الجواب الاجمالي:
قال الله سبحانه: «لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکَافِرِینَ أَوْلِیَاءَ مِن دُونِ الْمؤْمِنِینَ وَمَن یَفْعَلْ ذَلِکَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّه فِی شَیْءٍ إلَّا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَیُحَذّرُکُمُ اللَّه نَفْسَهُ وَإِلى اللَّه الْمصیرُ»، وقال الآلوسی: وفی الآیة دلیل على مشروعیة التقیة؛ وعرَّفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شرّ
الجواب التفصيلي:
قال الله سبحانه: «لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکَافِرِینَ أَوْلِیَاءَ مِن دُونِ الْمؤْمِنِینَ وَمَن یَفْعَلْ ذَلِکَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّه فِی شَیْءٍ إلَّا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَیُحَذّرُکُمُ اللَّه نَفْسَهُ وَإِلى اللَّه الْمصیرُ»(1).
و کلمات المفسّرین حول الآیة تغنینا عن أیّ توضیح:
1- قال الطبری: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة:» قال أبو العالیة: التقیّة باللسان، ولیس بالعمل، حُدّثت عن الحسین قال: سمعت أبا معاذ قال: أخبرنا عبید قال: سمعت الضحّاک یقول فی قوله تعالى: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة» قال: التقیّة باللسان من حُمِلَ على أمر یتکلّم به وهو للَّه معصیة فتکلّم مخافة على نفسه «وقلبه مطمئن بالإیمان» فلا إثم علیه، إنّما التقیة باللسان(2)
2- وقال الزمخشری فی تفسیر قوله تعالى: «إلّا أن تتّقوا منهم تقاة: »رخّص لهم فی موالاتهم إذا خافوهم، والمراد بتلک الموالاة: مخالفة ومعاشرة ظاهرة، والقلب مطمئنّ بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع(3).
3- قال الرازی فی تفسیر قوله تعالى: «إلّا أن تتّقوا منهم تقاة:» المسألة الرابعة: اعلم: أنّ للتقیة أحکاماً کثیرة ونحن نذکر بعضها:
أ: إنّ التقیة إنّما تکون إذا کان الرجل فی قوم کفّار، ویخاف منهم على نفسه، وماله، فیداریهم باللسان، وذلک بأن لا یظهر العداوة باللسان، بل یجوز أیضاً أن یظهر الکلام الموهم للمحبّة والموالاة، ولکن بشرط أن یضمر خلافه وأن یعرض فی کلّ ما یقول؛ فإنّ للتقیّة تأثیرها فی الظاهر لا فی أحوال القلوب.
ب: التقیة جائزة لصون النفس، وهل هی جائزة لصون المال؟ یحتمل أن یحکم فیها بالجواز لقوله صلى الله علیه وآله: «حرمة مال المسلم کحرمة دمه» ولقوله صلى الله علیه وآله: «من قتل دون ماله فهو شهید»(4).
4- وقال النسفی: «إلّاأن تتّقوا منهم تقاة» إلّاأن تخافوا جهتهم أمراً یجب اتقاؤه، أی ألّایکون للکافر علیک سلطان، فتخافه على نفسک ومالک، فحینئذ یجوز لک إظهار الموالاة وإبطان المعاداة(5).
5- وقال الآلوسی: وفی الآیة دلیل على مشروعیة التقیة؛ وعرَّفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شرّ الأعداء. والعدوّ قسمان:
الأوّل: من کانت عداوته مبنیّة على اختلاف الدین، کالکافر والمسلم.
الثانی: من کانت عداوته مبنیة على أغراض دنیویة، کالمال والمتاع والملک والإمارة(6).
6- وقال جمال الدین القاسمی: ومن هذه الآیة: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة» استنبط الأئمّة مشروعیة التقیة عند الخوف، وقد نقل الإجماع على جوازها عند ذلک الإمام مرتضى الیمانی فی کتابه «إیثار الحقّ على الخلق»(7).
7- وفسر المراغی قوله تعالى: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة» بقوله: أی ترک موالاة المؤمنین للکافرین حتم لازم فی کل حال إلّافی حال الخوف من شیء تتّقونه منهم، فلکم حینئذ أن تتّقوهم بقدر ما یبقى ذلک الشیء؛ إذ القاعدة الشرعیة «إنّ درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح».
وإذا جازت موالاتهم لاتقاء الضرر فأولى أن تجوز لمنفعة المسلمین، إذاً فلا مانع من أن تحالف دولة إسلامیة دولة غیر مسلمة لفائدة تعود إلى الأُولى إمّا بدفع ضرر أو جلب منفعة، ولیس لها أن توالیها فی شیء یضرّ المسلمین، ولا تختصّ هذه الموالاة بحال الضعف، بل هی جائزة فی کلّ وقت.
وقد استنبط العلماء من هذه الآیة جواز التقیة بأن یقول الإنسان أو یفعل ما یخالف الحقّ، لأجل التوقّی من ضرر یعود من الأعداء إلى النفس، أو العرض، أو المال.
فمن نطق بکلمة الکفر مکرهاً وقایة لنفسه من الهلاک، وقلبه مطمئنّ بالإیمان، لا یکون کافراً بل یُعذر کما فعل عمّار بن یاسر حین أکرهته قریش على الکفر فوافقها مکرهاً وقلبه مطمئنّ بالإیمان وفیه نزلت الآیة:
«مَنْ کَفَرَ بِاللَّه مِنْ بَعْدِ إِیمَانِهِ إلَّامَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإیمان»(8).
هذه الجمل الوافیة والعبارات المستفیضة لا تدع لقائل مقالًا إلّاأن یحکم بشرعیة التقیة بالمعنى الذی عرفته، بل قد لا یجد أحد مفسّراً أو فقیهاً وقف على مفهومها وغایتها یتردّد فی الحکم بجوازها، کما أنّک أخی القارئ لا تجد إنساناً واعیاً لا یستعملها فی ظروف عصیبة، ما لم تترتّب علیها مفسدة عظیمة.
وإنّماالمعارض لجوازها أو المغالط فی مشروعیتها، فإنّما یفسّرها بالتقیّة الرائجة بین أصحاب التنظیمات السرّیة والمذاهب الهدّامة کالنصیریة والدروز، والباطنیة کلّهم، إلّاأنّ المسلمین جمیعاً بریئون من هذه التقیّة الهدامة لکلّ فضیلة رابیة(9).
و کلمات المفسّرین حول الآیة تغنینا عن أیّ توضیح:
1- قال الطبری: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة:» قال أبو العالیة: التقیّة باللسان، ولیس بالعمل، حُدّثت عن الحسین قال: سمعت أبا معاذ قال: أخبرنا عبید قال: سمعت الضحّاک یقول فی قوله تعالى: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة» قال: التقیّة باللسان من حُمِلَ على أمر یتکلّم به وهو للَّه معصیة فتکلّم مخافة على نفسه «وقلبه مطمئن بالإیمان» فلا إثم علیه، إنّما التقیة باللسان(2)
2- وقال الزمخشری فی تفسیر قوله تعالى: «إلّا أن تتّقوا منهم تقاة: »رخّص لهم فی موالاتهم إذا خافوهم، والمراد بتلک الموالاة: مخالفة ومعاشرة ظاهرة، والقلب مطمئنّ بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع(3).
3- قال الرازی فی تفسیر قوله تعالى: «إلّا أن تتّقوا منهم تقاة:» المسألة الرابعة: اعلم: أنّ للتقیة أحکاماً کثیرة ونحن نذکر بعضها:
أ: إنّ التقیة إنّما تکون إذا کان الرجل فی قوم کفّار، ویخاف منهم على نفسه، وماله، فیداریهم باللسان، وذلک بأن لا یظهر العداوة باللسان، بل یجوز أیضاً أن یظهر الکلام الموهم للمحبّة والموالاة، ولکن بشرط أن یضمر خلافه وأن یعرض فی کلّ ما یقول؛ فإنّ للتقیّة تأثیرها فی الظاهر لا فی أحوال القلوب.
ب: التقیة جائزة لصون النفس، وهل هی جائزة لصون المال؟ یحتمل أن یحکم فیها بالجواز لقوله صلى الله علیه وآله: «حرمة مال المسلم کحرمة دمه» ولقوله صلى الله علیه وآله: «من قتل دون ماله فهو شهید»(4).
4- وقال النسفی: «إلّاأن تتّقوا منهم تقاة» إلّاأن تخافوا جهتهم أمراً یجب اتقاؤه، أی ألّایکون للکافر علیک سلطان، فتخافه على نفسک ومالک، فحینئذ یجوز لک إظهار الموالاة وإبطان المعاداة(5).
5- وقال الآلوسی: وفی الآیة دلیل على مشروعیة التقیة؛ وعرَّفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شرّ الأعداء. والعدوّ قسمان:
الأوّل: من کانت عداوته مبنیّة على اختلاف الدین، کالکافر والمسلم.
الثانی: من کانت عداوته مبنیة على أغراض دنیویة، کالمال والمتاع والملک والإمارة(6).
6- وقال جمال الدین القاسمی: ومن هذه الآیة: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة» استنبط الأئمّة مشروعیة التقیة عند الخوف، وقد نقل الإجماع على جوازها عند ذلک الإمام مرتضى الیمانی فی کتابه «إیثار الحقّ على الخلق»(7).
7- وفسر المراغی قوله تعالى: «إلّا أن تتقوا منهم تقاة» بقوله: أی ترک موالاة المؤمنین للکافرین حتم لازم فی کل حال إلّافی حال الخوف من شیء تتّقونه منهم، فلکم حینئذ أن تتّقوهم بقدر ما یبقى ذلک الشیء؛ إذ القاعدة الشرعیة «إنّ درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح».
وإذا جازت موالاتهم لاتقاء الضرر فأولى أن تجوز لمنفعة المسلمین، إذاً فلا مانع من أن تحالف دولة إسلامیة دولة غیر مسلمة لفائدة تعود إلى الأُولى إمّا بدفع ضرر أو جلب منفعة، ولیس لها أن توالیها فی شیء یضرّ المسلمین، ولا تختصّ هذه الموالاة بحال الضعف، بل هی جائزة فی کلّ وقت.
وقد استنبط العلماء من هذه الآیة جواز التقیة بأن یقول الإنسان أو یفعل ما یخالف الحقّ، لأجل التوقّی من ضرر یعود من الأعداء إلى النفس، أو العرض، أو المال.
فمن نطق بکلمة الکفر مکرهاً وقایة لنفسه من الهلاک، وقلبه مطمئنّ بالإیمان، لا یکون کافراً بل یُعذر کما فعل عمّار بن یاسر حین أکرهته قریش على الکفر فوافقها مکرهاً وقلبه مطمئنّ بالإیمان وفیه نزلت الآیة:
«مَنْ کَفَرَ بِاللَّه مِنْ بَعْدِ إِیمَانِهِ إلَّامَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإیمان»(8).
هذه الجمل الوافیة والعبارات المستفیضة لا تدع لقائل مقالًا إلّاأن یحکم بشرعیة التقیة بالمعنى الذی عرفته، بل قد لا یجد أحد مفسّراً أو فقیهاً وقف على مفهومها وغایتها یتردّد فی الحکم بجوازها، کما أنّک أخی القارئ لا تجد إنساناً واعیاً لا یستعملها فی ظروف عصیبة، ما لم تترتّب علیها مفسدة عظیمة.
وإنّماالمعارض لجوازها أو المغالط فی مشروعیتها، فإنّما یفسّرها بالتقیّة الرائجة بین أصحاب التنظیمات السرّیة والمذاهب الهدّامة کالنصیریة والدروز، والباطنیة کلّهم، إلّاأنّ المسلمین جمیعاً بریئون من هذه التقیّة الهدامة لکلّ فضیلة رابیة(9).
لا يوجد تعليق