الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
1. روى أبو داود: حدّثنا عباد بن موسى الختلی، وزیاد بن أیوب، و حدیث عباد أتم قالا: ثنا هشیم، عن أبی بشر، قال زیاد: أخبرنا أبو بشر، عن أبی عمیر بن أنس، عن عمومة له من الانصار، قال: اهتمّ النبیّ (ص) للصلاة کیف یجمع الناس لها، فقیل له: انصب رایة عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم یعجبه ذلک، قال: فذکر له القُبْع یعنی الشبور قال زیاد: شبور الیهود، فلم یُعجبه ذلک، و قال: «هو من أمر الیهود» قال: فذکر له الناقوس فقال: «هو من أمر النصارى». فانصرف عبد اللّه بن زید (بن عبد ربّه) وهو مهتم لهمِّ رسول اللّه «صلى الله علیه وآله وسلم»، فأُری الاذان فی منامه، قال: فغدا على رسول اللّه (ص) فأخبره فقال (له): یا رسول اللّه، إنّی لبین نائم و یقظان، إذ أتانی آت فأرانی الاذان، قال: و کان عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه قد رآه قبل ذلک فکتمه عشرین یوماً [1] قال: ثمّ أخبر النبی(ص)، فقال له: «ما منعک أن تخبرنی»؟ فقال: سبقنی عبد اللّه بن زید فاستحییت، فقال رسول اللّه (ص): «یا بلال، قم فانظر ما یأمرک به عبد اللّه بن زید فافعله» قال: فأذّن بلال، قال أبو بشر: فأخبرنی أبو عمیر أنّ الانصار تزعم أنّ عبد اللّه بن زید لولا أنّه کان یومئذ مریضاً، لجعله رسول اللّه (ص) موَذناً.
2. روى أبو داود: حدثنا محمد بن منصور الطوسی، ثنا یعقوب، ثنا أبی، عن محمد بن إسحاق، حدثنی محمد بن إبراهیم بن الحارث التیمی، عن محمد بن عبد اللّه بن زید بن عبد ربّه، قال: حدثنی أبی: عبد اللّه بن زید، قال: لمّا أمر رسول اللّه (ص) بالناقوس یعمل لیضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بی، و أنا نائم، رجل یحمل ناقوساً فی یده فقلت: یا عبد اللّه، أتبیع الناقوس؟ قال: و ما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلّک على ما هو خیر من ذلک؟ فقلت (له): بلى، قال: فقال تقول: اللّه أکبر، ... فلمّا أصبحت أتیت رسول اللّه (ص) فأخبرته بما رأیت فقال: «إنّها لروَیا حق إن شاء اللّه، فقم مع بلال فالق علیه ما رأیت فلیوَذّن به، فانّه أندى صوتاً منک». فقمت مع بلال، فجعلت أُلقیه علیه و یوَذِّن به، قال: فسمع ذلک عمر بن الخطاب و هو فی بیته فخرج یجر رداءه و یقول: والذی بعثک بالحق یا رسول اللّه لقد رأیت مثل ما رأى، فقال رسول اللّه: (ص) فللّه الحمد»[2]
3. روی ابن ماجه: حدثنا أبو عبید محمد بن میمون المدنی، ثنا محمد بن سلمة الحرّانی، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن إبراهیم التیمی، عن محمد بن عبد اللّه بن زید عن أبیه، قال: کان رسول اللّه قد همَّ بالبوق، و أمر بالناقوس فنُحِتَ، فأُری عبد اللّه بن زید فی المنام ... إلخ.
4. روی ابن ماجه: حدثنا محمد بن خالد بن عبد اللّه الواسطی: ثنا أبی، عن عبد الرحمان بن إسحاق، عن الزهری، عن سالم، عن أبیه: أنّ النبی استشار الناس لما یهمّهم إلى الصلاة فذکروا البوق فکرهه من أجل الیهود، ثمّ ذکروا الناقوس فکرهه من أجل النصارى، فأُری النداء تلک اللیلة رجل من الانصار یقال عبد اللّه بن زید وعمر بن الخطاب ...
قال الزهری: و زاد بلال فی نداء صلاة الغداة: الصلاة خیر من النوم، فأقرّها رسول اللّه (ص)....[3]
5. روی الترمذی: حدثنا سعد بن یحیى بن سعید الاموی، حدثنا أبی، حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهیم بن الحارث التیمی، عن محمد بن عبد اللّه بن زید، عن أبیه قال: لمّا أصبحنا أتینا رسول اللّه فأخبرته بالروَیا ... إلخ.
6. قال الترمذی: و قد روى هذا الحدیث إبراهیم بن سعد عن محمد بن إسحاق أتمَّ من هذا الحدیث و أطول، ثم أضاف الترمذی: و عبد اللّه بن زید هو ابن عبد ربّه، و لا نعرف له عن النبی (ص) شیئاً یصحّ إلّا هذا الحدیث الواحد فی الاذان[4]
ندرس هذه الروایات متناً حتّى تتّضح الحقیقة، فنقول: إنّ هذه الروایات غیر صالحة للاحتجاج لجهات شتى:
الاولى: لا تتفق مع مقام النبوّة: إنّه سبحانه بعث رسوله لِاقامة الصلاة مع الموَمنین فی أوقات مختلفة. و طبع القضیة یقتضی أن یعلّمه سبحانه کیفیة تحقق هذه الا منیة. فلا معنى لتحیّر النبیّ أیاماً طویلة أو عشرین یوماً على ما فی الروایة الا ولى التی رواها أبو داود و هو لا یدری کیف یحقّق المسوَولیة الملقاة على عاتقه، فتارة یتوسّل بهذا، و أُخرى بذاک حتى یرشد إلى الاسباب والوسائل التی توَمِّن مقصوده، مع أنّه سبحانه یقول فی حقّه:" وَ کانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً" (النساء/ 113) و المقصود من الفضل هو العلم بقرینة ما قبله:" وَ عَلَّمَکَ ما لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ".
إنّ الصلاة و الصیام من الامور العبادیة و لیسا کالحرب و القتال الذی ربّما کان النبی یتشاور فیه مع أصحابه و لم یکن تشاوره فی کیفیة القتال عن جهله بالاصلح، و إنّما کان لَاجل جلب قلوبهم کما یقول سبحانه: " وَ لَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ" (آل عمران/ 159).
ألیس من الوهن فی أمر الدین أن تکون الروَیا و الاحلام و المنامات من أفراد عادیین، مصدراً لَامر عبادی فی غایة الاهمیة کالاذان والاقامة؟ ... إنّ هذا یدفعنا إلى القول بأنّ کون الروَیا مصدراً للَاذان أمر مکذوب على الشریعة. و من القریب جداً أنّ عمومة عبداللّه بن زید هم الذین أشاعوا تلک الروَیا و روّجوها، لتکون فضیلة لبیوتاتهم و قبائلهم. و لذلک نرى فی بعض المسانید أنّ بنی عمومته هم رواة هذا الحدیث، و أنّ من اعتمد علیهم انّما کان لحسن ظنّه بهم.
الثانیة: انّها متعارضة جوهراً: إنّ الروایات الواردة حول بدء الاذان و تشریعه متعارضة جوهراً من جهات:
1. إنّ مقتضى الروایة الا ولى (روایة أبی دواد) أنّ عمر بن الخطاب رأى الاذان قبل عبد اللّه بن زید بعشرین یوماً. ولکن مقتضى الروایة الرابعة (روایة ابن ماجة) أنّه رأى فی نفس اللیلة التی رأى فیها عبد اللّه بن زید.
2. إنّ روَیا عبد اللّه بن زید هو المبدأ للتشریع، و أنّ عمر بن الخطاب لمّا سمع الاذان جاء إلى رسول اللّه و قال: إنّه أیضاً رأى نفس تلک الروَیا و لم ینقلها إلیه استحیاءً.
3. إنّ المبدأ به، هو نفس عمر بن الخطاب، لا روَیاه لَانّه هو الذی اقترح النداء بالصلاة الذی هو عبارة أُخرى عن الاذان، روى الترمذی فی سننه و قال: کان المسلمون حین قدموا المدینة ... إلى أن قال: و قال بعضهم: اتّخذوا قرناً مثل قرن الیهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أوَلا تبعثون رجلًا ینادی بالصلاة؟ قال: فقال رسول اللّه (ص): یا بلال قم فناد بالصلاة، أی الاذان. نعم فسّر ابن حجر النداء بالصلاة ب «الصلاة جامعة»[5] و لا دلیل على هذا التفسیر. و رواه النسائی و البیهقی فی سننهما[6]
4. إنّ مبدأ التشریع هو نفس النبی الاکرم روى البیهقی: ... فذکروا أن یضربوا ناقوساً أو ینوّروا ناراً فأُمر بلال أن یشفع الاذان ویوتر الاقامة قال: و رواه البخاری عن محمد بن عبد الوهاب و رواه مسلم عن إسحاق بن عمار[7]
فمع هذا الاختلاف فی النقل کیف یمکن الاعتماد على هذه النقول.
الثالثة: انّ الرائی کان أربعة عشر شخصاً لا واحداً: یظهر ممّا رواه الحلبی أنّ الرائی للَاذان لم یکن منحصراً بابنی زید والخطاب، بل ادّعى أبو بکر أنّه أیضاً رأى نفس ما رأیاه و قیل: انّه ادّعى سبعة من الانصار، و قیل: أربعة عشر[8] کلّهم ادّعوا أنّهم رأوا فی الروَیا الاذان، و لیست الشریعة ورداً لکل وارد، فاذا کانت الشریعة و الاحکام خاضعة للروَیا و الاحلام فعلى الاسلام السلام فالرسول (ص) یستسقی تشریعاته من الوحی لا من أحلامهم.
الرابعة: التعارض بین نقلی البخاری وغیره: إنّ صریح صحیح البخاری أنّ النبی أمر بلالًا فی مجلس التشاور بالنداء للصلاة وعمر حاضر حین صدور الامر، فقد روى عن ابن عمر: کان المسلمون حین قدموا المدینة یجتمعون فیتحیّنون الصلاة، لیس ینادى لها فتکلّموا یوماً فی ذلک فقال بعضهم: اتّخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، و قال بعضهم: بل قرناً مثل قرن الیهود، فقال عمر: أوَ لا تبعثون رجلًا ینادی بالصلاة؟ فقال رسول اللّه: یا بلال قم فناد بالصلاة[9]
و صریح أحادیث الروَیا: أنّ النبی إنّما أمر بلالًا بالنداء عند الفجر إذ قصّ علیه ابن زید روَیاه ذلک بعد الشورى بلیلة فی أقل ما یتصوّر و لم یکن عمر حاضراً و إنّما سمع الاذان و هو فی بیته، خرج و هو یجر ثوبه و یقول: والذی بعثک بالحق یا رسول اللّه لقد رأیت مثل ما رأى.
و لیس لنا حمل ما رواه البخاری على النداء ب «الصلاة جامعة» و حمل أحادیث الروَیا على التأذین بالاذان، فانّه جمع بلا شاهد أوّلًا، و لو أمر النبی بلالًا برفع صوته ب «الصلاة جامعة» لحلّت العقدة ثانیاً، و رفعت الحیرة خصوصاً إذا کررت الجملة «الصلاة جامعة» و لم یبق موضوع للحیرة و هذا دلیل على أنّ أمره بالنداء، کان بالتأذین بالاذان المشروع[10]
هذه الوجوه الاربعة ترجع إلى دراسة مضمون الاحادیث و هی بوحدتها کافیة فی سلب الرکون علیها[11]
2. روى أبو داود: حدثنا محمد بن منصور الطوسی، ثنا یعقوب، ثنا أبی، عن محمد بن إسحاق، حدثنی محمد بن إبراهیم بن الحارث التیمی، عن محمد بن عبد اللّه بن زید بن عبد ربّه، قال: حدثنی أبی: عبد اللّه بن زید، قال: لمّا أمر رسول اللّه (ص) بالناقوس یعمل لیضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بی، و أنا نائم، رجل یحمل ناقوساً فی یده فقلت: یا عبد اللّه، أتبیع الناقوس؟ قال: و ما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلّک على ما هو خیر من ذلک؟ فقلت (له): بلى، قال: فقال تقول: اللّه أکبر، ... فلمّا أصبحت أتیت رسول اللّه (ص) فأخبرته بما رأیت فقال: «إنّها لروَیا حق إن شاء اللّه، فقم مع بلال فالق علیه ما رأیت فلیوَذّن به، فانّه أندى صوتاً منک». فقمت مع بلال، فجعلت أُلقیه علیه و یوَذِّن به، قال: فسمع ذلک عمر بن الخطاب و هو فی بیته فخرج یجر رداءه و یقول: والذی بعثک بالحق یا رسول اللّه لقد رأیت مثل ما رأى، فقال رسول اللّه: (ص) فللّه الحمد»[2]
3. روی ابن ماجه: حدثنا أبو عبید محمد بن میمون المدنی، ثنا محمد بن سلمة الحرّانی، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن إبراهیم التیمی، عن محمد بن عبد اللّه بن زید عن أبیه، قال: کان رسول اللّه قد همَّ بالبوق، و أمر بالناقوس فنُحِتَ، فأُری عبد اللّه بن زید فی المنام ... إلخ.
4. روی ابن ماجه: حدثنا محمد بن خالد بن عبد اللّه الواسطی: ثنا أبی، عن عبد الرحمان بن إسحاق، عن الزهری، عن سالم، عن أبیه: أنّ النبی استشار الناس لما یهمّهم إلى الصلاة فذکروا البوق فکرهه من أجل الیهود، ثمّ ذکروا الناقوس فکرهه من أجل النصارى، فأُری النداء تلک اللیلة رجل من الانصار یقال عبد اللّه بن زید وعمر بن الخطاب ...
قال الزهری: و زاد بلال فی نداء صلاة الغداة: الصلاة خیر من النوم، فأقرّها رسول اللّه (ص)....[3]
5. روی الترمذی: حدثنا سعد بن یحیى بن سعید الاموی، حدثنا أبی، حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهیم بن الحارث التیمی، عن محمد بن عبد اللّه بن زید، عن أبیه قال: لمّا أصبحنا أتینا رسول اللّه فأخبرته بالروَیا ... إلخ.
6. قال الترمذی: و قد روى هذا الحدیث إبراهیم بن سعد عن محمد بن إسحاق أتمَّ من هذا الحدیث و أطول، ثم أضاف الترمذی: و عبد اللّه بن زید هو ابن عبد ربّه، و لا نعرف له عن النبی (ص) شیئاً یصحّ إلّا هذا الحدیث الواحد فی الاذان[4]
ندرس هذه الروایات متناً حتّى تتّضح الحقیقة، فنقول: إنّ هذه الروایات غیر صالحة للاحتجاج لجهات شتى:
الاولى: لا تتفق مع مقام النبوّة: إنّه سبحانه بعث رسوله لِاقامة الصلاة مع الموَمنین فی أوقات مختلفة. و طبع القضیة یقتضی أن یعلّمه سبحانه کیفیة تحقق هذه الا منیة. فلا معنى لتحیّر النبیّ أیاماً طویلة أو عشرین یوماً على ما فی الروایة الا ولى التی رواها أبو داود و هو لا یدری کیف یحقّق المسوَولیة الملقاة على عاتقه، فتارة یتوسّل بهذا، و أُخرى بذاک حتى یرشد إلى الاسباب والوسائل التی توَمِّن مقصوده، مع أنّه سبحانه یقول فی حقّه:" وَ کانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً" (النساء/ 113) و المقصود من الفضل هو العلم بقرینة ما قبله:" وَ عَلَّمَکَ ما لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ".
إنّ الصلاة و الصیام من الامور العبادیة و لیسا کالحرب و القتال الذی ربّما کان النبی یتشاور فیه مع أصحابه و لم یکن تشاوره فی کیفیة القتال عن جهله بالاصلح، و إنّما کان لَاجل جلب قلوبهم کما یقول سبحانه: " وَ لَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ" (آل عمران/ 159).
ألیس من الوهن فی أمر الدین أن تکون الروَیا و الاحلام و المنامات من أفراد عادیین، مصدراً لَامر عبادی فی غایة الاهمیة کالاذان والاقامة؟ ... إنّ هذا یدفعنا إلى القول بأنّ کون الروَیا مصدراً للَاذان أمر مکذوب على الشریعة. و من القریب جداً أنّ عمومة عبداللّه بن زید هم الذین أشاعوا تلک الروَیا و روّجوها، لتکون فضیلة لبیوتاتهم و قبائلهم. و لذلک نرى فی بعض المسانید أنّ بنی عمومته هم رواة هذا الحدیث، و أنّ من اعتمد علیهم انّما کان لحسن ظنّه بهم.
الثانیة: انّها متعارضة جوهراً: إنّ الروایات الواردة حول بدء الاذان و تشریعه متعارضة جوهراً من جهات:
1. إنّ مقتضى الروایة الا ولى (روایة أبی دواد) أنّ عمر بن الخطاب رأى الاذان قبل عبد اللّه بن زید بعشرین یوماً. ولکن مقتضى الروایة الرابعة (روایة ابن ماجة) أنّه رأى فی نفس اللیلة التی رأى فیها عبد اللّه بن زید.
2. إنّ روَیا عبد اللّه بن زید هو المبدأ للتشریع، و أنّ عمر بن الخطاب لمّا سمع الاذان جاء إلى رسول اللّه و قال: إنّه أیضاً رأى نفس تلک الروَیا و لم ینقلها إلیه استحیاءً.
3. إنّ المبدأ به، هو نفس عمر بن الخطاب، لا روَیاه لَانّه هو الذی اقترح النداء بالصلاة الذی هو عبارة أُخرى عن الاذان، روى الترمذی فی سننه و قال: کان المسلمون حین قدموا المدینة ... إلى أن قال: و قال بعضهم: اتّخذوا قرناً مثل قرن الیهود، قال: فقال عمر بن الخطاب: أوَلا تبعثون رجلًا ینادی بالصلاة؟ قال: فقال رسول اللّه (ص): یا بلال قم فناد بالصلاة، أی الاذان. نعم فسّر ابن حجر النداء بالصلاة ب «الصلاة جامعة»[5] و لا دلیل على هذا التفسیر. و رواه النسائی و البیهقی فی سننهما[6]
4. إنّ مبدأ التشریع هو نفس النبی الاکرم روى البیهقی: ... فذکروا أن یضربوا ناقوساً أو ینوّروا ناراً فأُمر بلال أن یشفع الاذان ویوتر الاقامة قال: و رواه البخاری عن محمد بن عبد الوهاب و رواه مسلم عن إسحاق بن عمار[7]
فمع هذا الاختلاف فی النقل کیف یمکن الاعتماد على هذه النقول.
الثالثة: انّ الرائی کان أربعة عشر شخصاً لا واحداً: یظهر ممّا رواه الحلبی أنّ الرائی للَاذان لم یکن منحصراً بابنی زید والخطاب، بل ادّعى أبو بکر أنّه أیضاً رأى نفس ما رأیاه و قیل: انّه ادّعى سبعة من الانصار، و قیل: أربعة عشر[8] کلّهم ادّعوا أنّهم رأوا فی الروَیا الاذان، و لیست الشریعة ورداً لکل وارد، فاذا کانت الشریعة و الاحکام خاضعة للروَیا و الاحلام فعلى الاسلام السلام فالرسول (ص) یستسقی تشریعاته من الوحی لا من أحلامهم.
الرابعة: التعارض بین نقلی البخاری وغیره: إنّ صریح صحیح البخاری أنّ النبی أمر بلالًا فی مجلس التشاور بالنداء للصلاة وعمر حاضر حین صدور الامر، فقد روى عن ابن عمر: کان المسلمون حین قدموا المدینة یجتمعون فیتحیّنون الصلاة، لیس ینادى لها فتکلّموا یوماً فی ذلک فقال بعضهم: اتّخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، و قال بعضهم: بل قرناً مثل قرن الیهود، فقال عمر: أوَ لا تبعثون رجلًا ینادی بالصلاة؟ فقال رسول اللّه: یا بلال قم فناد بالصلاة[9]
و صریح أحادیث الروَیا: أنّ النبی إنّما أمر بلالًا بالنداء عند الفجر إذ قصّ علیه ابن زید روَیاه ذلک بعد الشورى بلیلة فی أقل ما یتصوّر و لم یکن عمر حاضراً و إنّما سمع الاذان و هو فی بیته، خرج و هو یجر ثوبه و یقول: والذی بعثک بالحق یا رسول اللّه لقد رأیت مثل ما رأى.
و لیس لنا حمل ما رواه البخاری على النداء ب «الصلاة جامعة» و حمل أحادیث الروَیا على التأذین بالاذان، فانّه جمع بلا شاهد أوّلًا، و لو أمر النبی بلالًا برفع صوته ب «الصلاة جامعة» لحلّت العقدة ثانیاً، و رفعت الحیرة خصوصاً إذا کررت الجملة «الصلاة جامعة» و لم یبق موضوع للحیرة و هذا دلیل على أنّ أمره بالنداء، کان بالتأذین بالاذان المشروع[10]
هذه الوجوه الاربعة ترجع إلى دراسة مضمون الاحادیث و هی بوحدتها کافیة فی سلب الرکون علیها[11]
لا يوجد تعليق