الجواب الاجمالي:
ان اعلام الطائفة یستدلّون بالآیة الشریفة وحدیثها هذا على أنَّ الفعل القلیل لا یبطل الصلاة ، وأنَّ صدقة التطوّع تُسمّى زکاةً ، ویعدّونها بذلک من آیات الأحکام; وذلک ینمُّ عن اتِّفاقهم على صحّة الحدیث .
الجواب التفصيلي:
ادّعى ابن تیمیة: قد وضع بعض الکذّابین حدیثاً مفترىً : أنّ هذه الآیة : (إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ ءَامَنُواْ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ)(1) نزلت فی علیّ لمّا تصدّق بخاتمه فی الصلاة ، وهذا کذب بإجماع أهل العلم بالنقل(2).
ثمّ استدلَّ على کذب القول به بأوهام وتافهات طالما یکرِّر أمثالها تجاه النصوص ، کما سبق منه فی حدیث ردِّ الشمس(3) ، ویأتی عنه(4) فی آیة التطهیر و (قُل لاَّ أَسْـألُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ ا لْمَوَدَّةَ فِى ا لْقُرْبَى)(5)، وفی حدیث المؤاخاة وأمثالها من الصحاح الّتی تأتی .
الجواب: ما کنتُ أدری أنَّ القحّة تبلغ بالإنسان إلى أن ینکر الحقائق الثابتة ، ویزعم أنَّ ما خرّجته الأئمّة والحفّاظ وأنهوا أسانیده إلى مثل أمیر المؤمنین ، وابن عبّاس ، وأبی ذرّ ، وعمّار ، وجابر الأنصاری ، وأبی رافع ، وأنس بن مالک ، وسلمة بن کهیل ، وعبدالله بن سلام ، ممّا قام الإجماع على کذبه ; فهو کبقیّة إجماعاته المدّعاة لیس له مقیل من مستوى الصدق .
لیت شعری کیف یعزو الرجل إلى أهل العلم إجماعهم على کذب الحدیث وهم یستدلّون بالآیة الشریفة وحدیثها هذا على أنَّ الفعل القلیل لا یبطل الصلاة ، وأنَّ صدقة التطوّع تُسمّى زکاةً ، ویعدّونها بذلک من آیات الأحکام(6); وذلک ینمُّ عن اتِّفاقهم على صحّة الحدیث .
ویشهد لهذا الاتِّفاق : أنَّ من أراد المناقشة فیه من المتکلّمین قصرها على الدلالة فحسب من دون أیِّ غمز فی السند ، وفیهم من أسنده إلى المفسّرین عامّة مشفوعاً بما عنده من النقد الدلالیّ ; فتلک دلالة واضحة على إطباق المفسّرین والمتکلّمین والفقهاء على صدور الحدیث .
أضف إلى ذلک إخراج الحفّاظ وحملة الحدیث له فی مدوّناتهم مخبتین إلیه وفیهم من نصّ على صحّته ; فانظر إذن أین یکون مستوى إجماع ابن تیمیّة؟! وأین استقلَّ اُولئک المجمعون من أدیم الأرض؟! ولک الحکم الفاصل .
وإلیک أسماء جمع ممّن أخرج الحدیث أو أخبت إلیه :
1 ـ أبو جعفر الإسکافی المعتزلی ، المتوفّى (240)، فی رسالته الّتی ردّ بها على الجاحظ(7).
2 ـ الحافظ أبو عبدالرحمن النسائی صاحب السنن، المتوفّى (303)، فی صحیحه .
3 ـ ابن جریر الطبری ، المتوفّى (310) ، فی تفسیره(8) بعدّة طرق .
4 ـ الحافظ أبو بکر الجصّاص الرازی ، المتوفّى (370) ، فی أحکام القرآن(9) ، بعدّة طرق .
5 ـ أبو القاسم جار الله الزمخشریّ الحنفیّ ، المتوفّى (538)، فی الکشّاف(10).
وقال :
فإن قلت : کیف صحَّ أن یکون لعلیٍّ(رضی الله عنه) واللفظ لفظ جماعة؟ قلت : جیء به على لفظ الجمع ، وإن کان السبب فیه رجلاً واحداً لیرغب الناس فی مثل فعله ، فینالوا مثل ثوابه .
6 ـ الحافظ أبو القاسم ابن عساکر الدمشقیّ ، المتوفّى (571) ، فی تاریخ الشام(11)بعدّة طرق .
7 ـ عزّ الدین ابن أبی الحدید المعتزلی ، المتوفّى (655) ، فی شرح نهج البلاغة(12).
8 ـ القاضی ناصر الدین البیضاوی الشافعیّ ، المتوفّى (685) ، فی تفسیره(13).
لا يوجد تعليق