الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
قد غلب استعمال لفظ الشیعة بعد عصر الرسول تبعاً له فیمن یوالی علیّاً و أهل بیته و یعتقد بإمامته و وصایته، و یظهر ذلک من خلال کلمات المؤرّخین و أصحاب المقالات والتی نشیر إلى بعضها:
1- روى المسعودی فی حوادث وفاة النبی: أنّ الإمام علیّاً أقام و من معه من شیعته فی منزله بعد ان تمّت البیعة لأبی بکر[1]
2- قال أبو مخنف: اجتمعت الشیعة فی منزل سلیمان بن صرد فذکروا هلاک معاویة فحمدنا اللَّه علیه فقال: إنّ معاویة قد هلک، وأنّ حسیناً قد تقبّض على القوم ببیعته، وقد خرج إلى مکّة وأنتم شیعته وشیعة أبیه[2]
3- وقال محمّد بن أحمد بن خالد البرقی (ت 274 ه): إنّ أصحاب علیّ ینقسمون إلى الأصحاب، ثمّ الأصفیاء، ثمّ الأولیاء، ثمّ شرطة الخمیس... ومن الأصفیاء سلمان الفارسی، و المقداد، و أبوذر، و عمّار، و أبو لیلى، و شبیر، و أبوسنان، و أبوعمرة، و أبو سعید الخدری، و أبو برزة، و جابر بن عبد اللَّه، و البراء بن عازب، و طرفة الأزدی[3]
4- و قال النوبختی (ت 313 ه): إنّ أوّل فرق الشیعة، و هم فرقة علیّ بن أبیطالب، المسمّون شیعة علیّ فی زمان النبیّ وبعده، معروفون بانقطاعهم إلیه و القول بإمامته[4]
5- و قال أبو الحسن الأشعری: و إنّما قیل لهم الشیعة؛ لأنّهم شایعوا علیّاً، و یقدّمونه على سائر أصحاب رسول اللَّه[5]
6- و قال الشهرستانی: الشیعة هم الذین شایعوا علیّاً على الخصوص، و قالوا بإمامته و خلافته نصّاً و وصیّةً[6]
7- و قال ابن حزم: و من وافق الشیعة فی أنّ علیّاً أفضل الناس بعد رسول اللَّه و أحقّهم بالإمامة، و ولده من بعده، فهو شیعیّ، و إن خالفهم فیما عدا ذلک ممّا اختلف فیه المسلمون، فإن خالفهم فیما ذکرنا فلیس شیعیّاً[7]
هذا غیض من فیض و قلیل من کثیر ممّا جاء فی کلمات المؤرّخین و أصحاب المقالات، تعرب عن أنّ لفیفاً من الأُمّة فی حیاة الرسول و بعده إلى عصر الخلفاء و بعدهم کانوا مشهورین بالتشیّع لعلیّ، و أنّ لفظة الشیعة ممّا نطق بها الرسول و تبعته الأُمّة فی ذلک.
و إنّ الإمام علیاً و إن تسامح و تساهل فی أخذ حقّه- تبعاً لمصالح عظیمة مکنونة فی مثل هذا التصرّف الحکیم- إلّا أنّ حقیقة استخلاف النبیّ له أمست فکرة عقائدیة ثابتة فی النفوس و القلوب، و تضاعف عدد المؤمنین بها و المتشیّعین له على مرور الأیام، و رجع الکثیر من المسلمین إلى الماضی القریب، و احتشدت فی أذهانهم صور عن مواقف النبیّ صلى الله علیه و آله، تلک المواقف التی کان یصرّح فیها باستخلاف علیّ من بعده تارة، و یلمّح فیها أُخرى، فالتفّوا حول علیّ علیه السلام و أصبحوا من الدعاة الأوفیاء له فی جمیع المراحل التی مرّ بها، و ما زال التشیّع ینمو و ینتشر بین المسلمین فی الأقطار المختلفة، یدخلها مع الإسلام جنباً إلى جنب، بل أنّ حقیقته استحکمت من خلال التطبیق العملی لهذا الاستخلاف عبر السنوات القصیرة التی تولّى فیها الإمام علیّ منصب الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفّان، فشاعت بین المسلمین أحادیث استخلافه، ووجد الناس من سیرته وزهده وحکمته ما أکّد لهم صحّة تلک المرویّات، و أنّه هو المختار لقیادة الأُمّة و حمایة القرآن و نشر تعالیمه و مبادئه.[8]
وإذا کان العنصر المقوّم لإطلاق عبارة الشیعة هو مشایعة علیّ بعد النبیّ الأکرم فی الزعامة والوصایة أوّلًا، و فی الفعل و الترک ثانیاً؛ فإنّه من غیر المنطقی محاولة افتراض علّة اجتماعیة أو سیاسیة أو کلامیة لتکوّن هذه الفرقة[9]
لا يوجد تعليق