلم وبعلم الرجال»(4)
لحسن الحظ فان من یطعن فی وثاقة ابو مریم یرى سبب ذلک انتسابه الى التشیع فی حین ان حجر والآخرین یصرحون على ان کون الراوی شیعی لا یؤثر على وثاقته وصدقه وفی النتیجة على صحة روایاته(5) والشاهد على ذلک ان أصحاب الصحاح حتى البخاری ومسلم قد رووا عن العشرات من الرواة الشیعة.
4 ـ یروى احمد بن حنبل قضیة «یوم الدار» بسند صحیح فی حین لا یوجد أبو مریم فی سند الحدیث(6) وعلى فرض کون بعض اسناد الحدیث ضعیفة فان حدیث یوم الدار من جملة الأحادیث المستفیضة حیث تجبر بعض الروایات ضعف الأخریات ولذا فان ضعف بعض رواة الحدیث فی بعض الاسناد لا یحول دون الأخذ بالحدیث.
5 ـ فی خصوص عبد الله بن عبد القدوس فان بعض الرجالیین قد وثقوه ومن جملة هؤلاء ابن حجر فی کتابه «تهذیب التهذیب» نقلاً عن محمّد بن عیسى وهو ثقة. وقد اعتبر ابن حبان انه فی زمرة الثقاة. وهو من رجال الترمذی. وکما نعلم فان مدح هؤلاء مقدم على تجریح الآخرین لان طعن الآخرین سببه مذهبی ومجرد کون الراوی شیعی الهوى لیس مبرراً لتضعیف الراوی. ولذا یقول ابن عدی: ان اغلب روایاته فی خصوص فضائل اهل البیت (علیهم السلام). وهل من الصحیح ان نقدح فی وثاقة راوى بمجرد کونه یروی فضائل اهل البیت؟(7)