وللإجابة عن هذه النظریة لابدّ من القول:
أولاً: تعریف التوسّل لغةً، واصطلاحاً، ثم دراسة معنى التوسل فی القرآن والسنّة.
یقول اللغوی المعروف خلیل بن أحمد: «وسّلتُ إلى ربّی وسیلة، أی عملت عملاً أتقرّب به إلیه وتوسّلتُ إلى فلان بکتاب أو قرابة أی تقرّبت به إلیه»(1).
ویقول لغوی آخر ابن منظور: «توسّل إلیه بوسیلة إذا تقرّب إلیه بعمل» ثم ینقل عن الجوهری قوله: «الوسیلة ما یُتقرّب به إلى الغیر»(2).
وعلیه فإنّ التوسل الاستفادة من شیء للتقرّب إلى شیء آخر،والتوسّل إلى الله عزّ وجلّ أیضاً بمعنى الاستفادة من الأمور المشروعة لأجل التقرّب إلى الله تعالى، وذلک القیام بأعمال الحسنة تقرّباً إلیه تعالى.
أمّا التوسّل بأولیاء الله بمعنى جعلهم شفعاء عند الله تعالى، «فالتوسّل الذی یدعو إلیه القرآن الکریم هو التوسّل بالوسیلة التی تقرّبنا إلى الله، بمعنى أن هؤلاء یقومون بالشفاعة عند الله، کما ذکرنا ذلک فی بحث الشفاعة»(3).
وطبعاً من الواضح أنّ التوسل بأولیاء الله لا یعنی أنّ قضاءهم للحاجات وکشفهم للکربات یتحقق منهم على نحو الاستقلال والتأثیر المباشر، مع أنّ ما نقصده من التوسّل لیس بهذا المعنى، بل الاستمداد منهم ذلک بسبب قربهم وعبودیتهم الخالصة عند الله تبارک وتعالى، مثلاً أن یطلبوا من الله تعالى أن یرفعوا عنا مشاکلنا وأنّ یغفر الله تعالى ذنوبنا وذلک بإذن الله تعالى، وبالإذن التکوینی من الله أن یرفعوا عنّا مشاکلنا، الخطأ والدوامة التی وقع فیه الوهابیون أنّهم اعتبروا التوسّل هو الطلب بالمستقل والتأثیر المباشر، وجعل أولیاء الله فی عرض الله تعالى فی رفع المشکلات وقضاء الحاجات دون طلب الإذن والمعونة من الله تبارک وتعالى.

(1) . کتاب العین، ج7، ص 298، مادة التوسّل.
(2) . لسان العرب، ج 11، ص 724، مادة وسل.
(3) . آیة الله العظمى مکارم الشیرازی، ردود وشبهات، ص 187.