الجواب الاجمالي:
إنّ
کل الأفراد الذین حضروا واقعة غدیر خم وبأمر النبی (صلى الله علیه وآله) بایعوا علياً (علیه السلام) لم یحضروا فی واقعة السقیفة لکی یظهروا مخالفتهم، لأن هذا المؤتمر عقد فوراً بعد وفاة النبي(ص) وكان كثير م الذين شهدوا واقعة الغدير من اطراف المدينة وخارجها، ولم يسمعوا بذلك إلا بعد فوات الأوان، لذا يمكن القول انّ هذه الواقعة السیاسیة کان الهدف منها کتمان الحقیقة والواقع، كما ذکرها البخاری فی صحیحه
الجواب التفصيلي:
فی جواب هذا السؤال لابد من القول:
أولاً: انّ أکثر الذی حضروا بیعة "الغدیر" لم یکونوا من أهل المدینة، بل على أکثر التقادیر کان فقط ثلاث أو أربعة آلاف نعرفهم کانوا یسکنون المدینة ومن بینهم کانوا کثیر من العبید أو المستضعفین الذین جاؤوا من مناطق مختلفة إلى النبی (صلى الله علیه وآله) إلى المدینة ولم یکن عندهم أقرباء وقبیلة فی المدینة، أمثال أهل الصفة إذن یبقى فقط نصف هؤلاء والذین لا یتجاوز عددهم الألفان وهؤلاء عادةً کانوا تبع لکلام رؤساء قبائلهم ومحکومین ضمن نظام وقانون عشائری یخضعون له.
ثانیاً: إذا نظرنا إلى مؤتمر "السقیفة" الذی عُقد فوراً بعد وفاة النبی (صلى الله علیه وآله)، نرى انّ الذین نصبوا أبو بکر للخلافة، لم یتجاوز عددهم أکثر من مائة نفر، فالأنصار الذین هم أهل المدینة لم یحضر منهم سوی رؤساء القبائل وکبار المدینة، وکذلک لم یحضر من المهاجرین والذین کانوا یشکلون أهل مکة وکانوا مع النبی (صلى الله علیه وآله) فی هجرته سوى ثلاث أو أربع نفرات حضروا من "قریش". وفی هذا الوقت کان أکثر المسلمین بعیدین عن السقیفة والبعض کان مشغول بتجهیز وتکفین الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) والبعض فاجأءهم خبر وفاة النبی عند سماعهم للخبر، ومن جهة أخرى تعرض بعض من الناس للتهدید والإرعاب والتخویف لکی لا ینشروا خبر وفاة النبی (صلى الله علیه وآله)(1).
وإذا غضضنا النظر عن کل هذا فکثیر من الصحابة کانوا فی جیش أسامة بأمر من رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی تلک اللحظة، کانوا یقیمون فی معسکر "جرف" ولم یتلقوا خبر وفاة النبی (صلى الله علیه وآله) وکذلک لم یکونوا حاضرین فی السقیفة.
ثالثاً: رحلة الرسول المفاجئة لعبت دوراً مهماً ووضعت الناس فی موقف حرج أمام القرار الذی اتخذ، لأن مؤتمر السقیفة، عقد من دون علم بعض الأفراد الذین کانوا مشغولین بتجهیز ودفن النبی (صلى الله علیه وآله)، أمثال الإمام علی (علیه السلام)، إبن عباس، کل بنی هاشم، المقداد، سلمان، أبوذر، عمار، وکثیر من بقیة الصحابة، عقد مؤتمر السقیفة وفی حینها أخذ أهل السقیفة أبو بکر إلى المسجد وطلبوا من الناس أن یبایعوه، وجاء الناس بشکل جماعات جماعات راغبین أو کارهین – جاؤوا إلى المسجد لمبایعته، وعلی (علیه السلام) وأتباعه حینها کان یفرض علیهم هذا الواجب المقدس وأخلاقهم العالیة أن لا یترکوا هذا الأمر وهو ترک نبی الله (صلى الله علیه وآله) من دون غسل وکفن والإسراع إلى السقیفة والمخاصمة فی أمر الخلافة.
وبعد فراغهم من هذا الواجب المقدس، کان أبو بکر قد تصدر کرسی الخلافة واتکأ علیه وانتهى کل شیء، وکل من یعارض هذه البیعة سوف یحسب من مثیری الفتنة وعلى المسلمین القیام بوجهه ومحاربته حتى وإن لزم الأمر أن یقتلوه!! ومن هذا نلاحظ عمر قد هدّد سعد بن عبادة بالقتل وقال بصوت کان عالیاً: "اقتلوه فهو من أهل الفتنة" لأنه کان قد رفض بیعة أبو بکر(2).
النتیجة: بعد ذکر کل هذه الأمور هکذا نستطیع أن نتوصل إلى أنّ کل الأفراد الذین حضروا واقعة غدیر خم وبأمر النبی (صلى الله علیه وآله) تبایعوا مع علی (علیه السلام) لم یحضروا فی واقعة السقیفة لکی یظهروا مخالفتهم.
وکذلک نستنتج انّ هذه الواقعة السیاسیة الوحیدة فقط کان الهدف منها کتمان الحقیقة والواقع مثلما ذکرها البخاری فی صحیحه(3).
لا يوجد تعليق