الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
إنّ الخضوع والتذلّل، حتّى إظهار نهایة التذلّل، لا یساوی العبادة، ولا یعدّ حداً منطقیاً لها، بشهادة أنّ خضوع الولد أمام والده، والتلمیذ أمام أُستاذه، والجندیُّ أمام قائده، لیس عبادة لهم وإن بالغوا فی الخضوع والتذلّل حتّى ولو قبّل الولدُ قدمَ الوالدین، فلا یعد عمله عبادة، لأنّ اللَّه سبحانه یقول: « واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمةٍ»[1]
و أوضح دلیل على أنّ الخضوع المطلق وإن بلغ النهایة لا یعدّ عبادة هو أنّه سبحانه أمر الملائکة بالسجود لآدم وقال: « وإذْ قُلنا لِلمَلائِکةِ اسْجُدوا لآدَمَ»[2]
وآدم کان مسجوداً له ککونه سبحانه مسجوداً له، مع أنّ الأول لم یکن عبادة وإلّا لم یأمر بها سبحانه، إذ کیف یأمر بعبادة غیره وفیالوقت نفسه ینهى عنها بتاتاً فی جمیع الشرائع من لدن آدم علیه السلام إلى الخاتم صلى الله علیه وآله، ولکن الثانی- أی الخضوع للَّه- عبادة.
واللَّه سبحانه یصرّح فی أکثر من آیة بأنّ الدعوة إلى عبادة اللَّه سبحانه، والنهی عن عبادة غیره، کانت أصلًا مشترکاً بین جمیع الأنبیاء، قال سبحانه: « ولَقدْ بَعثنا فی کُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أنِ اعبدُوا اللَّهَ واجْتنِبوا الطّاغوتَ»[3]
وقال سبحانه: «وَما أرسَلنا مِنْ قَبلِکَ مِنْ رَسولٍ إلّا نُوحی إلیهِ أنَّهُ لا إلهَ إلّا أنَا فَاعْبُدونِ»[4]
وفی موضع آخر من الکتاب یعدّ سبحانه التوحید فی العبادة: الأصل المشترک بین جمیع الشرائع السماویة، إذ یقول: «قل یا أهْلَ الکِتابِ تَعالَوْا إلى کَلِمةٍ سَواءٍ بَینَنا وبَینَکمْ ألّا نَعْبدَ إلّااللَّهَ ولا نُشرِکَ بهِ شَیئاً»[5]
ومعه کیف یأمر بسجود الملائکة لآدم الذی هو من مصادیق الخضوع النهائی؟ وهذا الإشکال لایندفع إلّا بنفی کون الخضوع عبادة، ببیان أنّ للعبادة مقوّماً لم یکن موجوداً فی سجود الملائکة لآدم.
و لم یکن آدم فحسب هو المسجود له بأمره سبحانه، بل یوسف الصدّیق کان نظیره؛ فقد سجد له أبواه وإخوته، وتحقّق تأویل رؤیاه بنفس ذلک العمل، قال سبحانه حاکیاً عن لسان یوسف علیه السلام: «إنّی رأیتُ أحدَ عشَر کوکباً والشَّمسَ والقَمَر رأَیتُهُمْ لی ساجِدِینَ»[6]
کما یحکی تحقّقه بقوله سبحانه: «و رَفعَ أبَویهِ عَلَى العَرشِ وخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وقالَ یا أبَتِ هذا تَأْویلُ رُؤْیایَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلها رَبِّی حَقّاً»[7]
ومعه کیف یصحّ تفسیر العبادة بالخضوع أو نهایته؟
إنّه سبحانه أمر جمیع المسلمین بالطواف بالبیت الذی لیس هو إلّاحجراً وطیناً، کما أمر بالسعی بین الصفا والمروة، قال سبحانه: «وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالبَیتِ العَتِیقِ»[8]
و قال سبحانه: «إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَیتَ أوِ اعْتَمَر فَلا جُناحَ عَلَیهِ أنْ یَطَّوَّفَ بِهِما»[9]
فهل ترى أنّ الطواف حول التراب والجبال والحجر عبادة لهذه الأشیاء بحجّة أنّه خضوع لها؟!
إنّ شعار المسلم الواقعی هو التذلّل للمؤمن والتعزّز على الکافر، قال سبحانه: «فَسَوْفَ یأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ ویُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنینَ أعِزَّةٍ عَلى الکافِرینَ»[10]
فمجموع هذه الآیات وجمیع مناسک الحج یدلّان بوضوح على أنّ مطلق الخضوع والتذلّل لیس عبادة. ولو فسّرها أئمة اللغة بالخضوع والتذلّل، فقد فسّروها بالمعنى الأوسع، فلا محیص حینئذٍ عن القول بأنّ العبادة لیست إلّا نوعاً خاصاً من الخضوع. ولو سُمّی فی بعض الموارد مطلق الخضوع عبادة، فإنّما سُمّی من باب المبالغة والمجاز، یقول سبحانه: «أَرأَیتَ مَنِ اتَّخَذَ إلهَهُ هَواهُ أفأَنتَ تَکونُ عَلیهِ وَکیلًا»[11]
فکما أنّ إطلاق اسم الإله على الهوى مجاز فکذا تسمیة متابعة الهوى عبادة له، ضرب من المجاز.
ومن ذلک یعلم مفاد قوله سبحانه: «ألَمْ أعْهَدْ إلَیکُمْ یا بَنی آدمَ أنْ لا تَعبُدوا الشَّیطانَ إنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ* وأنِ اعْبُدُونِی هذا صِراطٌ مُستقیمٌ»[12]
فإنّ مَنْ یتَّبِع قولَ الشَّیطان فیتساهل فی الصلاة والصیام، ویترک الفرائض أو یشرب الخمر ویرتکب الزنا، فإنّه بعمله هذا یقترف المعاصی؛ لا أنّه یعبده کعبادة اللَّه، أو کعبادة المشرکین للأصنام، ولأجل ذلک لا یکون مشرکاً محکوماً علیه بأحکام الشرک، وخارجاً عن عداد المسلمین، مع أنّه من عبدة الشیطان لکن بالمعنى الوسیع الأعمّ من الحقیقی والمجازیّ.
وربما یتوسّع فی إطلاق العبادة فتطلق على مطلق الإصغاء لکلام الغیر، وفی الحدیث: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن کان الناطق یؤدّی عن اللَّه عزّ وجلّ فقد عبد اللَّه، وإن کان الناطق یؤدّی عن الشیطان فقد عبد الشیطان»[13].[14]
و أوضح دلیل على أنّ الخضوع المطلق وإن بلغ النهایة لا یعدّ عبادة هو أنّه سبحانه أمر الملائکة بالسجود لآدم وقال: « وإذْ قُلنا لِلمَلائِکةِ اسْجُدوا لآدَمَ»[2]
وآدم کان مسجوداً له ککونه سبحانه مسجوداً له، مع أنّ الأول لم یکن عبادة وإلّا لم یأمر بها سبحانه، إذ کیف یأمر بعبادة غیره وفیالوقت نفسه ینهى عنها بتاتاً فی جمیع الشرائع من لدن آدم علیه السلام إلى الخاتم صلى الله علیه وآله، ولکن الثانی- أی الخضوع للَّه- عبادة.
واللَّه سبحانه یصرّح فی أکثر من آیة بأنّ الدعوة إلى عبادة اللَّه سبحانه، والنهی عن عبادة غیره، کانت أصلًا مشترکاً بین جمیع الأنبیاء، قال سبحانه: « ولَقدْ بَعثنا فی کُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أنِ اعبدُوا اللَّهَ واجْتنِبوا الطّاغوتَ»[3]
وقال سبحانه: «وَما أرسَلنا مِنْ قَبلِکَ مِنْ رَسولٍ إلّا نُوحی إلیهِ أنَّهُ لا إلهَ إلّا أنَا فَاعْبُدونِ»[4]
وفی موضع آخر من الکتاب یعدّ سبحانه التوحید فی العبادة: الأصل المشترک بین جمیع الشرائع السماویة، إذ یقول: «قل یا أهْلَ الکِتابِ تَعالَوْا إلى کَلِمةٍ سَواءٍ بَینَنا وبَینَکمْ ألّا نَعْبدَ إلّااللَّهَ ولا نُشرِکَ بهِ شَیئاً»[5]
ومعه کیف یأمر بسجود الملائکة لآدم الذی هو من مصادیق الخضوع النهائی؟ وهذا الإشکال لایندفع إلّا بنفی کون الخضوع عبادة، ببیان أنّ للعبادة مقوّماً لم یکن موجوداً فی سجود الملائکة لآدم.
و لم یکن آدم فحسب هو المسجود له بأمره سبحانه، بل یوسف الصدّیق کان نظیره؛ فقد سجد له أبواه وإخوته، وتحقّق تأویل رؤیاه بنفس ذلک العمل، قال سبحانه حاکیاً عن لسان یوسف علیه السلام: «إنّی رأیتُ أحدَ عشَر کوکباً والشَّمسَ والقَمَر رأَیتُهُمْ لی ساجِدِینَ»[6]
کما یحکی تحقّقه بقوله سبحانه: «و رَفعَ أبَویهِ عَلَى العَرشِ وخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وقالَ یا أبَتِ هذا تَأْویلُ رُؤْیایَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلها رَبِّی حَقّاً»[7]
ومعه کیف یصحّ تفسیر العبادة بالخضوع أو نهایته؟
إنّه سبحانه أمر جمیع المسلمین بالطواف بالبیت الذی لیس هو إلّاحجراً وطیناً، کما أمر بالسعی بین الصفا والمروة، قال سبحانه: «وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالبَیتِ العَتِیقِ»[8]
و قال سبحانه: «إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَیتَ أوِ اعْتَمَر فَلا جُناحَ عَلَیهِ أنْ یَطَّوَّفَ بِهِما»[9]
فهل ترى أنّ الطواف حول التراب والجبال والحجر عبادة لهذه الأشیاء بحجّة أنّه خضوع لها؟!
إنّ شعار المسلم الواقعی هو التذلّل للمؤمن والتعزّز على الکافر، قال سبحانه: «فَسَوْفَ یأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ ویُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنینَ أعِزَّةٍ عَلى الکافِرینَ»[10]
فمجموع هذه الآیات وجمیع مناسک الحج یدلّان بوضوح على أنّ مطلق الخضوع والتذلّل لیس عبادة. ولو فسّرها أئمة اللغة بالخضوع والتذلّل، فقد فسّروها بالمعنى الأوسع، فلا محیص حینئذٍ عن القول بأنّ العبادة لیست إلّا نوعاً خاصاً من الخضوع. ولو سُمّی فی بعض الموارد مطلق الخضوع عبادة، فإنّما سُمّی من باب المبالغة والمجاز، یقول سبحانه: «أَرأَیتَ مَنِ اتَّخَذَ إلهَهُ هَواهُ أفأَنتَ تَکونُ عَلیهِ وَکیلًا»[11]
فکما أنّ إطلاق اسم الإله على الهوى مجاز فکذا تسمیة متابعة الهوى عبادة له، ضرب من المجاز.
ومن ذلک یعلم مفاد قوله سبحانه: «ألَمْ أعْهَدْ إلَیکُمْ یا بَنی آدمَ أنْ لا تَعبُدوا الشَّیطانَ إنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ* وأنِ اعْبُدُونِی هذا صِراطٌ مُستقیمٌ»[12]
فإنّ مَنْ یتَّبِع قولَ الشَّیطان فیتساهل فی الصلاة والصیام، ویترک الفرائض أو یشرب الخمر ویرتکب الزنا، فإنّه بعمله هذا یقترف المعاصی؛ لا أنّه یعبده کعبادة اللَّه، أو کعبادة المشرکین للأصنام، ولأجل ذلک لا یکون مشرکاً محکوماً علیه بأحکام الشرک، وخارجاً عن عداد المسلمین، مع أنّه من عبدة الشیطان لکن بالمعنى الوسیع الأعمّ من الحقیقی والمجازیّ.
وربما یتوسّع فی إطلاق العبادة فتطلق على مطلق الإصغاء لکلام الغیر، وفی الحدیث: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن کان الناطق یؤدّی عن اللَّه عزّ وجلّ فقد عبد اللَّه، وإن کان الناطق یؤدّی عن الشیطان فقد عبد الشیطان»[13].[14]
لا يوجد تعليق