1. إنّ الوهابیین وخلافاً لعقیدة المذاهب الإسلامیة یعتبرون التوسّل بأولیاء الله شرک، والشخص المتوسّل بهذه الذوات المقدّسة مشرکاً ومهدور الدم، وهذه العقیدة المنحرفة جرت الویلات والثبور على المسلمین فی إراقة دماء الجمع الغفیر منهم، ونسمع ونرى کلّ یوم فی کلّ مکان من البلاد الإسلامیة أنّ هناک دماء بریئة تسفک من وراء هذه العقیدة المنحرفة، وکذلک تشویه الوجه الناصع للإسلام والمسلمین فی العالم وتزاید النفور والإنزجار منه ممّا أدى بالقنوات الإعلامیة المسموم إلى اتخاذ هذه الأعمال وسیلة للتوهین ومحاربة الإسلام، ومن الواضح أنّ التوسّل بأولیاء الله هو جعله وساطة فیض والشفیع عند الله تبارک وتعالى، ولهذا العمل والتوسّل جذور قرآنیة لأنّ الأنبیاء الإلهیین قاموا بأعمال کبیرة فی حلّ مشکلات الناس ویقضی حاجاتهم ویستغفر لهم بإذن الله تعالى، وبالأخص فإنّ الله تعالى أمر المسلمین أن یذهبوا إلى رسول الله ویسألوه أن یستغفر لهم الله.
2. یستفاد من الروایات المستفیضة والحوادث التاریخیة الثابتة أنّ المسلمین کانوا فی حیاة رسول الله(صلى الله علیه وآله) یأتون إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله)ویطلبون منه الدعاء والاستغفار، فیستجیب الله تعالى لهم ویشفعون عنده; وذلک من أجل مکانتهم المقدسة وذواتهم الطاهرة أو یلتمسون منه قضاء الحاجات.
3. ومن المعلوم أنّ التوسّل الحاصل للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) بعد وفاته أکثر من زمن حیاته الشریفة وببرکة مقامه الکریم قضى الله حاجات الناس وکشف عنهم کرباتهم.
4. إنّ المسلمین مضافاً إلى توسّلهم بالنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، توسّلوا فی مهمات حیاتهم بأولیاء الله الآخرین، وذلک أنّ التوسّل بأولیاء الله لیس معناه أنّهم مستقلون فی التأثیر والسببیة عن الله عزّ وجلّ، لأنّ الله تعالى مسبب الأسباب، وأنّ أولیاء الله بسبب مقاماتهم المعنویة وقربهم من الله وعبودیتهم الخالصة یمکن أن یکونوا واسطة الفیض الإلهی، وببرکة دعائهم عند الله وشفاعتهم لدیه یقضى للناس حاجاتهم ویکشف عنهم المهمات من کرباتهم ویستغفر لهم عظیم ذنوبهم.
5. إنّ الخطأ الفضیع والمشین الذی وقع فیه الوهابیون هو اعتقادهم أنّ التوسّل بأولیاء الله بعد الموت یعتبر خلافاً للشرع ولا یجوز، ولأنّ الموت نهایة الإنسان وانقطاعه عن العالم الدنیا فهم لا یسمعون توسّلات المتوسّلین ولا یردون إلیهم الجواب، وقلنا فی جوابهم:
أولاً: لو فرضنا أنّهم انقطعوا عنّا بعد موتهم ولا یعلمون بما نحن فیه من الحالات، وأقل ما یقال إنّ عملهم بالتوسّل بأولیاء الله لا فائدة ولا جدوى فیه، لا أنّه شرک والقائل به مشرک.
ثانیاً: إنّ الموت لیس بمعنى الفناء والهلاک، بل إنّ الموت هو انتقال من دار إلى دار أو من حال إلى حال ومن عالم الدنیا إلى عالم الآخرة.
ثالثاً: یستفاد من الروایات الکثیرة أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) یسمع سلامنا ویردّ جوابنا، وتدلّ کلّ هذه الحقیقة على أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) عالِم بحالنا وعارف بمشاکلنا ولا یزال لطفه وکرمه ساری فی حقّ الاُمّة.
6. ذکر فی الأبحاث السابقة، أنّ الغایة من التوسّل، هو أنّ التوسّل بأولیاء الله هو طلب استجابة دعاء من أقرب الطرق، وکذلک من غایته أمر الله تعالى بالتوسّل بأولیائه وذلک من ألطافه لطف علیهم لمقامهم الشامخ ومنحهم الأجر والثواب لما تحمّلوه من أعباء الرسالة الشاقّة فی هدایة الناس.
تبیّن ممّا ذکرنا أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) هو حبیب الله ونبیّه الکریم وقد ذکره الله تعالى فی قرآنه باجلال وتبجیل کامل وأجاز توسّل الاُمّة به لدى الله سبحانه وتعالى.
7. وأخیراً، أنّ التوسّل لیس شرکاً فحسب، بل عین التوحید وحقیقته، لأنّه یقع فی طریق إطاعة أوامر الله تبارک وتعالى، ویعلم المتوسّل بولی الله أنّ هذا الولی أو الأولیاء العظام هم واسطة الفیض ومواطن رحمة الله الواسعة فقط، والذی یتخیل أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله)وولی الله لا یستطیع القیام بعمل بعد موته یجب علیه أن یستغفر الله ویرجع من عقیدته إلى أحضان الدین والمفاهیم الإسلامیة الصحیحة ویتصل بجمع المسلمین المطیعین ویرفع الید عن الخلافات الموهومة والأهداف المشؤومة والعنف البغیض وسفک الدماء وکلّ ذلک باسم الإسلام والدین.
إلهنا خذ بأیدینا إلى ما فیه رضاک ورحمتک ورضا رسولک وأولیائک إنّک سمیع مجیب، ولا تجعلنا مع الذین بدلوا دینک ونصبوا العداوة لنبیّک وآله الطاهرین وأصحابه المؤمنین آمین رب العالمین.
الختام