إنّ الله تبارک وتعالى ذکر نبیّه الکریم(صلى الله علیه وآله) باجلال وتبجیل فی عدّة موارد من القرآن، وأمر المؤمنین بذلک وحثّهم علیه، فمن المعلوم أنّ توسّل المؤمنین بمثل هذا الشخص الجلیل مصداق بارز فی معنى التبجیل والتکریم والتعظیم.
لقد أقسم الله تبارک وتعالى فی القرآن بعمر النبی(صلى الله علیه وآله) وحیاته حیث قال: (لَعَمْرُکَ إِنَّهُمْ لَفِى سَکْرَتِهِمْ یَعْمَهُونَ)(1).
ویقول الله تعالى فی إرضاء النبی(صلى الله علیه وآله) وسروره: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِکَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّیَنَّکَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ...)(2).
وحسب تعبیر المفسّر المعروف لأهل السنّة الفخر الرازی: إنّ الله تعالى ما قال: «قبلة أرضاها» بل قال: «قبلة ترضاها»؟ وکأن الله تعالى قال: یا محمّد کلّ أحد یطلب رضای، وأنا أطلب رضاک فی الدارین»، هذا فی الدنیا کما ذکرت الآیة فی مسألة القبلة أمّا فی الآخرة قال تعالى: (وَلَسوفَ یُعطِیکَ رَبُّکَ فَتَرضى)(3) وهی الشفاعة للاُمّة(4).
وکان رسول الله(صلى الله علیه وآله) حبیباً لله تعالى إلى درجة أنّ الله وملائکته یصلّون علیه دائماً کما ورد فی القرآن الکریم: (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِیماً)(5).
وکذلک إذا استغفر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لأحد من أصحابه فإنّ الله تعالى یغفر له: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوکَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِیماً)(6).
وعلى أیّة حال، فإنّ التوسّل بمثل هذه الشخصیة العظیمة والمقربة عند الله واتخاذه وسیلة إلیه أمر مقبول ومحمود ومرغوب فیه عند الله، لأنّ کلّ هذه الأمور فی النهایة ترجع إلى الله تعالى ومن أعلى مراتب التوحید.
وکذلک لا شک فی صحة التوسّل بالأئمّة الطاهرین من أهل بیت النبی(صلى الله علیه وآله)الذین هم عباد الله الصالحین، وقرابتهم من رسول الله(صلى الله علیه وآله)مقرّبون لساحة القدس الإلهی، فالتوسّل بهم لاستجابة الدعاء ورفع المشکلات وقضاء الحاجات بإذن الله تعالى لا إشکال فیه.