الجواب الاجمالي:
کلّ ما ورد من الثناء على المهاجرین والأنصار فی الکتاب العزیز فانّما هو ثناء على مجموعهم لا على کلّ فرد فرد منهم وإن تبیّن فسقه وبانت زلّته، وکم له فی الذکر الحکیم من نظیر:
1- انّه سبحانه أثنى على بنی إسرائیل فی غیر واحد من الآیات وقال: «یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اذْکُرُوا نِعْمَتِی الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْکُمْ وَأَنِّی فَضَّلْتُکُمْ عَلَى الْعَالَمِینَ»
2- وقال تعالى: «وَلَقَدْ آتَیْنَا بَنِی إِسْرَائِیلَ الْکِتَابَ وَالْحُکْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِینَ»
أفیصح لأحد أن یستدلّ بهذه الآیات على تنزیه کلّ فرد من بنی إسرائیل؟!
الجواب التفصيلي:
یقول الشیخ صالح الدرویش(1) فی صلح الحدیبیة کلاماً ما هذا ملخصه : انّ النبیّ سار بالسابقین والأنصار، وعددهم ألف و أربعمائة مقاتل و قامت قریش بالاستعداد لمنعهم من دخول مکة.
و فی أرض الحدیبیة بایع المهاجرون والأنصار رسول الله و هی بیعة الرضوان ذکرها المولى سبحانه، قال تعالى:
«لقد رَضِیَ الله عَنِ الْمُؤْمنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرة فَعَلِمَ ما فِی قُلُوبِهمْ فَأَنْزَلَ السّکینَة عَلَیْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَریباً»(2)
فقد رضی الله عن کلّ فرد منهم بایع تحت الشجرة مکان البیعة، والطاعنون فی أصحاب رسول الله حاروا فیها، و عجز خیالهم ولکن المراء و الجدال و اتّباع الهوى منع الناس من اتّباع الحقّ(3)
المناقشة :
(1) انّ المدح، جمعی لا آحادیّ، کیف وقد شارک فیها عبد الله بن أُبیّ رأس النفاق وأذنابه!!
(وکلّ ما ورد من الثناء على المهاجرین و الأنصار فی الکتاب العزیز فانّما هو ثناء على مجموعهم لا على کلّ فرد فرد منهم و إن تبیّن فسقه و بانت زلّته، وکم له فی الذکر الحکیم من نظیر:
1- انّه سبحانه أثنى على بنی إسرائیل فی غیر واحد من الآیات وقال: «یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اذْکُرُوا نِعْمَتِی الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْکُمْ وَأَنِّی فَضَّلْتُکُمْ عَلَى الْعَالَمِینَ»(4).
2- وقال تعالى: «وَلَقَدْ آتَیْنَا بَنِی إِسْرَائِیلَ الْکِتَابَ وَ الْحُکْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِینَ»(5).
أفیصح لأحد أن یستدلّ بهذه الآیات على تنزیه کلّ فرد من بنی إسرائیل؟!
3- و قال تعالى فی حق أُمّة نبیّنا: «کُنْتُمْ خَیْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ»(6).
فالآیة تصف الأُمّة المرحومة بأنّها خیر أُمّة ولکنّها لیست بصالحة للاستدلال على صلاح کلّ مسلم و فلاحه.
و نحن لم نزل نسمع من کلّ من یحاول إثبات عدالة کلّ صحابی، الاستدلال بهذه الآیات ولکنّهم غفلوا عن نکات:
الأُولى: انّ الآیات نزلت فی حقّ المهاجرین والأنصار فأین هی من الأعراب والطلقاء والمرتدّین والمنافقین المندسّین فی الصحابة؟!
الثانیة: انّها ثناء على مجموعة و لا یخص کلّ فرد فرد منهم، فإذا أثنى الشاعر على الأُمّة العربیة فانّما یرید المجموعة من الأُمّة لا کلّ فرد فرد حتّى أولئک الخونة الذین باعوا الأراضی الإسلامیة بثمن زهید)(7)
(2) انّ رضاه سبحانه محدد بزمان البیعة حیث قال: «لقَد رَضِی الله عَنِ الْمؤْمِنینَ إِذْ یُبایِعُونکَ»، فلا یستدل به على الفترات التالیة التی عاشوا فیها، فإنّ الأُمور بخواتیمها، لا بأوائلها(8)
إنّ هؤلاء الذین أخذ الشیخ یمدحهم لبلوغهم الغایة فی الصدق والإخلاص، صاروا من المعترضین على النبی فی الصلح مع قریش فی أرض الحدیبیة، و إن کنت فی شکّ من ذلک فاقرأ ما کتبه ابن هشام و غیره حول صلح الحدیبیة قال: فلمّا التأم الأمر و لم یبق إلّا الکتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بکر فقال: یا أبا بکر، ألیس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمین؟ قال: بلى؛ قال: أو لیسوا بالمشرکین؟ قال: بلى؛ قال: فعلام نُعطی الدّنیّة فی دیننا؟ قال أبوبکر: یا عمر، الزم غرزه(9)، فإنّی أشهد أنّه رسول الله؛ قال عمر: و أنا أشهد أنّه رسول الله؛ ثمّ أتى رسول الله- صلَّى الله علیه و آله و سلَّم- فقال: یا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: بلى؛ قال: أولسنا بالمسلمین؟ قال: بلى؛ قال: أو لیسوا بالمشرکین؟ قال: بلى؛ قال: فعلام نُعطی الدنیة فی دیننا؟ قال: أنا عبد الله و رسوله، و لن أُخالف أمره، و لن یضیّعنی! قال: فکان عمر یقول: ما زلت أتصدق و أصوم و أُصلّی و أُعتق، من الذی صنعتُ یومئذٍ! مخافة کلامی الذی تکلمت به، حتّى رجو ت أن یکون خیراً(10)
هؤلاء هم الذین حضروا صلح الحدیبیة، و هذا مبلغ تسلیمهم لرسول الله و قد قال سبحانه: « فَلا و رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ حَتّى یُحَکِّمُوکَ فِیما شَجَرَ بَینَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً ممّا قَضَیت وَ یُسَلّمُوا تَسْلیماً»(11)
فمن یصف عمل الرسول بإعطاء الدنیّة فی الدین، کیف یعدّ من المسلِّمین لأمره و نهیه؟!(12)
لا يوجد تعليق