الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
إنّ الإرادة المتعلّقة بالإیجاد و التکوین، إرادة تکوینیة؛ و هی لا تنفک عن المراد إذا کان المرید هو اللَّه سبحانه کقوله سبحانه: «إِنَّما أمره إذا أراد شیئاً أَنْ یقول لهُ کُنْ فَیَکُون»(1)
فخلق السماوات و الأرض مراد بإرادة کونیة.
وأمّا الطلب الموجّه إلى البشر، الحاکی عن تعلّق إرادته سبحانه بقیام الناس بالوظائف فهی إرادة تشریعیة؛ و لم یکتب علیها عدم التفکیک، فانّه سبحانه أراد الطاعة من الإنسان، وکم هناک إنسان کافر أو عاص للَّه سبحانه.
و هذا التقسیم ممّا لا غبار علیه.
إنّما الکلام هو فی الإرادة الواردة فی آیة التطهیر و أنّها من أیالقسمین، والأُستاذ (محمد الآلوسی) ذهب إلى أنّها تشریعیة(2) و لکن الدلیل یسوقنا إلى أنّها کونیة، و ذلک لأنّها إذا کانت تشریعیة کان من لوازمها انّها لاتختص بفئة دون فئة، بدلیل أنّه سبحانه أراد التطهیر و التطهّر من کلّ شین و رین و طلبه من جمیع الناس، من دون تخصیص و حصر. قال سبحانه:
«وَ لِکْن یُرِیدُ لِیُطَهّرَکُمْ وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُم»(3)
«وَ یُنَزّلُ عَلَیْکُمْ منَ السَّمَاءِ مَاءً لِیُطَهّرَکُم بهِ»(4)
«إِنّ اللَّهَ یُحِبُّ التّوابینَ و یُحِبُّ المُتَطَهّرِینَ»(5)
«فیه رِجَالٌ یُحِبُّون أَنْ یَتَطَهّروا و اللَّهُ یُحِبُّ المُتَطَهِّرِینَ»(6)
و حبّه سبحانه علامة بعثه و طلبه، و إرادته التشریعیة المتعلّقة بتطهیر کل المؤمنین عامة، لا جماعة خاصة.
و سؤالنا هو: لو کانت الإرادة الواردة فی الآیة المبحوثة کالإرادة الواردة فی هذه الآیات فما هو وجه التخصیص بأُمورخمسة:
ألف: بدأ قوله سبحانه بحرف «إنّما» المفیدة للحصر.
ب: قدم الظرف و قال: «لیذهب عنکم الرجس» و لم یقل لیذهب الرجسَ عنکم، و ذلک لأجل أنّ التقدیم یفید التخصیص.
ج: بیّن من تعلّقت الإرادة بتطهیرهم بصیغة الاختصاص و قال: «أهل البیت» أی أخصُّکم أهل البیت مثل قول النبی (صلى الله علیه و آله و سلم): «نحن معاشر الأنبیاء...» وقول قائلهم: نحن العرب أسخى من بَذَل.
د: أکد المطلوب بتکریر الفعل و قال: «و یطهّرکم» الذی هو تأکید لمعنى إذهاب الرجس المتقدّم علیه.
ه: أرفقه بالمفعول المطلق و قال: «تطهیراً».
فهذه الوجوه الخمسة، آیة أنّ هذه الإرادة إرادة خاصّة بأهل البیت لا یشارکهم فیها أحد من الأُمّة، و إلّا لکانت تلک العنایة البالغة فی مجال التخصیص و الاختصاص لغواً مضراً بالبلاغة، وغیر لائقة بکلام ربّالعزة.
ثمّ إنّ تعلّق إرادته التکوینیة بطهارة أهل البیت من الذنب لیس بأمر جدید، فقد جاء نظیره فی مریم سلام اللَّه علیها، قال اللَّه سبحانه: «إنّ اللَّهَ اصطَفَاکِ وَ طَهّرکِ و اصْطَفَاکِ على نِسَاء العَالَمِینَ»(7)
و لیس هذا الإصطفاء و التطهیر بالإرادة التشریعیّة، فانّ مریم و غیرها أمام هذه الإرادة سواسیة، بل هناک إرادة خاصّة تعلّقت بمریم دون غیرها فطهرتها من الذنوب و حصّنتها من اقتراف المعاصی(8)
لا يوجد تعليق