الجواب الاجمالي:
إنّ الشورى لم یکن مبدأً لنظام الحکم بعد الرسول، فلو کان كذلك لوجب على النبي التصریح به وبیان حدوده وخصوصیاته، فهل یصحّ سکوت النبی على أمر يتصل بجوهر مسألة الشورى، وقد جعل الشورى طریقاً إلى تعیین الحاکم؟
الجواب التفصيلي:
ربما یتصوّر بعض الکتاب الجدد انّ نظام الحکم فی الإسلام هو الشورى، وقد حاول غیر واحد من المعاصرین صبّ صیغة الحکومة الإسلامیة على أساس المشورة بجعله بمنزلة الاستفتاء الشعبی بملاحظة انّه لم یکن من الممکن بعد وفاة النبی مراجعة کلّ الأفکار لقلّة وسائل المواصلات فاکتفوا بالشورى، واستدلّوا علیه بآیتین کریمتین:
1. «وَ شاوِرْهُمْ فِی الأمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلى اللَّه»[1]
2. «و الَّذینَ استَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاة وأَمرُهُمْ شُورى بَیْنَهُمْ ومِمّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُون»[2]
هذه النظریة وإن کانت لها روعة خاصة خصوصاً وانّها تتجاوب مع روح العصر لکن الواقع على خلافها لما عرفت من أنّ عمر بن الخطاب أخذ بزمام الحکم بتعیین الخلیفة الأوّل، وانّ الثالث استتب له الأمر بشورى سداسیة عیّنها نفس الخلیفة، حتّى أنّ الخلیفة الأوّل أخذ زمام الحکم ببیعة نفرات قلیلة، وهم: عمر بن الخطاب وأبو عبیدة، من المهاجرین وبشر بن سعد، من الخزرج، وأسید بن حضیر من الأنصار، وأمّا الباقون من رجال الأوس لم یبایعوا أبا بکر إلّا تبعاً لرئیسهم «سعد بن حضیر»، کما أنّ الخزرجیین رغم حضورهم فی السقیفة، امتنعوا من البیعة لأبی بکر[3]
و قد غاب عن المجلس کبار الصحابة کالإمام علی علیه السلام والمقداد، وأبی ذر، وحذیفة بن الیمان، وأبی بن کعب، وطلحة، والزبیر وعشرات آخرین من الصحابة. دون أن یکون هناک شورى وإنّما وقعت الأُمّة أمام عمل مفروغ عنه.
و أحسن کلمة تعبر عن خلافة أبی بکر ما ذکره عمر ابن الخطاب بقوله: ... إنّما کانت بیعة أبی بکر فلتة وتمت، ألا وانّها قد کانت کذلک ولکن اللَّه وقى شرها، ولیس منکم من تقطع الأعناق إلیه مثل أبی بکر، من بایع رجلًا من غیر مشورة من المسلمین فلا یبایع هو ولا الذی بایعه، تغرّة ان یقتلا[4]
نقد کون الشورى مبدأ الحکم:
إنّ هنا أُموراً تثبت بوضوح على أنّ الشورى لم یکن مبدأً لنظام الحکم بعد رحیل الرسول، وإلیک الإشارة إلیها.
1. لو کان أساس الحکم هو الشورى، لوجب على الرسول صلى الله علیه وآله وسلم التصریح به أوّلًا، وبیان حدوده وخصوصیاته ثانیاً، بأن یبین من هم الذین یشارکون فی الشورى، هل هم القراء وحدهم، أو السیاسیون أو القادة العسکریون أو الجمیع؟ وما هی شرائط المنتخب؟ وأنّه لو حصل هناک اختلاف فی الشورى فما هو المرجح؟ هل هو کمیة الآراء وکثرتها، أو الرجحان بالکیفیة، وخصوصیات المرشحین وملکاتهم النفسیة والمعنویة؟
فهل یصحّ سکوت النبی صلى الله علیه وآله وسلم على الاجابة عن هذه الأسئلة التی تتصل بجوهر مسألة الشورى، وقد جعل الشورى طریقاً إلى تعیین الحاکم؟
2. انّ القوم یعبّرون عن أعضاء الشورى بأهل الحل والعقد، ولا یفسرونه بما یرفع إبهامه، فمن هم أهل الحل والعقد؟ وماذا یحلون وماذا یعقدون؟ أهم أصحاب الفقه والرأی الذین یرجع إلیهم الناس فی أحکام دینهم؟ وهل یشترط حینئذٍ درجة معینة من الفقه والعلم؟ وما هی تلک الدرجة؟ وبأی میزان توزن؟ ومن إلیه یرجع الأمر فی تقدیرها؟ أم غیرهم، فمن هم؟
و ربما تجد من یبدل کلمة أهل الحلّ والعقد ب «الأفراد المسؤولین» وما هو إلّا وضع کلمة مجملة مکان کلمة مثلها.
3. وعلى فرض کون الشورى أساس الحکم، فهل یکون انتخاب أعضاء الشورى ملزماً للأُمّة، لیس لهم التخلّف عنه؟ أو یکون بمنزلة الترشیح حتّى تعطی الأُمّة رأیها فیه؟ وما هو دلیل کلّ منهما؟
هذه الأسئلة کلّها، لا تجد لها جواباً فی الکتاب والسنّة ولا فی کتب المتکلّمین، ولو کانت مبدأً للحکم لما کان السکوت عنها سائغاً، بل لکان على عاتق التشریع الإسلامی الإجابة عنها وإضاءة طرقها.
4. انّ الحکومة الإسلامیة دعامة الدین وأساس نشر العدل والقسط فی المجتمع ودعوة الناس من الإدیان کافة إلى الإسلام إلى مالها من الفوائد العظیمة التی لا تدرک ولا توصف بالبیان.
فلو کانت صیغة الحکومة هی التنصیب فقد أدى التشریع الإسلامی وظیفته وجاز له السکوت عن البحث حول الحکومة وصیغتها وسائرالأُمور الراجعة إلیها، وأمّا لو کانت صیغة الحکومة من الشورى أو البیعة فلماذا لم یرد فی الکتاب والسنّة التصریح بذلک الأمر وبیان شرائط الشورى من المنتخِب والمنتخَب.
انّا نرى أنّه روی عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم حول القدر نحو 250 روایة، وحول آداب التخلی ما لا یحصى، وهکذا فی أکثر الأُمور العادیة النازلة مرتبة ومکانة، فهل من المعقول سکوت التشریع الإسلامی عن أمر بالغ الأهمیة والخطورة وإسهاب الکلام فی أُمور عادیة؟!
و أمّا الاستدلال بالآیتین الکریمتین فلا یصحّ تماماً فی المقام.
أمّا الآیة الأُولى:
أوّلًا: الخطاب فی قوله سبحانه: «وَ شاوِرْهُمْ فِی الأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّل عَلى اللَّه»[5]
متوجه إلى الحاکم الذی استقرت حکومته، فیأمره سبحانه أن ینتفع من آراء رعیته فأقصى ما یمکن التجاوز به عن الآیة، هو انّ من وظائف کلّ الحکام التشاور مع الأُمّة، وأمّا انّ الخلافة بنفس الشورى، فلا یمکن الاستدلال علیه بهذه الآیة.
و ثانیاً: انّ المتبادر من الآیة هو أنّ التشاور لا یوجب حکماً للحاکم، ولا یلزمه بشیء، بل هو یقلب وجوه الرأی ویستعرض الأفکار المختلفة، ثمّ یأخذ بما هو المفید فی نظره، وذلک لقوله سبحانه فی نفس الآیة: «فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّل عَلى اللَّه»، المعرب عن أنّ العزم والتصمیم والاستنتاج من الآراء والأخذ بما هو الأصلح راجع إلى نفس المشیر، وهذا یتحقّق فی ظرف یکون هناک مسؤول تام الاختیار فی استحصال الأفکار والعمل بالنافع منها، حتّى یخاطب بقوله: «فَإِذا عَزَمْتَ»، وأمّا إذا لم یکن ثمة رئیس، فلا تنطبق علیه الآیة، إذ لیس فی انتخاب الخلیفة بین المشیرین من یقوم بدعوة الأفراد للمشورة، لغایة استعراض آرائهم، ثمّ تمحیص أفکارهم، والأخذ بالنافع منها، ثمّ العزم القاطع علیه.
و کلّ ذلک یعرب عن أنّ الآیة ترجع إلى غیر مسألة الحکومة وما شابهها. ولأجل ذلک لم نر أحداً من الحاضرین فی السقیفة احتجّ بهذه الآیة.
و أمّا الآیة الثانیة:
فهی: قوله سبحانه: « وَالَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاة وأَمْرُهُمْ شُورى بَیْنَهُمْ ومِمّا رَزَقْنا هُمْ یُنْفِقُونَ»[6]
فیقرر کیفیة دلالتها على کون الشورى مبدأً للحکم بالبیان التالی:
أنّ المصدر (أمْر) أضیف إلى الضمیر (هُمْ)، وهو یفید العموم والشمول لکلّ أمر، ومنه الخلافة، فیعود معنى الآیة أنّ شأن المؤمنین فی کلّ موردٍ، شورى بینهم.
یلاحظ علیه: أنّ الآیة تأمر بالمشورة فی الأُمور المضافة إلى المؤمنین، وأمّا أنّ تعیین الخلیفة من الأُمور المضافة إلیهم، فهو أوّل الکلام، والتمسّک بالآیة فی هذا المجال، تمسّک بالحکم فی إثبات موضوعه.
و بعبارة أُخرى: إنّ الآیة حثّت على الشورى فیما یمتّ إلى شؤون المؤمنین بصلة، لا فیما هو خارج عن حوزة أُمورهم، أمّا کون تعیین الإمام داخلًا فی أُمورهم، فهو أوّل الکلام، إذ لا ندری هل هو من شؤونهم أو من شؤون اللَّه سبحانه، ولا ندری، هل هی إمرة وولایة إلهیة تتم بنصبه سبحانه وتعیینه، أو إمرة وولایة شعبیة، ویجوز للناس التدخّل فیها. ومع هذا التردید لا یصحّ التمسّک بالآیة[7]
1. «وَ شاوِرْهُمْ فِی الأمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلى اللَّه»[1]
2. «و الَّذینَ استَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاة وأَمرُهُمْ شُورى بَیْنَهُمْ ومِمّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُون»[2]
هذه النظریة وإن کانت لها روعة خاصة خصوصاً وانّها تتجاوب مع روح العصر لکن الواقع على خلافها لما عرفت من أنّ عمر بن الخطاب أخذ بزمام الحکم بتعیین الخلیفة الأوّل، وانّ الثالث استتب له الأمر بشورى سداسیة عیّنها نفس الخلیفة، حتّى أنّ الخلیفة الأوّل أخذ زمام الحکم ببیعة نفرات قلیلة، وهم: عمر بن الخطاب وأبو عبیدة، من المهاجرین وبشر بن سعد، من الخزرج، وأسید بن حضیر من الأنصار، وأمّا الباقون من رجال الأوس لم یبایعوا أبا بکر إلّا تبعاً لرئیسهم «سعد بن حضیر»، کما أنّ الخزرجیین رغم حضورهم فی السقیفة، امتنعوا من البیعة لأبی بکر[3]
و قد غاب عن المجلس کبار الصحابة کالإمام علی علیه السلام والمقداد، وأبی ذر، وحذیفة بن الیمان، وأبی بن کعب، وطلحة، والزبیر وعشرات آخرین من الصحابة. دون أن یکون هناک شورى وإنّما وقعت الأُمّة أمام عمل مفروغ عنه.
و أحسن کلمة تعبر عن خلافة أبی بکر ما ذکره عمر ابن الخطاب بقوله: ... إنّما کانت بیعة أبی بکر فلتة وتمت، ألا وانّها قد کانت کذلک ولکن اللَّه وقى شرها، ولیس منکم من تقطع الأعناق إلیه مثل أبی بکر، من بایع رجلًا من غیر مشورة من المسلمین فلا یبایع هو ولا الذی بایعه، تغرّة ان یقتلا[4]
نقد کون الشورى مبدأ الحکم:
إنّ هنا أُموراً تثبت بوضوح على أنّ الشورى لم یکن مبدأً لنظام الحکم بعد رحیل الرسول، وإلیک الإشارة إلیها.
1. لو کان أساس الحکم هو الشورى، لوجب على الرسول صلى الله علیه وآله وسلم التصریح به أوّلًا، وبیان حدوده وخصوصیاته ثانیاً، بأن یبین من هم الذین یشارکون فی الشورى، هل هم القراء وحدهم، أو السیاسیون أو القادة العسکریون أو الجمیع؟ وما هی شرائط المنتخب؟ وأنّه لو حصل هناک اختلاف فی الشورى فما هو المرجح؟ هل هو کمیة الآراء وکثرتها، أو الرجحان بالکیفیة، وخصوصیات المرشحین وملکاتهم النفسیة والمعنویة؟
فهل یصحّ سکوت النبی صلى الله علیه وآله وسلم على الاجابة عن هذه الأسئلة التی تتصل بجوهر مسألة الشورى، وقد جعل الشورى طریقاً إلى تعیین الحاکم؟
2. انّ القوم یعبّرون عن أعضاء الشورى بأهل الحل والعقد، ولا یفسرونه بما یرفع إبهامه، فمن هم أهل الحل والعقد؟ وماذا یحلون وماذا یعقدون؟ أهم أصحاب الفقه والرأی الذین یرجع إلیهم الناس فی أحکام دینهم؟ وهل یشترط حینئذٍ درجة معینة من الفقه والعلم؟ وما هی تلک الدرجة؟ وبأی میزان توزن؟ ومن إلیه یرجع الأمر فی تقدیرها؟ أم غیرهم، فمن هم؟
و ربما تجد من یبدل کلمة أهل الحلّ والعقد ب «الأفراد المسؤولین» وما هو إلّا وضع کلمة مجملة مکان کلمة مثلها.
3. وعلى فرض کون الشورى أساس الحکم، فهل یکون انتخاب أعضاء الشورى ملزماً للأُمّة، لیس لهم التخلّف عنه؟ أو یکون بمنزلة الترشیح حتّى تعطی الأُمّة رأیها فیه؟ وما هو دلیل کلّ منهما؟
هذه الأسئلة کلّها، لا تجد لها جواباً فی الکتاب والسنّة ولا فی کتب المتکلّمین، ولو کانت مبدأً للحکم لما کان السکوت عنها سائغاً، بل لکان على عاتق التشریع الإسلامی الإجابة عنها وإضاءة طرقها.
4. انّ الحکومة الإسلامیة دعامة الدین وأساس نشر العدل والقسط فی المجتمع ودعوة الناس من الإدیان کافة إلى الإسلام إلى مالها من الفوائد العظیمة التی لا تدرک ولا توصف بالبیان.
فلو کانت صیغة الحکومة هی التنصیب فقد أدى التشریع الإسلامی وظیفته وجاز له السکوت عن البحث حول الحکومة وصیغتها وسائرالأُمور الراجعة إلیها، وأمّا لو کانت صیغة الحکومة من الشورى أو البیعة فلماذا لم یرد فی الکتاب والسنّة التصریح بذلک الأمر وبیان شرائط الشورى من المنتخِب والمنتخَب.
انّا نرى أنّه روی عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم حول القدر نحو 250 روایة، وحول آداب التخلی ما لا یحصى، وهکذا فی أکثر الأُمور العادیة النازلة مرتبة ومکانة، فهل من المعقول سکوت التشریع الإسلامی عن أمر بالغ الأهمیة والخطورة وإسهاب الکلام فی أُمور عادیة؟!
و أمّا الاستدلال بالآیتین الکریمتین فلا یصحّ تماماً فی المقام.
أمّا الآیة الأُولى:
أوّلًا: الخطاب فی قوله سبحانه: «وَ شاوِرْهُمْ فِی الأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّل عَلى اللَّه»[5]
متوجه إلى الحاکم الذی استقرت حکومته، فیأمره سبحانه أن ینتفع من آراء رعیته فأقصى ما یمکن التجاوز به عن الآیة، هو انّ من وظائف کلّ الحکام التشاور مع الأُمّة، وأمّا انّ الخلافة بنفس الشورى، فلا یمکن الاستدلال علیه بهذه الآیة.
و ثانیاً: انّ المتبادر من الآیة هو أنّ التشاور لا یوجب حکماً للحاکم، ولا یلزمه بشیء، بل هو یقلب وجوه الرأی ویستعرض الأفکار المختلفة، ثمّ یأخذ بما هو المفید فی نظره، وذلک لقوله سبحانه فی نفس الآیة: «فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّل عَلى اللَّه»، المعرب عن أنّ العزم والتصمیم والاستنتاج من الآراء والأخذ بما هو الأصلح راجع إلى نفس المشیر، وهذا یتحقّق فی ظرف یکون هناک مسؤول تام الاختیار فی استحصال الأفکار والعمل بالنافع منها، حتّى یخاطب بقوله: «فَإِذا عَزَمْتَ»، وأمّا إذا لم یکن ثمة رئیس، فلا تنطبق علیه الآیة، إذ لیس فی انتخاب الخلیفة بین المشیرین من یقوم بدعوة الأفراد للمشورة، لغایة استعراض آرائهم، ثمّ تمحیص أفکارهم، والأخذ بالنافع منها، ثمّ العزم القاطع علیه.
و کلّ ذلک یعرب عن أنّ الآیة ترجع إلى غیر مسألة الحکومة وما شابهها. ولأجل ذلک لم نر أحداً من الحاضرین فی السقیفة احتجّ بهذه الآیة.
و أمّا الآیة الثانیة:
فهی: قوله سبحانه: « وَالَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاة وأَمْرُهُمْ شُورى بَیْنَهُمْ ومِمّا رَزَقْنا هُمْ یُنْفِقُونَ»[6]
فیقرر کیفیة دلالتها على کون الشورى مبدأً للحکم بالبیان التالی:
أنّ المصدر (أمْر) أضیف إلى الضمیر (هُمْ)، وهو یفید العموم والشمول لکلّ أمر، ومنه الخلافة، فیعود معنى الآیة أنّ شأن المؤمنین فی کلّ موردٍ، شورى بینهم.
یلاحظ علیه: أنّ الآیة تأمر بالمشورة فی الأُمور المضافة إلى المؤمنین، وأمّا أنّ تعیین الخلیفة من الأُمور المضافة إلیهم، فهو أوّل الکلام، والتمسّک بالآیة فی هذا المجال، تمسّک بالحکم فی إثبات موضوعه.
و بعبارة أُخرى: إنّ الآیة حثّت على الشورى فیما یمتّ إلى شؤون المؤمنین بصلة، لا فیما هو خارج عن حوزة أُمورهم، أمّا کون تعیین الإمام داخلًا فی أُمورهم، فهو أوّل الکلام، إذ لا ندری هل هو من شؤونهم أو من شؤون اللَّه سبحانه، ولا ندری، هل هی إمرة وولایة إلهیة تتم بنصبه سبحانه وتعیینه، أو إمرة وولایة شعبیة، ویجوز للناس التدخّل فیها. ومع هذا التردید لا یصحّ التمسّک بالآیة[7]
لا يوجد تعليق