شريعة الرحمة - المعارف الإسلامية والاجابة عن الشبهات الكلامية

لا شكّ أن الشفاعة حقيقة نطقت بها نصوص القرآن الكريم، وتواترت في السُنّة النبوية المطهّرة، وأكدها علماء الاِسلام في دراساتهم العقيدية. ومن هنا فلا يسعُ مسلماً إنكارها، فهناك دلائل تاريخية توضّح اهتمام المسلمين في عصر الرسول (ص) بطلب شفاعته لهم يوم القيامة، فقد روي عن أنس بن مالك عن أبيه قوله: سألت النبي (ص) أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل» قال، قلتُ: يارسول الله فأين أطلبك ؟، فقال: «إطلبني أول ما تطلبني على الصراط»

1. تشیر الاحادیث الإسلامیة وسیرة المسلمین إلى جواز طلب الشفاعة، ووجودها فی زمن النبی (صلى الله علیه وآله).
فقد روی عن أنس بن مالک أنه قال:  سألت النبی (صلى الله علیه وآله) أن یشفع لی یوم القیامة، فقال: أنا فاعل، قال: قلت یا رسول الله فأین أطلبک؟ فقال: اطلبنی أول عندما تطلبنی على الصراط(1).
فالسائل یطلب من النبی الأعظم، الشفاعة دون أن یخطر بباله أن هذا الطلب یصطدم مع أصول العقیدة.
2. سواد بن قارب، أحد أصحاب النبی (صلى الله علیه وآله) یخاطبه ویقول: فکن لی شفیعا یوم لا ذو شفاعة بمغن فتیلا عن سواد بن قارب(2).
3. روى أصحاب السیر والتاریخ: أن رجلا من قبیلة حمیر عرف أنه سیولد فی أرض مکة نبی الإسلام الأعظم (صلى الله علیه وآله)، ولما خاف أن لا یدرکه، کتب رسالة وسلمها لأحد أقاربه حتى یسلمها إلى النبی (صلى الله علیه وآله) حینما یبعث، ومما جاء فی تلک الرسالة قوله:  "وإن لم أدرک فاشفع لی یوم القیامة ولا تنسنی"(3) ولما وصلت الرسالة إلى ید النبی (صلى الله علیه وآله) قال:  "مرحبا بتبع الأخ الصالح"  فإن وصف النبی (صلى الله علیه وآله) لطالب الشفاعة بالأخ الصالح، أوضح دلیل على أنه أمر لا یتعارض وأصول العقیدة(4).
4. روى المفید عن ابن عباس أن أمیر المؤمنین (علیه السلام) لما غسل النبی (صلى الله علیه وآله) وکفنه کشف عن وجهه وقال:  "بأبی أنت وأمی طبت حیا وطبت میتا... اذکرنا عند ربک"(5).
وقال الرضی فی نهج البلاغة: لما فرغ أمیر المؤمنین (علیه السلام) من تغسیل النبی (صلى الله علیه وآله) قال کلاما وفی آخره: بأبی أنت وأمی طبت حیا وطبت میتا أذکرنا عند ربک(6).
5. روی أنه لما توفی النبی (صلى الله علیه وآله) أقبل أبو بکر فکشف عن وجهه ثم أکب علیه فقبله وقال:  "بأبی أنت وأمی طبت حیا ومیتا اذکرنا یا محمد عند ربک ولنکن من بالک"(7).
وهذا استشفاع بالنبی (صلى الله علیه وآله) فی دار الدنیا بعد موته. وکان یستعمل العرب تعبیر  "واذکرنی عند ربک" فی باب طلب الشفاعة.
وجاء فی قصة یوسف (علیه السلام) إنه طلب من الذی ظنّ أنه ناج منها وقال: (اذْکُرْنِی عِنْدَ رَبِّکَ)(8)، وعن مصعب الأسلمی قال انطلق غلام منا فأتى النبی (صلى الله علیه وآله) فقال إنی سائلک سؤالا قال وما هو قال أسألک أن تجعلنی ممن تشفع له یوم القیامة قال من مرک هذا أو من علمک هذا أو من دلک على هذا قال ما أمرنی به أحد الا نفسی قال فإنک ممن اشفع له یوم القیامة(9).