الجواب الاجمالي:
ان الواقع الذي عمله ابو بكر وعمر لا يصلح ان يكون اساسا لوضع نظريه الشورى، فلم تكن في الحقيقه شورى، لا في الواقع ولا في راى من نسبت اليه، حتى يجعلهابعض المسلمين الطريقه الاساسيه في اختيار القائد بعد رسول اللّه(ص)، فالطريقه التي وصل بها الاوائل إلى منصب الخلافه لم يكن فيها اى مظهر من مظاهر الشورى، فلا حوار هادى، ولا تصفح وجهات النظر، ولا تانى ولا رويه،ولم يتمتع المشاركون بالحريه اللازمه لابداء آرائهم، فالاهواء كانت هى الغالبه، والانفعال والاحداث الصاخبه كانت هى السائده، حتى اصبح التهديد بالقتل حقيقه واضحه.
الجواب التفصيلي:
یسعى بعض المجددین من علماء أهل السنة إلى إیجاد مقاربة بین أسس الحکومة الإسلامیة المبتنیة على الشورى، وبین الرجوع الى أصوات عامة الناس وإجراء استفتاء عام، ویستدل هؤلاء على ذلک بآیتین هی:
الآیة الأولى: (وَ شاوِرْهُمْ فِی اْلأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللهِ)(1). حیث قالوا فی تفسیر هذه الآیة: ان الله تعالى أمر النبی (صلى الله علیه وآله) بالمشورة، لیعلم الأمة الاسلامیة من خلال ذلک بضرورة المشورة فی قضایاهم المهمة، ومن ضمنها مسألة الخلافة.
الرد: أولاً: إن الآیة تخطاب الحاکم الذی تشهد حکومته الإستقرار، والله تعالى یأمره أن یسترشد بآراء الناس ویشاورهم فی الأمر. إن اکثر ما یمکن استنتاجه من الآیة المبارکة هو ان المشاورة مع الناس من ضمن واجبات جمیع الحکام، ولا یمکن الإستدلال من خلالها على اختیار خلیفة المسلمین عبر الشورى.
ثانیاً: یستنتج من خلال هذه الآیة المبارکة على ان المشاورة غیر ملزمة للحاکم، وانما المطلوب منه هو النظر فی الآراء والرؤى المختلفة واختیار ما یراه مناسباً ومصیباً. إن الله تعالى یقول فی هذه الآیة: «فإذا عزمت فتوکل على الله» والتی تشیر الى ان الخروج بقرار نهائی والعمل بما فیه الصلاح یعود الى المستشیر نفسه، ویتحقق هذا الأمر فی الحالات التی یکون فیها مسؤولاً یتمتع بکامل الصلاحیات حیث یجمع جمیع الآراء والرؤى، ویعمل بما هو مفید منها. وفی هذه الحالة یتصور مخاطبته من قبل الله تعالى بـ (فإذا عزمت).
ولکن إذا لم یکن هناک رئیس، فلا تنطبق الآیة علیه، وذلک بسبب عدم وجود الشخص الذی یشاور الناس لیقف من خلالها على آرائهم، ویقوم بتقییمها بعد ذلک، ویختار من بین تلک الأصوات الأصلح منها، ویتخذ القرار على أساس ذلک. إن جمیع هذه المسائل تشیر الى ان هذه الآیة لا علاقة لها بمسألة الحکومة، ومن هذا المنطلق لم یستدل أی الحاضرین فی السقیفة بهذه الآیة.
الآیة الثانیة: (وَالَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَیْنَهُمْ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ)(2); إن مفردة «أمر» أضیفت الى «هُم» فی الآیة أی (أمرهم) وهی تفید الشمول والعموم(جمیع أعمالهم) ومن ضمن تلک الأعمال اختیار الخلیفة، ویکون عند ذلک معنى الآیة: أمر للمؤمنین فی تأمین مصالحهم فی جمیع المسائل التی یتم عبر بوابة الشورى.
ویردّ على هذا الإستدلال بالتالی: إن الآیة تأمر بإتباع أسلوب الشورى فی الأعمال التی لها صلة بالمؤمنین. ولکن القول بإن مسألة تعیین الخلیفة من ضمن تلک المسائل مما لا دلیل علیه، والإستدلال بهذه الآیة فی هذا الخصوص، یعنی التمسک بحکم فی اثبات موضوعه، وبعبارة أخرى: إن الآیة المبارکة تشجع بإتباع سبیل الشورى فی الأمور المرتبطة بالمؤمنین، ولیس بما هو خارج عنها. وکون تعیین الإمام من ضمن ما یتعلق بالمؤمنین وشؤونهم یحتاج الى اثبات، لأننا لا نعلم إن هذه المسألة من شؤون المؤمنین أم من شأن الله تعالى. وکما لا نعلم هل الخلافة تعنی حکومة وولایة الله تعالى والتی تتطلب تعیین وتنصیب الهی، أو إنها تمثل حکم الشعب وبإمکان الناس التدخل فی هذا الأمر؟ ومع وجود هذا التردد، لا یمکن الإستدلال بهذه الآیة(3)
لا يوجد تعليق