النوع الآخر من التوسّل، هو توسّل الإنسان بأولیاء الله بأن یدعوا له عند الله، أو یستغفروا له من ذنوبه عند الله، وقد ورد مثل هذا نوع من التوسّل فی القرآن الکریم بصراحة تامة:
أ) عندما اُبتلی بنی إسرائیل وتاهوا فی الصحراء، خاطبوا موسى(علیه السلام): (یَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَام وَاحِد فَادْعُ لَنَا رَبَّکَ یُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الاَْرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا...)(1).
فطلب بنی إسرائیل من موسى(علیه السلام) أن یتوسط لهم عند الله أن یطعمهم ممّا تنبت الأرض من البقول والخضار وغیرها ویرفع عنهم هذه المشکلة: ولهذا لم یقل موسى فی جوابهم: أیّها القوم! هذا الطلب شرک! فاطلبوا من الله فحسب! بل قال موسى(علیه السلام) فی جوابهم: (... قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى بِالَّذِى هُوَ خَیْرٌ...، ثم أضاف: ... اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَکُمْ مَا سَأَلْتُمْ...).
ب) عندما وقف أبناء یعقوب على خطئهم قالوا لأباهم: (... یَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا کُنَّا خَاطِئِینَ).
فأجابهم یعقوب(علیه السلام): (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَکُمْ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ)(2).
وعلى أیّة حال فإنّ الإنسان المذنب یتمکن أن یتوسّل بأولیاء الله فی طلب المغفرة له من الله تبارک وتعالى.
ج) یقول الله تعالى للمذنبین أن یتوسّلوا برسول الله(صلى الله علیه وآله) لیستغفر لهم الله من ذنوبهم وخطایاهم، لأنّ التوسل بالنّبی والاستشفاع به إلى الله، وطلب الاستغفار منه لمغفرة المعاصی، مؤثر وموجب لقبول التوبة وشمول الرحمة الإلهیّة: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوکَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِیماً)(3).
وعلى هذا الأساس فإنّ أحد طرق غفران الذنوب والسیئات هو التوسّل برسول الله(صلى الله علیه وآله)، وبذلک أوصى الله تبارک وتعالى المؤمنین.
فهذه الآیات صریحة فی مسألة التوسّل بالأنبیاء والأولیاء لقضاء الحاجات ورفع الملمات وکشف الکروبات وغفران الذنوب وأمثال ذلک.

(1) . سورة البقرة، الآیة 61.
(2) . سورة یوسف، الآیة 97 و 98.
(3) . سورة النساء، الآیة 64.