الجواب الاجمالي:
صحیح أنّ الظلمة المطلقة أمر عدمی، ولکن الأمر العدمی ـ فی ظروف خاصّة ـ یکون نابعاً من أمر وجودی، أی إذا أراد الشخص أن یوجد ظلمة مطلقة فی ظروف خاصّة لهدف معیّن، لابدّ أن یکون قد استعمل لذلک وسائل وجودیة،
الجواب التفصيلي:
إن الله تعالى یشیر فی الآیة 1 من سورة «الأنعام» إلى خلق النور، والظلام، ویقول: إنّ «النّور» من مخلوقات الله، فإنّ «الظلمة» کذلک من مخلوقاته، مع أنّ الفلاسفة والمختصّین بالعلوم الطبیعیة یعرفون أنّ الظلمة هی انعدام النّور، ولهذا فلا یمکن اطلاق صفة «المخلوق» على المعدوم، إذن کیف تعتبر الآیة المذکورة الظلمة من المخلوقات؟
فی ردّ هذا الإعتراض نقول:
أوّلا: الظّلمة لیس تعنی دائماً الظلام المطلق، بل کثیراً ما تطلق على النّور الضعیف جدّاً بالمقارنة مع النّور القوی، فنحن جمیعاً نقول - مثلا - لیل مظلم، مع العلم بأنّ ظلام اللیل لیس ظلاماً مطلقاً، بل هو مزیج من نور النجوم الضعیف أو مصادر اُخرى للنور، وعلى هذا یکون مفهوم الآیة هو أنّ الله جعل لکم نور النهار وظلام اللیل، فالأوّل نور قوی والآخر نور ضعیف جدّاً وواضح أنّ الظلمة، بهذا المعنى، تکون من المخلوقات.
وثانیاً: صحیح أنّ الظلمة المطلقة أمر عدمی، ولکن الأمر العدمی ـ فی ظروف خاصّة ـ یکون نابعاً من أمر وجودی، أی إذا أراد الشخص أن یوجد ظلمة مطلقة فی ظروف خاصّة لهدف معیّن، لابدّ أن یکون قد استعمل لذلک وسائل وجودیة، فإذا أردنا أن نجعل الغرفة مظلمة لتحمیض صورة ـ مثلا ـ فعلینا أن نمنع النّور لکی تحصل الظلمة فی تلک اللحظة المعیّنة، وظلمة هذا شأنها ظلمة مخلوقة (مخلوقة بالتبع).
وإذا لم یکن (العدم المطلق) مخلوقاً، فإنّ (العدم الخاص) له نصیب من الوجود، وهو مخلوق(1)
لا يوجد تعليق